تتوافقُ مناسبةُ المولد النبوي الشريف لهذا العام مع الذكرى الثامنة لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، وفي هذه المصادفة الزمنية بين المناسبتَين الدينية وَالوطنية ثمة تلاقٍ مكانيٌّ بين الرسالة وَالمنهج، بين مبَعث النور وَانبعاثة المستبصرين به، بين القائد القُدوة وَأحفاد أحفاد أنصاره.
ومع يقيننا بأن اللهَ أرسل محمداً -صلواتُ الله عليه وعلى آله- للإنسانية جمعاء رحمةً وأسوةً وَعتقاً من مظالم الدنيا وَمزالق الآخرة، إلَّا أننا كيمنيين بالتقادم وبزهو لا يضاهيه فخر، نرى في رسولِ الله خصوصيةً وتفرداً وَرصيداً من مواقفَ وَملاحمَ خالدة لا ينافسنا فيها منافس، ولا يختلفُ معنا فيها مختلفٌ، أما من خفي عنه شواهدُ الماضي وَالتبس عليه صدقُ الروايات، فَـإنَّ عليه أن يقرأَها واضحةً وَجلية عبر الشاشات وفي وجوه المحتشدين على مختلف الساحات، وَليبحث عن سِر هذه الحالة من الحُظوة بين المحتفي والمحتفى به، وَالمحبة المتبادلة التي تسافر عبر الأزمان وَتتوارث عبر الأجيال.
كما أن عليه أن يقرأها في تفاصيل الثورة التي وُلِدَت من رحابِ هذا الإرث العظيم، وَاقتبست من منهجيته قادتُها وَمبادئها وَنضالها، فكانت الهزيمةُ عنواناً كَبيراً للجمع الذي احتشد بعُدَّتِه وعتاده؛ في مسعًى لإخمادها وَكسر إرادَة ثوارها، وكان النجاح عنواناً جديدًا وبرَّاقاً على أبواب عامها الجديد، وَاستحقاقاً حتمياً يحكُمُ حاضرَ وَمستقبلَ هذه الأرض وإنسانَها العصامي الصُّلبَ قوي العزم والعود.
كما كان النصرَ ولا يزالُ بُشرى سنوية تزُفُّها إلينا المتغيراتُ وَالمقارناتُ ما بين ذكرى مضت وَذكرى أتت، والنصرُ موعدٌ معاصرٌ مضروبٌ بسواعد الرجال الثابتة على وعدٍ إلهيٍّ متقادمٍ وَنافذ.
وفي تزامن المناسبتين ثمة رسائلُ لشعب النصرة والثورة، أولُها أن نجعلَ من ذكرى المولد تجديدًا للبيعة وقُرباً إلى صاحبها في القُدوة وَالقول والعمل، وَآخرُها أن نجعلَ من ذكرى الثورة عهداً في صَونٍ للمكاسب وَعرفانًا بالتضحيات، لنستبشر بعامٍ قادم مليءٍ بالمفاجآت.. وَيبقى النورُ الإلهي متوقِّداً على طريق المشروع نحو الحرية وَالاستقلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سند الصيادي