إن صعود “أنصار الله” كقوة قادرة على الضرب إلى ما هو أبعد من حدود اليمن ساعد على دفع عملية إعادة اصطفاف سياسية أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.
وفي بداية الحرب، رد انصار الله في الغالب على السعودية بضرب أهداف على طول الحدود السعودية مع شمال اليمن.
لكن مدى تطور أسلحتهم وتطورها قد زاد بسرعة، ما مكنهم من استهداف المواقع الحساسة بدقة في السعودية والإمارات، على بعد مئات الأميال من حدود اليمن.
وتشمل أسلحتهم الآن صواريخ كروز وصواريخ باليستية، يمكن أن يطير بعضها أكثر من 700 ميل، وفقًا لتقرير حديث عن “أنصار الله: أعدته كاثرين زيمرمان، الزميلة في معهد “أميركان إنتربرايز”. لقد نشروا زوارق كاميكازي دون طيار لضرب السفن في بحر العرب ولديهم مجموعة من الطائرات دون طيار التي تحمل عبوات ناسفة ويمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 1300 ميل.
وتشكل الطائرات العسكرية دون طيار المصممة خصيصاً والمعدلة تهديداً متصاعداً للأمن في المنطقة ولم تستطع القدرات الدفاعية لدى البلدان مواكبة التطور في تقنية الهجوم.
وتستخدم جماعة “أنصار الله” الطائرات المسيرة المصنعة محليا في اليمن إلى جانب الصواريخ الباليستية لاستهداف مواقع تبعد مئات الكيلومترات في العمق الإماراتي والسعودي. وأكثر الطائرات المسيرة تطورا التي يعتمد عليها أنصار الله هي “صماد- 3″، فبإمكانها حمل 18 كلغ من المتفجرات ويبلغ مداها 1500 كلم وسرعتها القصوى 250 كلم في الساعة، حسب إعلام الجماعة وخبراء مستقلين.
ويقول الأستاذ المساعد في كلية لندن للاقتصاد جيمس روجرز إن السعودية والإمارات تجدان صعوبة في صد هذه الهجمات التي تشمل الطائرات دون طيار والصواريخ، وخاصة مع تطبيق تكتيك السرب الذي يتضمن إطلاق العديد منها في الوقت نفسه لمحاولة الإفلات من الدفاعات الموجودة.
وحسب روجرز، فإن الجماعة اليمنية تستخدم هجمات الطائرات المسيرة وصواريخ متوسطة المدى “على ارتفاع منخفض وسرعة منخفضة، ولهذا من الصعب على الرادار التقليدي اكتشافها”. ووفقا لمحللين، فإن تكلفة هذه الاستراتيجية “منخفضة”، كما تستعين بها حركة “حماس” لمواجهة إسرائيل، بجانب المجموعات الشيعية في العراق التي تستهدف القوات الأمريكية.
وقال عبد الغني الإرياني، باحث أول في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: “ما نشهده في اليمن هو أن التكنولوجيا هي عامل التعادل العظيم. طائرتك F-15 التي تكلف ملايين الدولارات لا تعني شيئاً لأنني أمتلك طائرتي دون طيار التي تكلف بضعة آلاف من الدولارات والتي ستسبب القدر نفسه من الضرر”.
ورأى الكاتب أن صعود “أنصار الله” كقوة قادرة على الضرب إلى ما هو أبعد من حدود اليمن ساعد على دفع عملية إعادة اصطفاف سياسية أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، الأمر الذي أدى ببعض الدول العربية إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” في عام 2020 ودفع دولاً أخرى للتحرك نحو التعاون العسكري والاستخباراتي السري لمواجهة إيران.
وقال إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تشاركان الحتلال “الإسرائيلي” قلقها من الدعم العسكري الإيراني للميليشيات في جميع أنحاء المنطقة وهما تنظران إلى الكيان “الإسرائيلي” كشريك دفاعي جديد محتمل، على أمل أن التقنيات التي طوّرتها للقتال ضد حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان يمكن أن تحميهما بشكل جيد لقد شنت القوات اليمنية مرارا هجمات عبر الحدود على السعودية، باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ باليستية منذ بدء تحالف العدوان تدخله في اليمن في آذار 2015.
غير ان ما يميز الهجمات الدفاعية الجديدة وكما هو واضح ان خارطة العمليات الدفاعية اليمينية باتت اكثر شمولا واوسع مساحة بضمها لعاصمة العدوان السعودي الرياض اضافة الى مدن مهمة وحيوية سعودية اخرى منها جدة والطائف وجيزان ونجران وعسير، والاهم من كل ذلك استهداف وزارة الدفاع السعودية ومطار الملك خالد وأهداف عسكرية اخرى اضافة الى تكرار استهداف منشآت تابعة لشركة “أرامكو” في جدة، مع العلم ان مصفاة “أرامكو” في جدة أوقف تشغيلها عام 2017، ولكن الشركة تمتلك هناك مصنعا لتوزيع المنتجات البترولية كان اليمن قد استهدفه في آذار وتشرين الثاني الماضيين.
انها سياسة الردع العقابي بمواجهة التصعيد بالتصعيد من خلال تنفيذ المزيد من عمليات الردع العسكري ضمن آلية الدفاع المشروع عن اليمن وردا على استمرار العدوان والحصار عليه. ولقد قالت حكومة صنعاء، إنه لا أنصاف حلول لليمن وأن الأرض لأبنائها الاحرار، وان الاطماع الامريكية البريطانية الاسرائيلية في عموم منطقتنا الحيوية المملوءة بالثروات الطبيعية ومنها النفط الذي يملأ غالبية المخازن والاحواض الطبيعية في اليمن السعيد بأهله، الى زوال ولن يتمكن الطامعون والمعتدون من مواجهة القوات اليمنية واللجان الشعبية مهما اوتو من قوة.
إن أرض اليمن لا تقل أهمية وشانا عن بقية بلدان المنطقة الخليجية باعتبارها ارضا حيوية مهمة تفصح اهميتها عن تكالب قوى الاحتلال وتهافتهم على الامساك بها وبثرواتها الغنية وموقعها الاستراتيجي، الامر حفز دول الاستكبار الامريكي والبريطاني ومعهما كيان الاحتلال الاسرائيلي بالدفع بالمملكة السعودية للهجوم على اليمن وتشكل تحالف أعرابي تسيل لعابه لمواطئ أقدام ولو صغيرة في هذا البلد.
الحصار الاقتصادي يشير الى أن أمريكا والجانب السعودي في واقع الأمر لا يريدان اي حل سياسي أو إنساني للحرب العبثية التي طالت سبعا عجافا أكلت الاخضر واليابس فيما يسعى المحتلون العرب والامريكيون لحلول غير منطقية ولا واقعية، لذا فعمليات التحرير التي يقوم بها الجيش واللجان الشعبية في مأرب مستمرة بشكل واسع، ومن ذلك ما تم تحريره من المناطق المهمة جنوب مدينة مأرب وإجراء اتفاقات مع القبائل. لقد حققت القوات المسلحة واللجان الشعبية نجاحات كبيرة في الداخل اليمني تزامنا مع تواصل دك راس أفعى العدوان السعودي باستهداف مناطقه الحساسة في العمق السعودي حتى يتم تحرير كل شبر من ارض اليمن.
وإذا نظرنا إلى الوضع المالي بين الجانبين في الأسبوع الماضي، فقد أنفق السعوديون ما لا يقل عن 60-80 مليون دولار لاستخدام مزيج من صواريخ باتريوت وصواريخ “جو- جو”، إلى جانب تكاليف الطيران والتكاليف الإضافية ولكن الجانب اليمني الذي شن العديد من الهجمات الدقيقة والناجحة داخل العمق السعودي خلال السنوات الماضية باستخدام بعض الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار الرخيصة وعندما نجمع بين تكاليف التتبع والصيد الناجح وأضرار الهجمات الناجحة على شركة أرامكو، نجد أن تكلفة اليمنيين أقل بمئات المرات، وخاصة أن هذه الاسلحة اليمنية البسيطة أجبرت الطرف الآخر على إنفاق مبالغ كبيرة من المال للدفاع عن نفسه.
إن هذه التكاليف الباهظة، إلى جانب رؤوس الأموال الثقيلة الأخرى التي أهدرتها الإمارات والسعودية على هذا الغزو غير المجدي لليمن، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط، وخاصة خلال العام الماضي، وأزمة كورونا، كانت من بين أسباب بذل السعودية مؤخراً للكثير من الجهود لوقف إطلاق النار والخروج من المستنقع اليمني.
في الواقع، إن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله”، الذين استخدموا الأسلحة البسيطة والقديمة، أجبروا المملكة العربية السعودية على إنفاق مئات بل مليارات الدولارات حتى لا تتضرر هيبتها أكثر، وهي الآن أصبحت في موقف حرج للغاية، وخاصة أنه إذا ضربت الطائرات دون طيار والصواريخ الباليتسية اليمنية الهدف، فإن الرياض ستتكبد الكثير من التكاليف المادية والمعنوية، وإذا اعترضتها ودمرتها، فسوف تتكبد ملايين الدولارات من الأضرار المادية كل يوم، والتي في كلتا الحالتين تعتبر الخاسر الحقيقي في هذه الحرب العبثية.
إن كل هذه الانتصارات التي تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيقها في عدد من مناطق ومديريات محافظة مأرب تدل على أن اليمنيين وصلوا إلى مستوى من القوة لدرجة أنهم ليسوا على استعداد لتقديم عن أي تنازلات للعدو لإنهاء الحرب، مؤكدين في الوقت نفسه على الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد، وهذا الامر سيؤدي حتماً إلى زيادة قوة حكومة صنعاء في ساحة التطورات اليمنية، وسيؤدي بالمثل إلى تقليل قوة ونفوذ تحالف العدوان وحكومة الارتزاق المستقيلة القابعة في فنادق الرياض.