نستطيع ان نقول اليوم ان صنعاء بقيادتها وشعبها ومؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية قد تجاوزت بمراحل مسألة المقارنة بين الدولة والميليشيا، او السلطة الشرعية والانقلاب، وغيرها من تخاريف تحالف العدوان التي استخدمها في البروباغاندا طوال سنوات عدوانه الثمان.
ما حققته صنعاء إلى اليوم، هو اشبه بالمعجزة، ويتجاوز حدود التفكير المنطقي، ولا يزال تعبير المبعوث الاممي الأسبق جمال بن عمر هو ادق التوصيفات لما جرى ويجري وربما لما سيجري لاحقا، عندما وصف دخول صنعاء واسقاط الفرقة المدرعة التابعة للجنرال علي محسن الأحمر، وما تلاه من سقوط الحكومة، ونجاح ثورة 21 سبتبمر أيلول ، بذلك الشكل المبهر، واكتفى بالقول بانها “معجزة تترك للتاريخ لتفسيرها”.
قطعت صنعاء شوطا كبيرا في بناء الدولة وعناصرها، وحولت التحدي الذي فرضه العدوان والحصار الى فرصة وتثبيت أركان الدولة، وتدعيم مداميكها، والأولوية التي فرضها العدوان كانت إعادة تشكيل القوات المسلحة، ودمج اللجان الشعبية، وترتيب الوحدات، واكمال مهمة التدريب والتسليح، والتصنيع الحربي، لمختلف أنواع الأسلحة، والتي تم استعراض بعضا من تلك القدرات في العروض العسكرية واخرها وعد الاخرة.
بالتوازي مع بناء القوات المسلحة، كانت الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، هي الأخرى لم تتوان في رسم الصورة المشرقة لما يتطلع له الشعب اليمني، بامتلاك امن يسهرعلى خدمة الشعب، امن متمكن من توفير الحماية المطلوبة، بعد تطهير صفوفه من خونة الوطن، وهي مهمة صعبة، ساعد على إنجازها التحاق العناصر الموبوءة بتحالف العدوان، فتفرغت القيادة المخلصة لاعادة البناء والاعداد مستفيدة من مخرجات كلية ومدرسة الشرطة، وتكثيف الدورات، وإدخال العناصر الشابة والنشيطة والنظيفة والمتفانية.
جاء الإنجاز الأمني، بفرض حالة السكون والاستقرار في مختلف المناطق والمحافظات، رغم الاستهداف الخطير والخبيث من قبل العدوان، وكل اشكال الحرب الأمنية، وتصفير معدلات التفجيرات والاغتيالات وافشال المؤامرات وكشف الخلايا، وتعقب العناصر التكفيرية وتوقيف العديد منهم، وفرار من تبقى الى ملاجئهم الأخيرة في المناطق المحتلة.
العرض العسكري للوحدات الأمنية بوزارة الداخلية في ميدان السبعين بصنعاء، لا يقل أهمية عن العرض العسكري وعد الاخرة في الحديدة، بل هو مكمل له، ورافعة أخرى لرسائل التطمين للداخل، وتلك التحذيرية للخارج المتربص، لهم الأمن عرض مهيب لوحدات الامن بوزارة الداخلية، في ميدان السبعين الذي يعاد له الاعتبار، بعد ان شهد اكبر مجرزة مفخخة بحق القوات المسلحة اثناء استعدادها لعرض عسكري بمناسبة عيد الوحدة، في عرض يمكن ان يعطي إجابة واضحة عن طبيعة الامن، وادواته، وخلفيات نجاح الأجهزة الأمنية، ويختصرها بان ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر قطعت يد العبث، والوصاية الخارجية، وانشأت مؤسساتها الأمنية القادرة بعون الله ، على صناعة اعلى درجات الامن، التي لا تقارن فقط بالمناطق المحتلة، بل بفضل يمكن مقارنتها بأكثر الدول امنا واستقرارا.
كانت الأجهزة الأمنية تتلقى (الدعم المتواصل) من الولايات المتحدة الامريكية، ودول الوصاية العشر، حسب ما كنا نسمع دائما لدى اللقاءات التي جمعت السفير الأمريكي حينها جيرالد فايرستاين، مع الرئيس، او وزير الداخلية، او بقية المسؤولين الأمنيين، ومع هذا كان الوضع الأمني يسير من سيئ الى اسوا، فانتشرت التفجيرات، والاغتيالات، ووصلت الاقتحامات الى وزارة الدفاع نفسها، ومقرات الداخلية وكلية الشرطة، بل وحتى في عقر قوات الامن المركزي وبجوارها كان اكبر انفجار يستهدف استعدادات لعرض عسكري في السبعين بمناسبة الوحدة اليمنية.
مانراه اليوم على مختلف الصعد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، ومواجهة الحصار واستقرار العملة في صنعاء وتدهورها في المناطق المحتلة، كلها تشير الى ان جهود العدوان قد ذهبت سدى وهذه هي الدولة التي يطمح لها اليمن، والأيام القريبة القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت السارة للصديق، والمغيظة للعدو، وتجاوزت فكرة المقارنة بين الدولة في صنعاء، والمليشيات في المناطق المحتلة، واصبحت تقارن في مستوى الامن والسكينة بغيرها من الدول المستقرة، بل وتنافس بعضها عسكريا وامنيا ، والفضل والمنة لله من قبل ومن بعد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي عبدالوهاب الدرواني