قالت هيومان رايتس ووتش، في تقرير صدر الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022 إن سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى السعودية يجب أن تتدخل بصورة عاجلة لإنقاذ المواطنة الأمريكية كارلي موريس من خطر السجن والاحتجاز داخل المملكة، وتقديم المساعدة الكاملة لها بعد أن استدعاءها لنشر تغريدات ناقدة لسياسات الدولة علي تويتر.
وكانت النيابة العامة السعودية قد أصدرت أمر استدعاء المواطنة الأمريكية كارلي موريس (34 عاماً) في وقت سابق من هذا الأسبوع للمثول أمام محكمة النيابة العامة في بريدة بمحافظة القصيم -الأحد 18 سبتمبر/أيلول- بعد نشرها سلسلة من التغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي أعربت فيها عن مخاوفها بشأن تأثير نظام ولاية الرجل “التمييزي” في المملكة العربية السعودية عليها وعلى ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات.
وشددت هيومان رايتس ووتش أنه في حال استمرت التحقيقات ولم يتم إسقاط التهم عن موريس، فإن الاتهامات ستتحول إلى اتهامات جنائية رسمية قد يتبعها أحكام قاسية كتلك التي تصدر على المواطنين السعوديين، لافتة إلى المادة 103 من قانون الإجراءات الجنائية، المذكورة في الاستدعاء، والتي تسمح للنيابة باعتقال واحتجاز أي شخص يخضع للتحقيق.
من جانبها، قالت سارة ييجر، مديرة المناصرة في واشنطن في هيومن رايتس ووتش: “ترسل السلطات السعودية رسالة مرة أخرى مفادها أن أي شخص ينتقد قوانينها الوحشية والتمييزية يمكن أن يكون هدفًا للاعتقال والمحاكمة”، مضيفة “يحتاج المسؤولون الأمريكيون إلى الاستجابة إلى استغاثة كارلي موريس اليائسة للحصول على المساعدة وبذل كل ما في وسعهم لحمايتها وابنتها من قمع حليفهم السعودي”.
في تصريحات خاصة لـ هيومن رايتس ووتش، قالت موريس إنها تعتقد أن التحقيق يتعلق بتغريدات نشرتها في أبريل / نيسان 2022 كتبت فيها أن نظام ولاية الرجل السعودي يعيق قدرتها على مغادرة المملكة العربية السعودية مع ابنتها، أو أداء واجبات أبوية مثل الحصول على رعاية طبية، أو قرارات بشأن تعليم ابنتها دون موافقة زوجها السابق.
وبموجب القانون السعودي، تكون وصاية الأبناء للرجال فقط، ولا يمكن للمرأة أن تكون وصية، كما يكون لها سلطة محدودة على ما يتعلق بأبنائها، وفي حال كانت الأم أجنبية، فإنها تواجه قيودًا أكبر.
نُشرت قضية كارلي موريس لأول مرة في أغسطس/آب على موقع The Middle East Eye، حيث قالت إن زوجها أخبرها في مايو/أيار أنه رفع ضدها قضية “تشهير” بسبب تغريداتها المُشار إليها، أما الاتهامات التي وُجهت إليها في استدعاء سبتمبر/أيلول كانت “الإخلال بالنظام العام”، دون الإشارة إلى تفاصيل.
التهمة الموجهة لموريس: الإخلال بالنظام العام، هي تهمة فضفاضة غالبًا ما يتم توجيهها للمعارضين السعوديين وغيرهم بسبب التعبير عن رأيهم علانية، وقد قالت موريس إنها تخشى أن يسعى المسؤولون الحكوميون لمقاضاتها بسبب حديثها على وسائل التواصل الاجتماعي عن وضعها. تزوجت موريس من مواطن سعودي عام 2013، واستمر زواجهما حتى عام 2018، أنجبا خلاله ابنتهما تالا، 8 سنوات، في الولايات المتحدة الأمريكية.
في أغسطس/آب 2019، سافرت كارلي موريس وابنتها إلى المملكة العربية السعودية كي تتمكن ابنتها من رؤية والدها في زيارة قصيرة، لكن فور وصولهما، صادر زوجها السابق جوازي سفرهما وشهادة ميلاد تالا الأمريكية ورفض إعادة الوثائق لعدة أشهر، وحسب موريس، فإن “زوجها السابق استخدم الوثائق لتقديم طلب للحصول على الجنسية السعودية لابنتهما دون علمها أو إذنها”
بعد تمكن الزوج من الحصول على الجنسية السعودية لابنته، أعاد لموريس جواز سفرها، لكنه لا يزال يحتجز جوازات سفر تالا الأمريكية والسعودية وشهادة الميلاد “كرهينة” على حد وصفها، كما أنه يصادر كافة الوثائق المتعلقة لتالا، وبدون هذه الوثائق أو إذن زوجها السابق بصفته الوصي على تالا، لا يمكن لموريس مغادرة البلاد مع ابنتها.
تحتفظ موريس بالحضانة الأولية لابنتها في المملكة العربية السعودية، بالرغم من ذلك، فإنه بدون وثائق ابنتها، لا يمكنها اتخاذ قرارات مهمة تتعلق بتعليم ابنتها، أو تسهيل العلاج الطبي لها، أو الاستفادة من صندوق النفقة أو المعاش التقاعدي الذي أنشأه البنك السعودي للتنمية الاجتماعية، وهي خدمة مستحقة لها بصفتها أم مطلقة لطفل سعودي في المملكة العربية السعودية.
قالت موريس إن فرع المديرية العامة للجوازات في بريدة، ومكتب الأحوال المدنية رفضا مرارًا محاولاتها للحصول على وثائق هوية ابنتها، حيث قال لها المسؤولون إنهم “غير مسموح لهم” بإصدار نسخ من هذه الوثائق للأمهات الأجنبيات، وأضافت أنها بدأت تغرد في أبريل/نيسان 2022 حول وضعها لكنها حذفت تغريداتها فيما بعد.
راجعت هيومن رايتس ووتش تغريدات موريس المحذوفة والتي تعرّف فيها عن نفسها على أنها أم تعيش في المملكة العربية السعودية تطلب المساعدة في الوصول إلى وثائق لابنتها.
قالت موريس إنها استُدعيت إلى مركز شرطة بريدة للاستجواب أواخر مايو/أيار، وهناك، عُرض عليها “ملف كبير” يتضمن “لقطات شاشة لصفحتها على Twitter” ولقطات شاشة لرسائل WhatsApp ، قالت عنها موريس إنها ليست لها، مضيفة أنها لا تستطيع تحمل تكاليف الاستشارة القانونية وتحتاج إلى دعم الترجمة.
من جانبها، طالبت هيومن رايتس ووتش المسؤولين في السفارة الأمريكية في السعودية تسهيل وصول موريس إلى ممثل السفارة ومترجم ناطق باللغة العربية في جلسة الاستدعاء، مشددة على أنه يجب على مسؤولي السفارة الأمريكية أيضًا مساعدة موريس في الحصول على وثائق هوية ابنتها من المديرية العامة للجوازات ومكاتب الأحوال المدنية.
وتعد النيابة العامة السعودية أداة رئيسية لقمع النظام السعودي، وقد تم استخدامها لترهيب المعارضين السعوديين بأكثر من طريقة، سواء بالاستدعاءات الدائمة، أو إصدار أوامر احتجاز تعسفي، أو تهم ملفقة في محاكمات جائرة.
وكانت المحاكم السعودية قد حكمت مؤخراً على امرأتين سعوديتين بتهم مماثلة بسبب التغريد على تويتر، إذ حكمت في 9 أغسطس / آب على سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراه السعودية بجامعة ليدز، بالسجن 34 عامًا بتهمة “الإخلال بالنظام ونسيج المجتمع”، كما حكمت المحاكم السعودية على نورة بن سعيد القحطاني بالسجن 45 عامًا بتهمة “استخدام الإنترنت لتمزيق النسيج الاجتماعي للبلاد.
تعليقًا على هذا قال ياغر: “لقد كثفت السلطات السعودية حملتها القمعية على الخطاب السلمي منذ أن زار الرئيس الأمريكي جو بايدن جدة في يوليو / تموز”، مضيفة “تخلي بايدن علنًا عن وعده بمحاسبة المملكة العربية السعودية على الانتهاكات المتفشية لم يتبعه سوى مزيد من القمع الوحشي، خاصة ضد النساء”.