بعد إنجاح «الطبخة» مع قيادة البيت الأبيض، أطلق العدوان عنان حقده على اليمنيين لتنفيذ مخطط إخضاع اليمن والسيطرة عليه، اعتمد المخطط في أول ضرباته على شل قدرة الجهاز الدفاعي اليمني في مساراته الثلاثة: البرية والجوية والبحرية، فكثف من استهدافه لهذه القطاعات في بنيتها التحتية وكادرها البشري، ثم تحولت مباشرة للمؤسسات ذات العلاقة بها لضمان عدم تمكنها من استعادة قدرتها والوقوف من جديد.
نال الدفاع البحري- رغم بساطة ما كان عليه من إمكانيات- النصيب الكافي من الاستهداف الأمر الذي تسبب في تحييده بصورة شبه كاملة.
وبالنظر إلى دلالات وما يعنيه تدمير القدرات البحرية للقوات المسلحة، يتضح أن أفق مخطط شل القدرة الدفاعية البحرية للجيش اليمني كان أكثر اتساعا، اذ يأتي في سياق المطامع الأمريكية الصهيونية للسيطرة على البحر الأحمر، وظهور قوة جديدة في اليمن ترفض الانخراط في حالة الارتهان التي عليها بقية الأنظمة الموالية كان من الطبيعي إعطاء هذا الأمر حيزا كبيرا من الاهتمام بالتدمير الكلي.
ورغم ذلك نجحت القوة البحرية وبالإمكانات الشحيحة في الوصول إلى العدو وضربه غير مرة، غير أن هذه الامتحانات الضعيفة لم تكن مؤهلة لأن تمثل عامل ردع لأهل المطامع من الغزاة والمحتلين.
في الاستعراض العسكري الذي أقامته بمناسبة العيد الثامن لـ21 من سبتمبر كشفت القوات المسلحة اليمنية عن أسلحة استراتيجية جديدة لم يتم الكشف عنها من قبل، بعضها دخل الخدمة قريباً وبعضها جربت ولم تستخدم بعد، اذ تم إزاحة الستار عن صواريخ زوارق بحرية محلية الصنع هي:
زورق «عاصف1»، الذي يتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة، وله القدرة على حمل أسلحة متوسطة وخفيفة كـ (رشاش عيار 14،5 وكاتيوشا 107) و4 أفراد مع عتادهم، وله مهام قتالية متعددة منها الإغارة على الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة.
زورق «عاصف 3»، الذي يُعتبر من أسرع الزوارق وله قدرة فائقة على المناورة، وحمل أسلحة متوسطة ودفاع جوي كـ(مدفع وعيار 23) و6 أفراد مع عتادهم، وله مهام قتالية متعددة منها اعتراض الأهداف البحرية المتحركة واقتحام السفن.
زورق ملاح القتالي محلي الصنع الذي يتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة، والقدرة على حمل أسلحة متوسطة كـ (رشاش عيار 12،7 وعيار 14،5 وآر بي جي) و6 أفراد مع عتادهم، وله مهام قتالية متعددة منها الإغارة على الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة.
زورق عاصف 2 من زوارق الحرب الإلكترونية محلي الصنع، له مهام استطلاعية واستخباراتية متعددة ويحمل بعض أجهزة الحرب الإلكترونية والرصد والاستطلاع والتشويش على رادارات واتصالات العدو.
زورق طوفان1 هجومي مسيَّر محلي الصنع، يحمل رأساً حربياً 150 كجم، ويتميز بصغر حجمه وسرعته العالية وقدرته الفائقة على التخفي عن أجهزة العدو، تصل سرعته إلى 35 ميلاً بحرياً في الساعة، ويستخدم لاستهداف الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة القريبة ويعتبر جزءاً من الأسلحة الدفاعية عن السواحل والجزر اليمنية.
زورق طوفان2 هجومي مسيَّر محلي الصنع، يحمل رأساً حربياً 400 كجم، ويتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة والتخفي عن أجهزة العدو، تصل سرعته إلى 41 ميلاً بحرياً في الساعة، ويستخدم في استهداف الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة ومداه أكبر.
زورق طوفان3 هجومي مسيَّر محلي الصنع، يحمل رأساً حربياً 500 كجم، يتميز بانسيابيته وسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة والتخفي عن أجهزة العدو، تصل سرعته إلى 52 ميلاً بحرياً في الساعة، يستخدم لاستهداف الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة البعيدة وفي جميع الظروف البحرية.
صاروخ البحر الأحمر «مطور من صاروخ سعير»، باليستي أرض – بحر- متوسط المدى، يعمل بنظامين حراري وراداري، يمتاز بسرعته العالية.
صاروخ محيط «مطور من صاروخ قاهر 2-M “ “باليستي أرض – بحر، مخصص للأهداف البحرية، متوسط المدى ويعمل بالوقود الصلب والسائل، ويتميز بقدرته على العمل في كل الظروف الجوية.
وقالت المصادر، إن صاروخ “البحر الأحمر” أرض- بحر، يعد من أهم الصواريخ الباليستية الجديدة التي يكشف عنها للمرة الأولى.. مؤكدة أن الصاروخ يستطيع ضرب أي هدف في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب”، وكاشفة أنه “تمت تجربته مؤخراً، وتم إنتاج أعداد هائلة منه.
وأشارت المصادر إلى أن صاروخ “البحر الأحمر” هو الصاروخ الذي أشار إليه الرئيس مهدي المشاط في خطابه بالعرض العسكري “وعد الآخرة” وقال حينها بإننا قادرون على ضرب أي مكان في خليج عدن أو في البحر العربي من أي نقطة إطلاق في البر باليمن.
صاروخ عاصف باليستي أرض – بحر، مداه 400 كم، وطوله 10 أمتار، وقطره 0.7 متر، يعمل بالوقود الصلب، يزن رأسه الحربي 550 كجم، يعمل بنظام التوجيه والتحكم الذكي، صنع يمني 100 بالمائة من إنتاج هيئة التصنيع العسكري.
في أول الطموح لإعطاء البحر والمعركة البحرية الحيز الطبيعي من الاهتمام ضم معرض الشهيد القائد للصناعات العسكرية في مارس من العام الماضي، جناح لعرض جديدِ الأسلحة البحرية، كشفت فيه القوات المسلحة عن منظومة صواريخ مندب1، وهي من أبرز الإنجازات التي حققها الجيش اليمني في مجال التصنيع الحربي، وتمتاز بدقتها العالية في إصابة الهدف ومزودة بتقنية لا تستطيع سفن العدو العسكرية من فك شفراتها.
وتم إنتاجها بالتعاون بين الوحدة الصاروخية والقوات البحرية واسمها له دلالاته، فهو يرمز لمضيق باب المندب، الممر المائي الذي يتحكم فيه اليمن ويحافظ عليه.
كما كشفت عن ألغام بحرية ذكية ودقيقة من طراز (كرار1، كرار2، كرار3 وعاصف2، عاصف3، عاصف4، وشواظ، وثاقب، وأويس، ومجاهد، والنازعات، ومرصاد).
وقد أخذت هذه الألغامُ البحريةُ الجديدةُ أشكالاً متعددةً، تم إنتاجُها حسبَ المهمات والعمليات التي تعتزمُ القوات البحرية والدفاع الساحلي تنفيذَها في المياه اليمنية، وكذا الدخول في عمليات هجومية ضد أسلحة البحر المعادية في مياه دول العدوان، يما يسهمُ في الرد والردع على خطوط هذا المسار.
انجازات لا يستهان به بالنظر إلى الظروف التي رافقت عملية الإنتاج من استمرار العدوان والحصار، والأكيد أن هذه الإضافات الجديدة السلاح البحري يمنح الجيش ميزة دفاعية، وهجومية.
وكان قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حذر في خطاب له بمناسبة الذكرى الثامنة لثورة 21 سبتمبر المجيدة، دول العدوان الأمريكي السعودي والشركات الأجنبية من الاستمرار في نهب الثروات اليمنية، في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب اليمني للحصار ويتم سرقة عائدات ثروته النفطية بدلاً من صرفها للمرتبات والاستحقاقات الإنسانية والخدمية.
ويرى الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان أن التحذير الذي وجهه قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي لتحالف العدوان إزاء استمراره في نهب الثروات النفطية وامتصاص عائداتها يعتبر إنذارا حقيقياً، لتحالف العدوان ليبادر بإيقاف عجلة نهبه للثروات النفطية ويتفادى ما سيترتب على ذلك من تداعيات وانعكاسات إستراتيجية خطيرة.
ويشير إلى أن تهديد السيد القائد -يحفظه الله- في هذا التوقيت هو إنذار ما قبل العاصفة، وإشارة ربما قد تكون الأخيرة لتتلافى دول العدوان والشركات الأجنبية نفسها ردة الفعل القادمة للقوات المسلحة اليمنية التي أصبحت عملياً في طور انتظار الضوء الأخضر من القيادة لتضرب بيد من حديد كل ما له صلة بنهب الثروات النفطية والغازية.
وتحديدا السفن وَناقلات النفط التي تأتي إلى موانئ شبوة وحضرموت شهرياً لنهب ما يقدر بـ2 مليون برميل نفط يومياً، وأيضاً مقار الشركات الأجنبية الفرنسية أو الغربية التي تدير عملية استخراج النفط وبيعه وسرقة عائداته، فجميعها أصبحت أهدافاً مشروعة ومسرح عمليات عسكرية قادمة.
وقد تعهدت القوات المسلحة بالعمل على امتلاك الأدوات اللازمة لتحرير كل الأراضي اليمنية بما فيها الجزر اليمنية الموزعة بين أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني والإمارات، إلى جانب فرض السيادة على المياه الإقليمية لليمن ومنع تحرك السفن والبوارج الأجنبية فيها.
فاتحة التحرك البحري.. تحذير ووعيد
في تحرك القوات المسلحة وعدم إهمال ساحة المياه الإقليمية لعبث الغزاة وقراصنة السفن، نفذت رغم بساطة الإمكانيات عمليات نوعية أحرجت العدو.
وكانت فاتحة التحرك، تحذير ووعيد في العام الثاني من العدوان، حين حذّرت القوات البحرية والدفاع الساحلي وخفر السواحل اليمنية، بوارج العدو من استخدام الممر الدّولي لقصف أهداف مدنية، مؤكدة جاهزيتها للرد على أي قصف من هذه البوارج وتحت أي ظرف..
ومثّل هذا التحذير رسالة وجرس إنذار، فهو رسالة بأن اليمنيين يعون محاولات في السيطرة على السواحل اليمنية، وبأنهم لن يقبلوا بهذا مطلقا، وهو جرس إنذار لما يعنيه ذلك من تداعيات ممكن أن تحدث في حال رد الجيش واللجان على أي قصف قادم من هذه البوارج على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.. ولم يقف التحذير حينها عند هذا الحد لكنه شمل أيضا تحذير أي سفن تجارية من المرور في الممر الدولي إلا بعد تشغيل جهاز التعارف الدولي حفاظًا على سلامتها.
في الـ30 من سبتمبر ٢٠١٦، قصفوا سفينة «سويفت» الحربية الإماراتية قبالة سواحل مديرية المخا.
في نهاية يناير من عام ٢٠١٧، قصفت «القوات البحرية بارجة حربية لتحالف العدوان أثناء محاولتها الاقتراب من السواحل الغربية اليمنية بصاروخ موجه أصابها بصورة مباشرة».
البارجة الحربية واسمها «المدينة» كان على متنها مروحية وتحمل عشرات الجنود والضباط».
وفي منتصف يونيو من عام ٢٠١٨ استهدفت القوة البحرية اليمنية بارجة لقوى العدوان الامريكي السعودي قبالة سواحل الحديدة بصاروخين تسببا في اشتعال النيران فيها وتراجع البوارج الأخرى، وكانت البارجة تحمل قوات تم إعدادها لتنفيذ إنزال في سواحل الحديدة، وقد سارعت المروحيات الوصول إلى البارجة المحترقة لإنقاذ من كان على متنها من جنود أو خبراء أمريكيين حسب ما أذيع حينها.
في يوليو من نفس العام تم استهداف وتدمير زورق حربي تابع لتحالف العدوان قبالة ساحل الدريهمي في الحديدة، كان يحمل أسلحة وعتادا.
بعدها بأسابيع في 23 أغسطس دشنت القوات البحرية عملياتها داخل العمق البحري للسعودية بتوجيه ضربة على هدف عسكري سعودي.
وفي بداية سبتمبر نفذت القوات البحرية ثاني عملية بحرية في العمق البحري للسعودية مستهدفة بارجة رقابة سعودية قبالة سواحل جيزان جنوبي المملكة، رداً على ارتكاب طيران تحالف العدوان جريمة بشعة بحق الصيادين باستهدافه قواربهم في جزيرة عقبان بمحافظة الحديدة ما أدى إلى استشهاد وجرح عدد منهم.
وفي أكتوبر من العام ٢٠١٨ استهدفت القوة البحرية والدفاع الساحلي اليمنية زورق حربي تابع لتحالف العدوان قبالة سواحل مديرية ميدي، وقد تسبب الهجوم بتدمير الزورق ومصرع كل من كان على متنه.
عمليات القوة البحرية اليمنية تسببت في تجميد حركة العدو وجعل القطع البحرية التابعة له تقف على بعد.
في ذات العام 2018 حاول تحالف العدوان غزو الحديدة في ما سمي حينها عملية «النسر الذهبي»، وهي إحدى أكبر المعارك التي شنها تحالف العدوان السعودي الأمريكي، وحشدت فيها الطائرات والبارجات والسفن إلى جانب قوة برية كبيرة من مرتزقة يمنيين وقوات أجنبية احتشدت جنوبي ميناء الحديدة، إلا أنها فشلت بتلك الإمكانات البسيطة التي عمل على صناعتها الجيش اليمني من الألغام البحرية.
وفي مارس من العام الماضي ٢٠٢١ وفي معرض حديثه عن حصاد العمليات العسكرية للعام السابع من الصمود في وجه العدوان، أكد المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أنه خلال السبع السنوات نفذت القوات البحرية والدفاع الساحلي 35 عملية نوعية، كان من أبرزها: استهداف فرقاطة «المدينة» وفرقاطة «الدمام» التابعتين للسعودية، واستهداف السفينة الحربية «سويفت» التابعة للعدو الإماراتي، وضبط سفينة الشحن العسكرية الإماراتية «روابي» بعد دخولها المياه اليمنية.
ويذكر مراقبون أن عمليات الصاروخية اليمنية جعلت الشريط الساحلي من باب المندب وحتى قناة السويس في متناول صواريخ اليمن البحرية، ومن بين العمليات كذلك احتجاز 3 سفن في البحر الأحمر انتهكت المياه الإقليمية اليمنية، اثنتان منها لكوريا الجنوبية وواحدة سعودية وهي «رابغ 3»، وفي تلك الفترة تم احتجاز السفن لأنها دخلت المياه الإقليمية لليمن «بدون إشعار مسبق»، وكانت تلك رسالة بحرية جديدة، تؤكد أن السيادة اليمنية في البحر لا يمكن تجاوزها، وهو ما سيقرأه جيداً كثيرون في الإقليم، كالعدو الصهيوني.
القوات البحرية.. أكثر تطوراً وتحديثاً
وقبيل إزاحة الستار والكشف عن الأسلحة البحرية، وتحديدا بداية سبتمبر الجاري غداة عرض المنطقة العسكرية الخامسة في الحديدة «وعد الآخرة»، أكد اللواء الركن محمد علي القادري قائد لواء الدفاع الساحلي مدير الكلية البحرية أن القوات البحرية أصبحت اليوم أكثر تطوراً وتحديثاً وتم الاهتمام بها بشكل متزايد خلال الفترة المنصرمة لأن معادلة الردع لا بد أن تكون على كافة المستويات ”براً، جواً بحراً ”، ولفت إلى أن خوض المعركة يتطلب إشارة واحدة من قيادة الثورة لتصبح أساطيل العدو وبوارجه كعصف مأكول.
وأضاف اللواء محمد القادري أن ما تم الكشف عنه من التطورات البحرية ومنها صاروخ بر ـ بحر من طراز فالق 1، خلال عرض «وعد الآخرة» العسكري وصواريخ بر ـ بحر من طراز «المندب 2» و»روبيج»، تؤكد مقدرة القوات البحرية اليمنية على حماية المياه الإقليمية اليمنية، حيث أصبح بمقدورنا الآن ضرب أي نقطة في البحر من أي مكان في اليمن وليس من السواحل فقط، مضيفا: طورنا أسلحتنا الأرضية والبحرية في الفترة الأخيرة وباستطاعتها براً وبحراً ضرب هدفها من أي نقطة في بلدنا.
وقال اللواء محمد القادري: لقد مثلت القوات البحرية اليمنية علامة فارقة في تشكيلات الجيش اليمني، وكانت العمليات التي نفذتها سواءً على مسار الهجوم أو الدفاع دليلاً على جهوزيتها العالية واستعدادها التام لتثبيت السيطرة على كل المياه اليمنية وخصوصا مياه البحر الأحمر وقد فرضت القوات البحرية والدفاع الساحلي في تكتيكاتها الهجومية والدفاعية استراتيجية عسكرية جديدة، تسمى “رعب الاقتراب”.
ومنوها بأن القدرات البحرية اليمنية المتنامية ستجبر العالم على إعادة تقييم علاقاته بصنعاء نحو توطيدها كطرف قوي يجب التعامل معه في تأمين التجارة الدولية، وبالتالي تلبية متطلباته وأولها إيقاف بلطجة التحالف بحجز سفن الغذاء والوقود لأشهر عديدة قبل السماح لها بدخول الموانئ اليمنية، وصولا إلى رفع الحصار ووقف العدوان، وانطلاقا من بوابة المصالح العالمية هذه المرة.
المعركة التي لا مفر منها
تؤكد الفعاليات العسكرية أن معركة البحر لا مفر منها نظرا لحالة الاستباحة سواء للمياه الإقليمية اليمنية أو جزرها أو البحر الأحمر عموما، التي تمارسها منظومة الكيان الصهيوني والتي تدخل فيها إلى جانب الكيان الإسرائيلي قوى الاستعمار القديم الحديث أمريكا بريطانيا ومعهما أنظمة التطبيع في المنطقة وتتقدمها السعودية والإمارات.
ولم تعد خافية المطامع الأجنبية في السيطرة على البحر الأحمر لتأمين عملية التمكين للكيان الصهيوني في الهيمنة على المنطقة لتحقيق أغراضه مع الغرب في نهب ثرواتها وتأمين مصالحها، وشهدت الشهور الماضية نشاطا متناميا في قدوم قوات أجنبية بعتادها وبناء عدد القواعد العسكرية، وتنفيذ مناورات عسكرية بحرية بمشاركة الكيان الإسرائيلي والدول المطبعة معه.
بداية فبراير الماضي شهد البحر الأحمر إحدى ذروات ذاك النشاط والتواجد العسكري تقوده أمريكا وإسرائيل وتحوله السعودية والإمارات، وفيما كان الغزاة يؤكدون أن القصد من هذه العمليات، تأمين الممرات الدولية من أعمال القرصنة لمرور آمن للسفن الدولية، أدركت صنعاء أن الأمر لا يخرج عن كونه محاولة لأحكام السيطرة على المنطقة والتضييق على الشعوب ونهب ثرواتها، فضلا عن تمكين الكيان الصهيوني بالقوة اللازمة في الهيمنة.
مناورات الـ (٦٠) دولة العسكرية في البحر الأحمر بدأت يوم الثلاثاء الأول من فبراير بقيادة أمريكا، وقالت المصادر إن القوات البحرية الأمريكية بدأت مناورات في البحر الأحمر ومعها 60 دولة تشمل دول تحالف العدوان على اليمن والعدو الصهيوني، والسعودية وباكستان ومصر والإمارات والبحرين.
المناورة التي أُطلق عليها IMX-22، نظمتها وأشرفت عليها وتقودها القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي إلى جانب بريطانيا وباكستان، وقد شملت التدريبات العمل على الأنظمة المسيّرة من بُعد مع أكثر من 80 نظاماً لطائرات من دون طيار، وستشمل بُقعاً مائية هي البحر الأحمر، وبحر العرب، والخليج العربي.
حينها حذر نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء علي الموشكي، تحالف العدوان على اليمن من عسكرة البحر الأحمر.. وقال اللواء علي الموشكي: نحذر من عسكرة دول العدوان للبحر الأحمر وإجرائهم مناورة بالقرب من مياهنا الإقليمية.
وأكد رئيس الوفد الوطني في مفاوضات السلام محمد عبد السلام، أن “التحرك الأمريكي في البحر الأحمر في ظل هدنة إنسانية وعسكرية في اليمن يناقض زعم واشنطن دعمها الهدنة، وأنها إنما تسعى لتكريس حالة العدوان والحصار على اليمن”.
بعدها في شهر أبريل وبعد (12) يوماً من إعلان الهدنة الإنسانية، أعلنت أمريكا، عن تأسيس قوة بحرية مشتركة، بذريعة حماية البحر الأحمر، ويقول معهد السلام الأمريكي إن واشنطن سعت وبقوة لتشكيل هذا التحالف تحت مبرر حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر إلا أن الهدف الحقيقي من وراء تأسيس هذا الحلف هو من أجل نهب النفط والغاز اليمني في محافظات شبوة وحضرموت وعدن ومارب لتتمكن إدارة بايدن من مواصلة حربها الاقتصادية ضد روسيا..
وأكد المعهد أن اليمن خصوصاً وبلدان حوض البحر الأحمر عموماً، أمام ثلاثة تحديات يتضخم تأثيرها في الممر الملاحي جنوب البحر الأحمر، أبرزها أن القواعد العسكرية المتمركزة في محيط باب المندب والتي تعد بادرة لتطور الصراع التجاري بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى لاسيما وأن واشنطن تسعى لإمداد أوروبا بالنفط والغاز وتؤسس لبقاء دائم في المنطقة لحماية أساطيلها وحاملات النفط وتأمين إمدادات القارة الأوروبية النفطية من البلدان العربية عوضا عن الغاز والنفط الروسي.
ثم شهدت مدينة جدة- غربي السعودية نهاية مايو هذا العام 2022- انطلاق مناورة عسكرية ضمن سلامة الممرات في البحر الأحمر، بمشاركة 5 دول مشاطئة للبحر، وطائرات “الأباتشي” لأول مرة، وأطلق عليه تمرين “الموج الأحمر5”، ونفذه الأسطول الغربي بمشاركة الدول المشاطئة للبحر الأحمر”.
ومطلع يناير 2019، استضافت السعودية بمياهها الإقليمية في البحر الأحمر النسخة الأولى من المناورة “الموج الأحمر”، بمشاركة الدول الخمس ذاتها.
وفي الشهر نفسه من العام التالي، أعلنت الرياض عن توقيع ما اسموه ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف حماية أمن ممرات هذا البحر.
ومنتصف أغسطس الماضي أعلنت السعودية، انطلاق مناورة على ساحل البحر الأحمر بعنوان “الغضب العارم” مع القوات البحرية الأمريكية لمدة شهر، وانطلقت في منطقة عمليات التمرين في محافظة ينبع المطلة على ساحل البحر الأحمر.
وجاءت المناورة في سياق عسكرة البحر الأحمر من خلال المناورات المتواصلة بالشراكة مع الكيان الإسرائيلي، وهي مناورات تهدف من خلالها واشنطن، إلى استعراض عضلاتها بغية السيطرة على البحر الأحمر وباب المندب، مستغلة حالة الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على اليمن.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، شاركت إسرائيل إلى جانب الإمارات والبحرين، في مناورة نُظمت من قبل القوات البحرية الأمريكية، في البحر الأحمر.
وقبلها، في تشرين الثاني- نوفمبر الماضي، شاركت إسرائيل إلى جانب الإمارات والبحرين، في مناورة نُظمت من قبل القوات البحرية الأمريكية، في البحر الأحمر وهي المناورة التي جاءت في أعقاب توقيع اتفاقات الخيانة والتطبيع مع العدو الصهيوني من قبل الإمارات والبحرين وتبعتهما السودان والمغرب، برعاية وإشراف أمريكي.
احتلال الجزر اليمنية لن يستمر
لم يعد اليوم كالأمس ولن يكون الغد كاليوم طالما وهناك من يعمل بصمت ليخرج للعالم بهذه المفاجآت الاستثنائية وأدوات ردع تصرّ على تحرير الأرض وامتلاك القرار السيادي على الأرض والبحر.
الذهاب بالقول إلى أن عين القوات المسلحة على تحرير الجزر اليمنية وباب المندب، قول لا ينبغي أن يثير غرابة أو دهشة ومعركة التحرر والتحرير مسألة طبيعية خصوصا وأن اختلال هذه الأماكن يأتي بقصد إحكام السيطرة على اليمن وإخضاع اليمنيين لحالة احتلال غير معلنة، فيما الأجانب ينهبونه حتى بالإشراف على المسارات الدولية البحرية التي هي مسألة من حق اليمنيين فقط.
مسألة باب المندب، لا ينبغي التعاطي معها من منطلق يجرد اليمنيين من أي حقوق فيها واعتبار الممر دولي، والغزاة هم من يحق لهم فقط الإشراف عليه، من هنا تعامل الجيش مع حقيقة الدور المفترض به في أن يكون المعني بهذا الدور كباقي الدول المطلة على البحر، وهو أيضا الأمر الذي ترجمه في رسالته القوية التي أثارت أولئك الذين يراقبون تحركات الدفاع اليمني، فأقام استعراضه العسكري الساحلي في مدينة الحديدة باسم «وعد الآخرة» وهناك كشف عن أسلحة بحرية قادرة على الوصول إلى أي نقطة معادية..
في ذاك الحدث تساءل الكاتب العربي عبد الباري عطوان في تدوينة له: لماذا اختار اليمنيون الحديدة مكاناً لاستعراضهم العسكري «المهيب والضّخم»؟.. وقال: «صواريخ وألغام بحرية تظهر لأوّل مرّة وتشكيلات تُماثل جُيوشاً نظاميّة.. الإعلام الصهيوني يتوقّف عند مُشاركة 25 ألف مُقاتل.. قلق أممي من خرق الهدنة وأنصار «عاصفة الحزم» يدعون للرّد على رسالة الحرب».
من جهته.. قال الكاتب العماني جمال بن ماجد الكندي في مقال له: العرض العسكري لم يكن فقط بإظهار الجانب العددي، بل تعدى ذلك بظهور أسلحة جويةً وبحرية تعول حكومة صنعاء عليها لتغير الواقع في السواحل اليمنية، وكانت منطقة الحديدة البحرية الرسالة الأولى لهذا العرض، ومفادها بأن سواحلنا البحرية ليست للمساومة، فهي تحت سقف الوطن الذي جاءت حكومة صنعاء من أجل وحدة ترابه، تحت راية دولة الاستقلال الوطني التي هي لكل اليمنيين.
في تصريح سابق قال اللواء الركن محمد علي القادري- قائد لواء الدفاع الساحلي مدير الكلية البحرية «نحن قادرون أن ننكل بالعدو في عمقه، سواء منشآته وقواته في البحر الأحمر أو قواته على البحر العربي، أو خليج عدن أو باب المندب، ونحن من نحمي الممر الدولي باب المندب ونحافظ على أمن التجارة العالمية وليس تحالف العدوان وليس بمقدورهم تأمينه، القدرة هذه بيدنا نحن».
وأضاف اللواء القادري أن القوات البحرية اليمنية اليوم متمركزة على طول الساحل الغربي، وسفن العدو في مرمانا والزناد رهن إشارة القيادة الثورية والسياسية، وأكد أن القيادة الثورية متمثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي تحلت ومازالت تتحلى بالصبر في ما يخص خوض معركة على الممر المائي اليمني الذي تمر منه التجارة العالمية.
البنتاجون: «صنعاء أعادت تنشيط أنظمة الدفاع الساحلي»
على أن التعليق الأهم جاء من أروقة الجيش الأمريكي، حيث أكدت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، أن صنعاء كشفت عن صواريخها الجديدة المضادة للسفن خلال عرض عسكري كبير للغاية.. وقالت: إن «عرض الحديدة لم يسبق له مثيل».
وأوضحت أنه خلال العرض العسكري ظهرت عدة صواريخ مضادة للسفن يقال إنها صنعت في اليمن -حسب الوكالة-.. لقد تم عرضها في الحفل لأول مرة، ولم يسبق لها مثيل من قبل.. علاوة على أنه شارك في هذا الحفل أكثر من 25000 جندي، إضافة إلى ترسانة ضخمة من المعدات العسكريةوأوردت الوكالة الأمريكية أن في العرض العسكري تم عرض صاروخ كروز المضاد للسفن من طراز المندب-1 والمندب-2.. ونتيجة لذلك تؤكد القوات المسلحة اليمنية أن هذا الصاروخ الجديد، مثل فلق-1، وقدرته التدميرية عالية، وقد تم إنتاجه بالكامل في اليمن.
وأضافت: إنه في العرض العسكري، تم عرض أنظمة الدفاع الساحلي والصواريخ السوفيتية المضادة للسفن من طراز روبيج والصواريخ السوفيتية من طراز بي 15 – تيرمايت P-15 Termit، مضاد للسفن السطحية.
ولفتت إلى أنه من خلال هذه الصور، تم الكشف عن أن القوات المسلحة اليمنية أعادت تنشيط أنظمة الدفاع الساحلي وتطوير روبيج السوفيتية الصنع.
ورأت أن هذه الصواريخ القديمة تعمل الآن بفضل جهود المهندسين اليمنيين.. كما أن هذه الصواريخ هي من بين الأنظمة التي كانت في مخزونات القوات البحرية اليمنية.
البحرية اليمنية.. حتى لا ننسى
في عهود التبعية لأمريكا، كان أكثر من 2200 كم من الشريط الساحلي اليمني لا معنى له، ورغم هذه الميزة الطبيعية الكبيرة والثرية اقتصاديا وعسكريا، لم تكن اليمن يوماً مؤثرة في معادلات البحر، واكتفت بقوة بسيطة تسمى خفر السواحل والدفاع الساحلي.
في الحرب العالمية الثانية استطاعت المانيا من التهام 5 آلاف قطعة بحرية معادية من أساطيل أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وكان شريطها الساحلي بطول 2400 كم، وبسبب ذلك كانت قوة بحرية هائلة في تلك الحرب الكونية، فيما اليمن وفي صراعات ومكانه التاريخ الحديث لم تكن إلا ضفة سهلة المنال للأطماع الخارجية فلم تكن نداً حتى لدول ضعيفة كإريتريا، التي احتلت جزيرة حنيش اليمنية عام 1996م.
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء الركن عبدالله الجفري: إن حكام اليمن السابقين لم يتحلوا بذرة مسؤولية وطنية ولم يلمّوا حتى بعدد الجزر اليمنية ولم يكن لهم عبرة من كل الغزو البحري الذي حصل لليمن عبر التاريخ بسبب موقعه البحري الاستراتيجي وإطلاله على مضيق باب المندب، كالغزو الحبشي والبرتغالي والبريطاني وغيره.
ويؤكد الجفري، أن جزيرة حنيش عندما أُحتلت، كان ذلك بقرابة 30 مقاتلاً أريترياً فقط، حسب الجفري.. ويتابع: كانوا يُسقطون مروحيات الجيش اليمني بصواريخ «آر بي جي»، بينما كان نظام صالح حينها يقول إن لديه 200 ألف مقاتل، مع ذلك لم تستعد اليمن الجزيرة إلا بعد تدويل القضية وعن طريق المحاكم الدولية وتدخل دول أجنبية ابتزت اليمن، كفرنسا التي ساعدت في عودة الجزيرة لليمنيين مقابل منحها عقد تنقيب عن النفط بقيمة (10) مليارات دولار لشركة «كنديان أوكسي»، وقبول عقد بقيمة (600) مليون دولار فقط لصالح شركة «توتال» الفرنسية.
تشير المصادر إلى أن ما قبل العدوان كانت القوة البحرية اليمنية عبارة عن حوالي (43) قطعة متواضعة من زوارق قتالية ونقل ودوريات، وان هذه القوة المتواضعة هي حديثة الولادة ولم يكن لها وجود حقيقي قبل عام 2002، ففي هذا العام ظهر خفر السواحل حسب المصادر تحت إشراف وزارة الداخلية كجزء من قوات الشرطة، إنما مع مستشارين عسكريين وتدريب وسفن من الولايات المتحدة، وهو الظهور الذي جاء بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة وهجمات القاعدة عام 2000 على المدمرة «يو إس إس كول» وعلى ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج عام 2002 في اليمن.
في تلك الآونة كان خفر السواحل اليمني يتلقى تدريبات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وماليزيا واليابان، وهو ما يشير إلى أن إنشاء هذه القوة كان لغرض حماية الخارج ومصالحه.
قبل العدوان بأقل من سنتين كانت البحرية اليمنية تمتلك 22 سفينة دورية وسفينة قتالية ساحلية (وسفينة إنزال واحدة فقط)، وكان لدى خفر السواحل 12 سفينة، وبعض الزوارق، وانحصرت قدرات القوات البحرية على العمل في المياه الخضراء والبنية فقط.. أي «المياه الساحلية والموانئ والمرافئ»، وبمعنى أنه لم يكن لها نشاط أو عمليات في المياه الزرقاء أي «المحيط المفتوح»، أما القوة البشرية خفر السواحل والبحرية، فكان إجمالي قوامها 2900 عنصر فقط من منتسبي الشرطة والبحرية، وهذه هي كل القوة البحرية التي تعتمد عليها بحار وسواحل اليمن الواسعة.