حذر قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، تحالف العدوان من الاستمرار في عدوانه وحصاره، مؤكداً أنه أكبر تهديد للسلم الإقليمي والدولي وضرره لن يقف على حدود اليمن، ومواصلته ستجر الكوارث على تحالف العدوان.
وفي كلمة له بمناسبة العيد الثامن لثورة الـ21 من سبتمبر، مساء اليوم الثلاثاء، توجه قائد الثورة بالتهاني والتبريكات إلى شعبنا العزيز في ذكرى الانتصار التاريخي، مؤكداً أنها ثورة أنقذت شعبنا من الضياع.
وقال السيد عبدالملك: إن ثورة الـ 21 من سبتمبر كانت ضرورة وما زالت، مذكراً بالتدخل الخارجي الكبير آنذاك لاحتواء ما يحدث في بلادنا والسيطرة عليه واستغلاله فيما يخدم السياسات العدائية للخارج بالدرجة الأولى للأمريكيين وعملائهم.
وأوضح أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر كانت ولا زالت ضرورة بالاعتبار الديني والأخلاقي والوطني ولمصلحة شعبنا، مشيراً إلى أن أتت في ظل واقع سادت فيه السياسات الأمريكي والارتهانية للسلطة التي كانت تتجه ببلدنا نحو الانهيار الشامل.
دوافع الثورة الشعبية في الـ21 من سبتمبر:
السيد عبدالملك تطرق إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل ثورة الـ21 من سبتمبر، قائلاً: كان هناك تدخل خارجي كبير لاستغلال التحرك الشعبي عام 2011 وتوظيفه فيما يعزز السيطرة الخارجية على اليمن، موضحاً أن الأمريكيين تحركوا آنذاك للإمساك بخيوط اللعبة وتوظيف الصراعات بما يخدم مصالحهم كالعادة.
وأشار إلى أن المبادرة الخليجية كانت صيغة أمريكية قدمت بعنوان خليجي، وكانت بإشراف مباشر من السفير الأمريكي آنذاك، مؤكداً أن وصاية الدول العشر على بلدنا كانت وصاية أمريكية بالدرجة الأولى، وكان السفير الأمريكي رئيسا للرئيس اليمني.
وأضاف: “سعى الأمريكيون لمصادرة استقلال شعبنا والسيطرة بشكل غير مباشر ودون حرب على بلدنا”، مشيراً إلى أن من قدموا أنفسهم كأوصياء لم يريدوا الخير لشعبنا وعملوا فقط لتأمين مصالح بلدانهم.
وتابع: “الخطة الأمريكية كانت تعمل على تفكيك بلدنا من الداخل برفع مستوى الانقسام السياسي والمناطقي وبشكل تصاعدي”، معتبراً أن سياسة التفكيك كانت تمهد للسيطرة الأمريكية بما يسهل عملية الاحتلال بشكل كامل.
وتحدث السيد عبدالملك عن حالة انعدام الأمن التي كانت شبه كاملة في البلد آنذاك، قائلاً: “تصاعدت وتيرة الاغتيالات والتفجيرات وانتشار التكفيريين في معظم المحافظات قبل الثورة بشكل منظم”.
وفيما يخص الوضع الاقتصادي قبل الثورة، أشار السيد عبدالملك إلى أن الوضع كان يتجه للمجاعة في ظل سلطة خاضعة بالكامل للوصاية الأمريكية، لافتاً أنه لم يكن هناك أي مبرر للانهيار الاقتصادي في ذلك الوقت فالسلطة كانت مدعومة خارجية وتملك كل العائدات النفطية والجمركية.
وعن الوضع العسكري، قال السيد عبدالملك: “الأمريكيون تحت عنوان إعادة هيكلة الجيش سعوا للسيطرة عليه وتجريده من قدراته وإفساد عقيدته القتالية”، مبيناً أن: ” الأمريكيين استهدفوا بشكل واضح القدرات الجوية والدفاع الجوي للجيش فكانت الطائرات تتساقط في صنعاء، وأن القوات الصاروخية والبحرية للجيش كانت مستهدفة في إطار السعي الأمريكي لضرب قدرات صد الاعتداءات خارجي”.
وأضاف: “الأمريكيون حولوا سفارتهم قبل الثورة لمقر لإدارة كل أعمال التخريب في البلد”، موضحاً أن المكونات السياسية اعترفت أن الدور الذي يقوم به السفير الأمريكي آنذاك يمثل انتهاكا واضحا لسياسة البلد واستقلاله.
وعلى صعيد الوصع السياسي، أشار السيد عبدالملك إلى أن الكثير من الأحزاب كانت تستجيب للمواقف والسياسات التي يمليها الأمريكي وأعوانه وكانوا يتفانون في تنفيذها.
ما تميزت به الثورة الشعبية في الـ21 من سبتمبر:
كما تطرق السيد عبدالملك إلى ما تميزت به ثورة الـ21 من سبتمبر، قائلاً: “التحرك في ثورة 21 سبتمبر كان مفاجئا للأمريكيين ومن معهم وعبر عن أبناء الشعب بمختلف مكوناتهم”، مؤكداً أن الثورة الشعبية في ظل ذلك الواقع أدهشت الأمريكيين وحلفاءهم وأربكتهم.
وأضاف أنها: “ثورة شعبية أصيلة لم تتحرك بإملاءات خارجية ولا تأثراً بدعايات إعلامية”، معتبراً أن أداء الثورة قدم مصداقا من أهم مصاديق قول النبي (والحكمة يمانية)، فالتزم حكمة ستبقى صفحة ناصعة في تاريخ الشعب اليمني.
وأشار إلى إن الأداء في تأمين العاصمة صنعاء بعد الثورة كان أداءً راقيا ولا مثيل له في تاريخ شعبنا، مضيفا: أن التحرك الثوري استمر رغم الإرجاف الإعلامي الكبير لنشر التفرقة والتحريض والفتنة.
وأوضح السيد عبدالملك أن التحرك الشعبي الثوري كان جامعا في عناوينه وأهدافه وزخمه وكان تحركا لكل أحرار الشعب في كل المحافظات.
ولفت إلى أن الإسهام الثوري في الـ21 سبتمبر كان من كل أطياف البلد ومن كل أبنائه وبتمويل ذاتي دون أي تدخل خارجي، مبيناً أن المطالب الثورية كانت نقية وصادقة وعادلة ولم تتضمن أي خطاب فئوي أو عرقي أو يعادي أي منطقة في البلد.
واستطرد السيد عبدالملك بالقول: شعبنا ثبت بوعي واستمرارية، وبرز بشكل كبير دور القبائل اليمنية الحرة والشريفة بشكل حضاري مشرف.
وأشاد قائد الثورة بدور القبائل البارز الذي أسهم في إعادة الأمور إلى اتجاهها الصحيح وفي رد الاعتبار للشعب اليمني الذي سعى الآخرون لإذلاله.
وأشار إلى أن الثورة وبعد انتصارها قدمت أرقى نموذج للتسامح والتفاهم ولم تتجه لتصفية الحسابات وفتحت المجال للشراكة، لافتا إلى أن عنوان الاتفاق السياسي بعد الثورة كان (السلم والشراكة) وكان هذا مضمونه لكن الأطراف المرتبطة بالسفير الأمريكي انقلبت على الاتفاق.
واعتبر السيد عبدالملك أن الحضور الثوري الفاعل منع العودة للسياسات الممنهجة التي كانت تهدف لعودة السيطرة الأمريكية.
حين يأس الأمريكي من الفتنة اتجه للعدوان المباشر:
السيد عبدالملك أشار إلى أن الأمريكي حين يأس الأمريكي من الفتنة اتجه للعدوان المباشر، موضحاً أن العدوان الذي أُعلن من واشنطن كشف منذ بدايته حقيقة الذين كانوا يريدون استمرار وصايتهم على البلد.
وأكد أن العدوان منذ بدايته استمر بوحشية كبيرة وتسبب في قتل الناس في كل مكان لتظهر حقيقة توجهات الأمريكيين وحلفائهم العدائية تجاه شعبنا، قائلا: “بالقنابل الأمريكية استشهد آلاف الأطفال والمدنيون في مختلف المحافظات والمناسبات”.
وأضاف: “العدوان استهدف المنشآت الحكومية والمرافق الخدمية بكلها ما يبين التوجهات الأمريكية لتدمير كل شيء في بلدنا، كما دمر تحالف العدوان كل البنية التحتية واستهدف حتى المحاكم والسجون والمقابر والمدارس وغيرها وسعى لمضايقة الناس حتى في معيشتهم عبر الحصار الشديد والمؤامرات الاقتصادية”.
وتابع: “في المناطق المحتلة كل ممارسات تحالف العدوان هي ممارسات احتلال والآن يقيمون القواعد العسكرية ويسيطرون على القرار الرسمي هناك، حتى ما يسمى المجلس الرئاسي فإن من اختاره هم الأمريكيون والسعوديون”.
كما أوضح السيد عبدالملك أن تدخل تحالف العدوان وصل حتى إلى تشكيل الحكومة في المناطق المحتلة ووضع الوزراء كما يريدون، مشيراً إلى أن ما يقوم به تحالف العدوان في المناطق المحتلة هو امتداد لسياساتهم ما قبل ثورة 21 سبتمبر.
ولفت إلى أنه لو سيطر تحالف العدوان على بقية البلد ومناطق الثقل البشري لفعلوا أسوأ مما فعلوه في المناطق المحتلة.
كما أكد السيد عبدالملك فشل التحالف في الوصول إلى أهدافه في السيطرة على البلد والشعب رغم حجم العدوان الهائل جدا، منوها في ذات الوقت إلى أن الله تعالى وفق شعبنا للصمود والتماسك في مواجهة العدوان وتحقيق الانتصارات.
إنجازات ثورة الـ21 من سبتمبر:
كما تطرق قائد الثورة إلى أهم إنجازات الثورة الشعبية، بقوله: “إن أول إنجازات الثورة هي الدفاع عن هوية الشعب الإيمانية، فهم أرادوا أن يبقى شعبنا بلا هوية ولا قيم للسيطرة عليه في المستقبل”، مشيراً إلى أن أبناء شعبنا أحرار اليوم ويعيشون نعمة الحرية في المناطق التي فشل تحالف العدوان في السيطرة عليها.
وأضاف: أن “من إنجازات الثورة العمل على تعزيز الروابط بين أبناء البلد، والعمل المستمر في الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي في حل المشاكل ومنع الاقتتال الداخلي، والحفاظ على مؤسسات الدولة وتماسكها”، في حين كان يعمل الآخرون على دفعها نحو الانهيار.
وتابع: “من أهم إنجازات الثورة تحقيق الأمن والاستقرار في المحافظات الحرة بمستوى جيد ويتحسن أكثر فأكثر”، لافتاً إلى أن هناك برنامج لتطوير الأجهزة الأمنية وتحسين أدائها بشكل مستمر.
وأكد السيد عبدالملك أن من منجزات الثورة العمل على إعادة بناء الجيش والأمن على أسس صحيحة وعقيدة قتالية صحيحة، مشيراً إلى أن هناك عمل دؤوب في بناء الجيش على أسس سليمة في خدمة الشعب والدفاع عن الوطن وعدم الارتهان للخارج.
ولفت إلى أن التصنيع العسكري هو من أهم إنجازات الثورة، قائلاً: “هذا إنجاز يفتخر به الوطن فهو إنجاز عظيم وغير عادي”.
وأوضح أن التصنيع يتم من المسدس والكلاشنكوف والمدفع إلى الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة بمختلف مدياتها، مشيراً إلى أن “النهوض بالتصنيع العسكري جرى في ظل العدوان والحصار وكتب الله التوفيق للعجيب للإخوة في هذا المجال”.
واعتبر السيد عبدالملك أن مستقبل التصنيع في بلدنا عسكريا ومدنيا مستقبل واعد، مؤكداً أننا اليوم نصنع ما تعجز الكثير من الدول عن تصنيعه.
كما أوضح أن من إنجازات الثورة أيضاً، إعادة روح التعاون والتضامن بين أبناء البلد والتي تتجلى في القوافل والاهتمام بالمحتاجين، وتفعيل دور الزكاة والأوقاف وفق تعليمات الإسلام،
كما أكد السيد الملك أن من أهم منجزات الثورة الحفاظ على توجه الشعب ومواقفه المبدئية تجاه قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن أدوات أمريكا في اليمن تتجه للتطبيع بدون أي تحرج، فكان للثورة دور مهم في الحفاظ على الموقف الأصيل ضد التطبيع.
الثورة.. استحقاقات وتحديات وأولويات:
قائد الثورة أكد أن مواصلة الدفاع عن استقلال البلد ودحر الاحتلال مسؤولية كبيرة وهو من مقدمة أهداف الثورة، وأن أولوية التصدي للعدوان تحظى بأكبر الاهتمام على مستوى التفكير والإمكانات ولا تزال تحتل هذه الأهمية، موضحاً أن من أجل أولوية الحفاظ على الاستقلال يتم أحيانا تأخير بعض الأولويات لصالح هذا الهدف الرئيسي.
وشدد على أن من أهم التحديات التي لا يمكن تجاهلها هي احتلال تحالف العدوان مساحات واسعة في البلد، ويجب أن تبقى قضية للجميع.
واعتبر السيد عبدالملك أن الحصار شكل من أشكال التحديات التي تواجه الثورة، كونه يترك تأثيرا على بعض الأولويات من حيث محدودية الإمكانات، مضيفاً أن: “نهب تحالف العدوان للواردات النفطية وغيرها يعرقل تقديم الخدمات والرعاية اللازمة لأبناء الشعب”.
ولفت إلى أن من التحديات أيضاً هو إرث مشاكل الماضي سواء في مشاكل مؤسسات الدولة أو البنية البشرية فيها، مؤكداً أنه يجب السعي للوصول بمؤسسات الدولة للمستوى المطلوب في أداء مهامها في خدمة الشعب.
وأوضح أن الوضع الراهن في مؤسسات الدولة ليس هو المستوى النموذجي والخطوات التي أنجزت محدودة وقليلة، لافتاً إلى أن النموذج السلبي في العمل الرسمي لا يعبر عن الثورة.
وأشار السيد عبدالملك إلى أن من استحقاقات الثورة التوجه المستمر لتحقيق نهضة اقتصادية في الزراعة والإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي، وترسيخ الاستقرار الاجتماعي على أن يكون ضمن المهام الرئيسية للتصدي لكل مخططات الفتنة.
تحذير شديد اللهجة لتحالف العدوان:
وفي ختام كلمته، حذر السيد عبدالملك تحالف العدوان من الاستمرار في عدوانه وحصاره، مؤكداً أنه أكبر تهديد للسلم الإقليمي والدولي وضرره لن يقف على حدود اليمن، ومواصلته ستجر الكوارث على تحالف العدوان.
كما جدد الدعوة لتحالف العدوان لإنهاء العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال ومعالجة ملفات الحرب، محذراً أيضاً من مواصلة نهب الثروة الوطنية من أي شركة أجنبية تتواطأ معه في ذلك.