مقالات مشابهة

فضيحة كبيرة تهز جيش كيان العدو الإسرائيليّ

أربعة مراهقين صهاينة، رغم ضغوط اللجان العسكرية لجيش العدو، أعلنوا رفضهم أداء خدمتهم العسكرية بسبب سياسات الاحتلال والفصل العنصري التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك بالتزامن مع الإجرام المتصاعد لـ “إسرائيل” التي لا تكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين.

ناهيك عن الاتهامات والتقارير الدولية والحقوقيّة الكثيرة حول انتهاج الكيان الغاصب سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، وتصيف تلك السياسات بأنّها ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، في أعقاب المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي بشكل دائم من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ دليل.

فصلٌ عنصريّ

تتحدث المعلومات أنّ 4 شبان في الأراضي المحتلة، عند دخولهم ثكنة “تل هشومير” العسكرية، أعلنوا رفضهم الانضمام للجيش احتجاجا على سياسات جيش الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، في أعقاب المنهج الإسرائيليّ العنصريّ بحق أبناء فلسطين، الشيء الذي يضع العدو الغاشم أكثر فأكثر في دائرة ممارسة الفصل العنصريّ والاضطهاد.

لأنّ ذلك يُعد بمثابة شهادة داخليّة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، ما يحرج المجتمع الدوليّ الذي يجب أن يتحرك بشكل عاجل تجاه فلسطين، ويسائل تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ.

ووفقاً لما ذكرته وسائل إعلام عبريّة، فإنّ شاهار شوارتز، نافيه شبتاي ليفين، اينات جيرليتس، وافيتار روبين، ظهروا أمام مركز الموارد البشرية لجيش كيان العهدو الإسرائيلي في تل هشومير وأكدوا أنه بسبب ممارسة الاحتلال الفصل العنصريّ تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، رفضوا تقديم أنفسهم للجيش لأداء الخدمة العسكريّة.

ما يفضح بشكل لا يوصف الممارسات العدوانيّة والهمجية للكيان، ويقوي بشكل كبير للغاية أسباب محاولات مقاطعة العدو الصهيونيّ، وبالأخص عقب جرائم الحرب التي ارتبكتها الآلة العسكرية للكيان في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، رغم كل محاولات تل أبيب إخفاء جناياتها، ناهيك عن ملفات الاستيطان، والأسرى، والعدوان المتصاعد على الفلسطينيين في الداخل والخارج.

ومن بين هؤلاء المراهقين الصهاينة الأربعة، حُكم على عينات غيرليتس بالسجن لمدة 10 أيام لرفضها تقديم نفسها إلى وحدة الموارد البشرية في مكان خدمتها، ومن المتوقع أن يحكم على الثلاث مراهقين الآخرين بالسجن لمدة تتراوح بين 10 و 21 يومًا في اللجان العسكرية لجيش العدو، في وقت يتناسى فيه العدو جرائمهم التي شهدها العالم بأسره بحق الأبرياء وبالأخص في غزة.

إضافة إلى تسارع المخططات الاستيطانيّة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة المحتلة والقدس من أجل محاولة وسم هوية مدينة القدس كعاصمة يهوديّة لكيان الاحتلال القاتل واغتيال أيّ مساعٍ فلسطينيّة أو دوليّة لإقامة دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلة عام 1967 من جهة أخرى، ناهيك عن القيود الصهيونيّة على حركة الفلسطينيين والاستيلاء على أراض مملوكة لهم لإقامة مستوطنات يهوديّة في مناطق احتلتها في حرب عام 1967 باعتبارها أمثلة على سياسات تفرقة عنصريّة واضطهاد.

اعترافٌ صهيونيّ وتأكيد دوليّ

بلسانه وبكل وقاحة، يعترف الكيان الصهيونيّ بأنّه لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وخيرُ دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة.

وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.

وبناء على ذلك، حتى منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية أثارت قبل مدّة ضجة كبيرة، وهي مركز إسرائيليّ غير حكوميّ مختص بحقوق الإنسان في الأراضي التي يحتلها العدو الصهيونيّ الغاصب، حيث شدّدت على أنّ حقوق الفلسطينيين أقل من حقوق اليهود في المنطقة بأكملها بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وأنّهم يعيشون تحت أشكال مختلفة من السيطرة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة وقطاع غزة والقدس الشرقيّة وداخل الأراضي المحتلة نفسها، ما أضاف تأكيداً جديداً من الإسرائيليين أنفسهم على منهجيّة الاحتلال العدوانيّة على أصحاب الأرض والمقدسات.

ولم تخفِ المنظمة الإسرائيليّة المناهضة للاحتلال الصهيونيّ في تقرير لها أنّ إحدى النقاط الرئيسيةّ في نتائجها هي أنّ هذه منطقة جيوسياسيّة واحدة تحكمها حكومة واحدة (جيوسياسيّة: السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الوصول إليه).

وأوضحت أنّ هذه ليست ديمقراطية بجانب احتلال، بل “أبرتهايد” (نظام فصل عنصريّ) بين النهر والبحر، وأنّ الكيان الصهيونيّ يخفي حقيقة أنّ ما يقارب الـ 7 ملايين يهودي و7 ملايين فلسطينيّ يعيشون في ظلّ نظام واحد ذي حقوق غير متساوية إلى حد كبير، كما أنّه لا يوجد معيار واحد يتساوى فيه الفلسطينيّ واليهوديّ في فلسطين المحتلة.

ومن الجدير بالذكر أنّ منظمة “بتسيلم” تأسست في 3 فبراير/ شباط عام 1989 على يد إسرائيليين ذوي تأثير، بما فيهم محامون، أكاديميون، صحافيون، وأعضاء كنيست، وتهدف إلى توثيق وتثقيف الجمهور الإسرائيليّ بما يخص الاعتداءات على حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ومحاربة ظاهرة إنكارها السائد بينهم، إضافة إلى ذلك تقوم المنظمة بانتقاد خروقات حقوق الإنسان التي تتم في الأراضي المحتلة الموجهة ضد الفلسطينيين أو الإسرائيليين.

وتعد من أشد منتقدي الكيان الصهيونيّ الذين استخدموا مصطلح “أبرتهايد – الفصل العنصريّ” لعقود من الزمن، تذكيرًا بنظام الحكم الأبيض والفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا الذي انتهى عام 1994، فيما تُعرِّف المحكمة الجنائية الدوليّة “الأبرتهايد” بأنّه نظام مؤسسيّ لقمع وهيمنة منهجيين من قبل مجموعة عرقية واحدة، وفي السنوات الأخيرة مع ترسيخ الكيان الغاصب لاحتلاله الضفّة الغربيّة، تبنّى كتّاب إسرائيليون، وجنرالات سابقون وساسة معارضون لحكومتها اليمينيّة مصطلح “أبرتهايد” بشكل متزايد.

وهذا ما أشار إليه أيضاً تقرير لمنظمة العفو الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان بشأن الاحتلال الاسرائيلي والذي صنف جرائم “إسرائيل” ضد أبناء فلسطين بأنها “جرائم فصل عنصريّ، ناهيك عن اتهامات منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان، الكيان القاتل بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، فيما يرفض الجلاد الصهيونيّ لأدنى انتقاد لجناياته وللوجود الفلسطينيّ بشكل مطلق، ويؤكّد يوماً بعد آخر أنّه لا يمكن أن يتغير دون فضح ممارساته الاستبدايّة ومقاطعته.

تأثير مهم

لا يمكن أن نهمل تأثير تلك الأنباء على الجانب العسكريّ الهام، والروح المعنويّة والقتاليّة والانخراط في قوات العدو، في ظل اعترافات القيادات الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة بأنّ جيش العدو يعاني من ترهل بشري وعسكري، سيشكل عائقاً في تحقيق أيّ انتصار، ناهيك عن تعرض قوات العدو لانتقادات شديدة حول تردي مستوى الجيش ووجود سلسلة من المشاكل وخاصة في سلاح البر، والمشكلات على المستويات اللوجستية والتكنولوجيّة والتنفيذيّة، وبالأخص معضلة الثقافة التنظيمية، وهي مشكلة عميقة لم يتم التطرق إلى محاولة حلها حتى.

ويزداد ذلك الوضع في جيش العدو سوءاً بالتزامن مع سياسة الصمت المتبعة من قبل الضباط في كل الوحدات، وعدم إظهار الواقع السيء في الجيش كما هو على المستوى السياسي، فيما تؤكد تقارير أنّ الجنود الصهاينة يهملون أسلحتهم بعد التدريبات، ولا يقومون بصيانتها حتى، فيما لا يتم استغلال أفضل الوسائل التكنولوجية، في ظل تراجع مستوى جاهزية الكيان وهزيمة خططه بما يشكل خطراً وجوديّاَ عليه.

وقد فشل جيش العدو في التجنيد والحشد من جهة وتآكل وتقلص دور القوات البريّة في الحروب الدائرة من جهة أُخرى، وقد تحدث الإعلام العبريّ كثيراً عن الإقالات والتعيينات العديدة على مستوى القائد العام للجيش الصهيونيّ، وبين وجود علاقة مباشرة بين أداء وهزيمة مسؤولي الجيش الإسرائيلي وإقالتهم وتنصيبهم، كما أنّ الأخطاء التي يرتكبها المسؤولون الإسرائيليون باعترافهم قد تؤدي بـ “إسرائيل” إلى مواقف حرجة للغاية.

في النهاية، أدى الاحتجاج على سياسات الاحتلال والقمع التي يمارسه الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين، وخاصة سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى احتجاج العديد من الشبان الصهاينة ورفض القيام بواجبهم باعتبارهم يشاهدون جبروت جنودهم بأعينهم، وإنّ “إسرائيل” فضحت ساديّتها وعنصريّتها بنفسها من شدّة الجرائم التي ارتكبتها بحق الأبرياء، ومن الضروريّ أن تتكاتف جهود المقاومين في كل مكان إضافة إلى المنظمات الدوليّة الحقوقيّة والمجتمع الدوليّ والعربيّ لفضح هذا السرطان ودعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين على أراضيهم.