أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، السبت، أنّ “لبنان أمام فرصة ذهبية قد لا تتكرر، من خلال استخراج الغاز، لمعالجة أزمته”.
وفي خطابٍ متلفزٍ في مناسبة أربعين الإمام الحسين، شدّد السيد نصر الله على أنّه لا يمكن السماح باستخراج النفط والغاز من حقل “كاريش” قبل حصول لبنان على مطالبه، مشيراً إلى أنّ ذلك “خط أحمر”. وتابع: “أعطينا المفاوضات فرصةً حقيقيةً بهدف استخراج لبنان الغاز، ولم نبحث عن أي مشكل”.
وكشف السيد نصر الله أنّ حزب الله “بعث برسالة قوية جداً، بعيداً من الإعلام، مفادها أنّ (الاحتلال) أمام مشكل إذا بدأ الاستخراج من حقل كاريش قبل حصول لبنان على مطالبه المحقة”.
وأضاف: “نحن لسنا جزءاً من المفاوضات، وعيننا كلها على كاريش وصواريخنا كذلك”، مشدداً على أنّه “إذا فُرضت المواجهة، فلا مفرّ منها على الإطلاق”. وأعرب عن اعتقاده بأنّ “لدى الإسرائيليين والأميركيين وغيرهم المعطيات الكافية حول جدية المقاومة، وأنّها لا تمزح في الأمر”.
وكان السيد نصر الله قد قال “التهديدات الإسرائيلية بخصوص الترسيم لا قيمة لها، فقرارنا وتوجهنا واضحان، وننتظر الأيام المقبلة لنبني على الشيء مقتضاه”. وشدّد على أنّه “في حال لم يحصل لبنان على حقوقه، التي تطالب بها الدولة اللبنانية، فنحن ذاهبون إلى التصعيد، سواء وُقِّع الاتفاق النووي، أم لا”.
وكان السيد نصر الله قد حذّر، في الـ9 من آب/أغسطس الجاري، من أنّ “اليد، التي ستمتدّ إلى أي ثروة من ثروات لبنان، ستُقطَع كما قُطعت عندما امتدت إلى أرضه”، مضيفاً “أننا في الأيام المقبلة ننتظر أجوبة العدو بشأن مطالب لبنان فيما يتعلق بترسيم الحدود”.
وفيما يتعلّق بالقرار الأخير بشأن اليونيفيل، أكّد السيد نصر الله أنّه “اعتداء وتجاوز للسيادة اللبنانية، ويعكس ترهل الدولة وغيابها”.
ووفقاً له، فإنّ “القرار الأخير هو لغم وفخ إسرائيلي، وكان سيفتح الباب أمام مخاطر كبيرة”، مشيراً إلى أنّ “من وقف وراءه هو إمّا جاهل أو متآمر”، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ “موقف الدولة كان جيداً”.
يذكر أنّ مجلس الأمن الدولي جدّد، في 31 آب/أغسطس الفائت، تفويض قوّة الأمم المتّحدة الموقّتة في لبنان سنة واحدة، على أن تستمر أيضاً في دعم الجيش اللبناني لوجستياً 6 أشهر. لكن هذه المرة أضاف فقرة إلى البند 16، تتحدث عن عدم حاجة اليونيفيل إلى إذن مسبق لأداء مهماتها.
الحكومة اللبنانية
أمّا فيما يخصّ تأليف الحكومة اللبنانية، فأعرب السيد نصر الله عن “آمال كبيرة في تأليفها”، مشدداً على ضرورة “ألاّ يكون هناك فراغ رئاسي”.
وتابع: “على الجميع تقديم التنازلات، ويجب إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، ولا طائل من التهديدات”، مؤيّداً “الدعوات إلى الاتفاق بشأن الرئيس، وأن تكون هناك لقاءات بعيداً عن التحدي والفيتوات”. وأكّد أنّ “رئيس البلاد المقبل يجب أن يحظى بأوسع قاعدة ممكنة، سياسياً وشعبياً، للقيام بدوره القانوني والدستوري”.
وتعليقاً على الاقتحامات الأخيرة لعدد من المصارف اللبنانية، قال السيد نصر الله “لا تكفي المعالجة الأمنية، وعلى المسؤولين تأليف خلية أزمة وخلية طوارئ لإيجاد حلول حقيقية”.
السيد نصر الله يثني على إعادة ترتيب العلاقات بين حماس وسوريا
وفي حديثه عن الشأن الفلسطيني، قال الأمين العام لحزب الله إنّ البيان الأخير لقيادة “حماس” إزاء إعادة ترتيب وتعزيز العلاقات بسوريا “موقف متقدم جداً، ونحترم هذا الخيار”، مؤكّداً أنّ “سوريا قيادةً وشعباً ستبقى السند الحقيقي للشعب الفلسطيني، وهي تتحمل التضحيات من أجله”.
وبحسب السيد نصر الله، فإنّ بيان “حماس” هو “موقف سليم، وخطوة صحيحة ومهمة جداً”، مشدداً على أهمية أن “تتوحد كل قوى المقاومة وأن يتجذر محورها”، مبيناً أنّ القضية الفلسطينية والمواجهة مع الاحتلال “هي التي ستحكم كل المواقف”، وفق ما جاء في بيان “حماس”.
ويأتي ذلك بعد أن أعربت “حماس” عن “تقديرها لسوريا قيادةً وشعباً، ولدورها في “الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”. وأضافت: “نتطلع إلى أن تستعيد سوريا دورها ومكانتها في الأمتين العربية والإسلامية، وندعم كل الجهود من أجل استقرارها وازدهارها وتقدمها”، مؤكدةً رفضها لأي مس بوحدة سوريا.
وأكّد السيد نصر الله أنّ “المقاومة هي السبيل الوحيد لاسترداد الحقوق وليس التوسل”، لافتاً إلى أنّ “الشعب الفلسطيني بأغلبيته وصل إلى قناعة بأنّ طريق المفاوضات لم يؤدِّ إلى نتيجة، والخيار الوحيد أمامه هو المقاومة”.
وبحسب السيد نصر الله، فإنّ “خيار غزة هو الصمود والمقاومة، واليوم العدو يرتعب من الضفة لأنّه يقاتل جيلاً من الشباب”.
مجزرة صبرا وشاتيلا الأبشع في تاريخ الصراع مع “إسرائيل”
وتطرّق السيد نصر الله في خطابه إلى ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، التي وقعت بين يومي 16 و18 من أيلول/سبتمبر 1982، قائلاً إنّ “العدو الإسرائيلي رعى هذه المجزرة، لكنّ المنفذين الرئيسيين كانوا من الجهات اللبنانية المعروفة، التي كانت متحالفة معه عسكرياً في اجتياح 1982”.
وأشار إلى أنّ “نحو 1900 شهيد لبناني سقط في مجزرة صبرا وشاتيلا، وما يقارب 3000 شهيد فلسطيني، فيما فُقد 300 إلى 500 شخص”، معقباً أنّ هذه المجزرة “هي أكبر وأبشع مجزرة ارتكبت في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي”، مع أنّ “مسؤوليها أفلتوا من العقاب”.
وأضاف السيد نصر الله، رداً على من يتهمون حزب الله بالانتماء إلى ثقافة لا تمّت بصلة إلى لبنان، قائلاً: “مجزرة صبرا وشاتيلا هي بعض من ثقافتكم، هذا بعضٌ من لبنانكم وممّا اقترفته أيديكم، وصورتكم الحقيقية”. وتابع: “الذين ارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا يمثلون ثقافة الموت، والذين حرّروا الجنوب يمثلون ثقافة الحياة، فهم لم يقتلوا دجاجة”.
ووقعت مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا قبل 40 عاماً، بين يومي 16 و18 من أيلول/سبتمبر 1982، بمشاركة القوات الإسرائيلية وميلشيات لبنانية يمينية، وأدّت إلى مقتل آلاف المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين.
وفي السياق، لفت السيد نصر الله إلى ذكرى مجزرة 13 أيلول/سبتمبر 1993، متسائلاً: “ما جريمة مَن تظاهر في 13 من أيلول على طريق المطار وندّد باتفاقية أوسلو؟”.
واستُشهد، في 13 من أيلول/سبتمبر 1993، 9 مواطنين لبنانيين برصاص قوات الأمن اللبنانية بعد دقائق من بدء تظاهرة رافضة لاتفاقية أوسلو بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية.
مسيرة الأربعين في العراق “أشبه بالمعجزة”
وفي مناسبة ذكرى الأربعين، التي يحييها الشيعة في العالم كل عام، في العشرين من شهر صفر بحسب التأريخ الهجري، تخليداً لذكرى واقعة عاشوراء في كربلاء عام 61 للهجرة النبوية، والمسيرة التي يقيمونها في اتجاه مرقد الإمام الحسين في كربلاء، قال السيد نصر الله إنّ حدث المسيرة “أشبه بالمعجزة”.
وأضاف أنّ مسيرة الأربعين في العراق “غير مسبوقة، من جهة عدد الحشود على الرغم من درجات الحرارة الخمسينية”، واصفاً المشهد بأنّه “تاريخي”.