تقرير فاينر يعيد للأذهان اطماع استعمارية في فصل جنوب اليمن كدولة مستقلة عن الوطن الأم بمسميات مغايرة للحق التاريخي والامتداد الجغرافي.
صنعاء اليوم أمام مسؤولية تاريخية ووطنية بالحفاظ على وحدة اليمن وستتحمل المسائلة التاريخية أن هي فرطت بجنوب الوطن ولم تدرك لخطورة الهدنة. فالعقلية الاستعمارية المخططة لتجزئة اليمن بالماضي تعود اليوم عبر ادواتها الجديدة المتمثلة بعدوان2015م.
لجان عسكرية
في الثالث والعشرين من فبراير 1966م أعلنت بريطانيا عن سياستها الجديدة شرق السويس وبأنها ستغلق قاعدة عدن الجوية عند حصول ما اسمته بالجنوب العربي( جنوب اليمن ) على الاستقلال في التاسع من يناير 1968م . وبذلك قامت بريطانيا بالحال بتحركات وانشطة سياسية وتكليف لجان عسكرية لرسم الخطط للمستقبل دولة الجنوب العربي .
ومن تلك اللجان العسكرية لجنة فاينر لدراسة الاوضاع العسكرية في دولة الاتحاد بغرض اعادة تنظيم قواتها المسلحة وتوسيعها بعد الانسحاب.
وفي الوقت نفسه شكلت لجنة عسكرية فرعية بقيادة (مالارد) للغرض نفسه بالنسبة للقوات المسلحة في المحمية الشرقية (حضرموت والمهرة ) وقد قدمت اللجنة تقريرها السري في 24مارس 1966م بعنوان ( تقرير حول الطلبات الدفاعية الاضافية التي ستنتج عن دمج محمية عدن الشرقية في دولة اتحاد الجنوب العربي ) وقد خصصت اللجنة الفقرات (10-27) من التقرير للحديث عن الاخطار التي كانت تراها بأنها تهدد المحمية الشرقية أو يحتمل بأن تهددها في المستقبل وكيفية الاعداد لها من الناحية العسكرية.
فقامت بتشكيل لجنة فايبر لدراسة الاوضاع العسكرية في دولة الاتحاد بغرض اعادة تنظيم قواتها المسلحة وتوسيعها بعد الانسحاب.
وفي الوقت نفسه شكلت لجنة عسكرية فرعية بقيادة (مالارد) للغرض نفسه بالنسبة للقوات المسلحة في المحمية الشرقية (حضرموت والمهرة ) وقد قدمت اللجنة تقريرها السري في 24مارس 1966م بعنوان ( تقرير حول الطلبات الدفاعية الاضافية التي ستنتج عن دمج محمية عدن الشرقية في دولة اتحاد الجنوب العربي )
وقد خصصت اللجنة الفقرات (10-27) من التقرير للحديث عن الاخطار التي كانت تراها بأنها تهدد المحمية الشرقية أو يحتمل بأن تهددها في المستقبل وكيفية الاعداد لها من الناحية العسكرية.
لجنة فاينر
كلفت لجنة فاينر بتقديم تقرير عن المتطلبات العسكرية للاتحاد بعد أن يتم انسحاب بريطانيا من المنطقة وكانت اللجنة برئاسة فايبر قائد جيش الاتحاد النظامي وقد حددت مهمة اللجنة بتقدم ا توصيات للجنة تخطيط العمليات الاتحادية حول المسائل التي نجمت من جراء الاعلان الاخير للحكومة البريطانية بالانسحاب من جنوب اليمن وإعلانها دولة مستقلة باسم اتحاد الجنوب العربي .
ومن مهام لجنة فاينر معرفة ما هو الحد الأدنى للقوة المطلوبة من أجل الدفاع وحفظ الأمن لاتحاد الجنوب العربي الحالي وكيف ينبغي ان يكون عليه تركيب القيادة والسيطرة وما هو نوع الدمج الضروري للقوات الاتحادية وماهي المعدات العسكرية الثابتة للقوات البريطانية التي ستحتاج لاستعمالها القوات الاتحادية ونوع التدريب والمساعدة الاستشارية المطلوبة بعد الاستقلال.
وفي 10 مارس1967م قدمت اللجنة تقريرها السري الذي احتوى على ثمانية أقسام بما فيها التوصيات .
الأخطار الأربعة
كشف تقرير لجنة فاينر عن أربعة تهديدات تحيط بدول الجنوب العربي حيث اشار التقرير في الفقرة 12-17 إلى تلك الأخطار: ( هناك أربعة تهديدات للاتحاد قبل الاستقلال فالتهديد الرئيسي الخارجي يأتي اولا وقبل كل شيء من الوجود المصري العسكري الضخم في اليمن.
وسيزداد حجم هذا التهديد كلما خفضت القوات البريطانية وفي غياب وجود اتفاقية دفاع بين حكومة صاحبة الجلالة والاتحاد سيزداد التهديد خطورة بعد الحصول على الاستقلال.
وقد أعلن ناصر للملأ أن بريطانيا اضطرت بسبب الوجود المصري في اليمن أن توافق على أن تعطي الاستقلال للجنوب العربي في ميعاد لا يتعدى عام 1968م وأنه ينوي أن يحتفظ بجيشه في اليمن إلى ما بعد الاستقلال أن التهديد الرئيسي للاتحاد واضح تماما.
ومن غير المحتمل أن الجيش المصري سيقوم بغزو الاتحاد ولكن مصر ستصعد من التخريب والارهاب مستخدمة الوسائل التي أصبحت معروفة الان وستركز أكثر ربما على التغلغل بين صفوف القوات الاتحادية المسلحة أكثر من الان.
وكلما ضعفت القوة البريطانية في المنطقة سيزداد وينمو النفوذ المصري أكثر … -الحق التاريخي التهديد الخارجي الاخر من اليمن نفسها فلو أن التهديد المصر لم يتحقق بسبب الضغط السعودي فالأمل ضعيف بأن يسقط أي نظام كان في اليمن الادعاء اليمني القديم بالسيادة على الجنوب العربي.
ففي حالة انتصار الملكيين ستكون هناك فترة التقاط نفس الا أنه من المحتمل أن تكون الضغوط الداخلية قوية بحيث لن تبقي الادعاءات التقليدية بالسيادة على عدن والمحميات هاجعة مدة طويلة.
وعليه فأن التهديد اليمني لا يمكن اسقاطه من الحسبان وذلك على الرغم من أنه مادام هناك وجود مصري معادى في اليمن فيظهر أنه سيحجب ذلك الادعاء على العموم.
وبينما من المحتمل أن الضغوطات الخارجية ضد الاتحاد ستزداد فهناك مصدر بالغ الخطورة الا وهو التهديد الداخلي للأمن والاستقرار أن التهديد الثالث هو امكانية ازدياد الصراعات القبلية الداخلية في ولايات الاتحاد أن الأمن خارج عدن لا يزال معظمه يحافظ عليه على أساس قبلي والولاءات لا تزال أولا للعائلة وبعدها للقبيلة.
وفي هذه الظروف فأن أي اضعاف في السلطة المركزية يمكن أم ينتج عنه تجديد الخصومات القديمة التي ستقود إلى انهيار النظام والقانون على ساحة واسعة من الدولة الاتحادية.
أوضاع عدن
والخطر الرابع هو تهديد الأمن الداخلي المعقد في مدينة عدن فبالإضافة إلى دخول الافكار الثورية من الخارج فأن تقليص القاعدة- ستسبب البطالة والمصاعب الاقتصادية والتي من المحتمل أن تسبب المشاكل الصناعية المستمرة والصراع الأهلي والشعب من قبل اولاد المدارس ثم الفوضى والمظاهرات.
وعليه يتضح بأن على حكومة الجنوب العربي أن يكون بيدها الوسائل التي تمكنها ليس فقط من السيطرة على النقط الاستراتيجية على الحدود لمواجهة نشاط المنشقين المستمرة ولكن لترد بسرعة وكفاءة على أول دلائل الفوضى في عدن أو للمشاكل القبلية الداخلية في أماكن أخرى).
مليشيات متعددة
وضعت لجنة فاينر العسكرية العديد من التوصيات الرئيسية اهمها تحديد الحد الأدنى للقوات المسلحة (القوات البرية والجوية والبحرية) المطلوبة لمجابهة التهديد عند الاستقلال فيما يخص قوة الشرطة اعادة تنظيم وتوسيع القوات الاتحادية لإيجاد قوتين فقط دمج مكونات الفصائل والتشكيلات التي اوجدتها.
بحيث يجب القيام بإعادة تنظيم وتوسيع القوتين على ثلاث مراحل كل منها سنة واحدة وأن تتم الاغلبية العظمي من التوسع في نهاية السنة الثانية. كما يحدث الآن عبر قوات الانتقالي بالسيطرة على كافة محافظات جنوب اليمن وازاحة بقية القوى والفصائل والتشكيلات الأخرى .
كذلك يجب ان يوسع تنظيم التدريب لجيش الاتحاد النظامي وانشاء اجهزة تدريب منفصلة للتدريب المتخصص للقوة الجوية والبحرية. ومن اخطر تلك التوصيات يجب اتخاذ خطوات سريعة للتفاوض في عقد معاهدة مع قوة صديقة.
فسيناريو المخطط البريطاني بفصل جنوب اليمن كدولة تحمل نفس الاسم الجنوب العربي يعود اليوم بعدوان 2015م عبر ادواته دويلة الأمارات والسعودية ولكنه ليس بشكل معاهدات بل باحتلال وتدخل عسكري.
اطماع السعودية
وفي 30 مارس1967م وافق المجلس الاتحادي على توصيات تقريري ( فاينر ومالارد ) وفي 5 ابريل وجه رئيس المجلس الاعلى الاتحادي السلطان فضل بن علي العبدلي رسالة الى المندوب السامي البريطاني يعلمه فيها ان المجلس قد وافق على التوصيات لهذين التقريرين ولخص بان الحكومة الاتحادية ترغب من حكومة صاحبة الجلالة الموافقة على المفاوضة في معاهدة دفاع والتي بموجبها ستهب حكومة صاحبة الجلالة لنجدة دولة الجنوب العربي الجديدة اذا أصبح التهديد من الخارج اكبر من ان تتحمله قوات الدولة الجديدة.
فاذا كانت حكومة صاحبة الجلالة غير مستعدة في الدخول في مثل هذه المعاهدة فعليها أن تعطي اذنا للحكومة الاتحادية حاليا للمفاوضة مع بعض قوى ومساعدتها في ترتيب معاهدة مع هذه القوى. فالسعودية كانت الحليف الأقرب لسلاطين الجنوب وكانت تمنى النفس بتحقيق اطماعها بحضرموت والمهرة.
صنعاء اليوم
منذ اعلان اتحاد الجنوب العربي سنة 1959م وحتى سقوطه عام 1967م فقد شهدت هذه الفترة تدرجا في لملمة مختلف جيوش محمية عدن تلك في جيش وتنظيم واحد بحيث أشرف عام 1967م على الانتهاء الا وقد اصبح (جيش الجنوب العربي) هو الخلف والقوة الرئيسية لكل التنظيمات العسكرية في المحميات الشرقية والغربية.
وهذا ما نشاهده اليوم من اعادة تلك السياسة الاستعمارية في تمكين احد الاذرع العسكرية الموالية لدويلة الامارات في القضاء على كل الفصائل والمليشيات الأخرى.
فبريطانيا عندما درست وضعية القوات المسلحة الاتحادية عام 1967م بعد أن أعلنت عن انسحابها كانت مهتمة بقوة القوات المسلحة في بعض الدول العربية (كالسعودية والأردن ومصر واليمن الشمالي والصومال والكويت) التي يعرف عنها بأنها كانت مع او ضد الاتحاد وكانت بريطانيا تعتقد أنها ذات علاقة بمستقبل الاتحاد من قريب أو بعيد.
ومن خلال الوثائق البريطانية والدراسات العسكرية لقوات تلك الدول في منتصف الستينيات. نجد أن قوات صنعاء لم تمتلك قوات جوية وبحرية اطلاقا اما فيما يخص القوات البرية فكانت أضعف من أن تمنع انفصال جنوب الوطن كدولة تابعه للاستعمار البريطاني او باستطاعتها التصدي لأطماع السعودية في حضرموت والمهرة خلافا لما اوردته تلك الوثائق إلى التفوق المصري والسعودي بقواتهم.
لكن صنعاء اليوم غير الأمس ورسالة العرض العسكري المهيب الذي أقيم في محافظة الحديدة كفيل بحماية سيادة وطن ال22 من مايو1990م والدفاع عن الوحدة اليمنية.