في ظل الدور السعوديّ القذر في الحرب على اليمن وتسبب الرياض بجرائم يندى لها الجبين بحق هذا البلد وشعبه منذ عام 2015، أوضح عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي أنّ وقف المعركة مع التحالف السعودي متوقف على رفع الحصار، ويشير إلى جهوزية القوات اليمنية لمواصلة صد العدوان.
مؤكدا أنّ غياب العزيمة الحقيقيّة لفك العدوان والحصار على اليمن يعني استمرار المعركة هناك، نافيّاً أيّ ضربات إسرائيليّة للأراضي اليمنيّة ومشدّداً على المعركة المستقبليّة مع العدو، وذلك مع دخول العدوان السعودي على الشعب اليمني عامه السابع بكل ما يحمله من جرائم ومجازر بشعة لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ وكوارث يندى لها جبين الإنسانية وتجاوزات خطيرة للقوانين الدوليّة ما تسبب بأكبر كارثة إنسانيّة وفق المنظمات الدوليّة.
انتصار قريب
بالتزامن مع استمرار العدوان على اليمن وتصاعد محاولات القوى المشاركة في العدوان لإخضاع الشعب اليمني لما تريده من إملاءات عبر الاستهداف المباشر لكل مكونات اليمن وارتكاب جرائم إنسانيّة تعامت عنها دول غربيّة وعربية ومنظمات دوليّة كبرى مقابل محسوبيات وصفقات ملطخة بدماء اليمنيين، بين الحوثي في مقابلة مع قناة الميادين أنّ “العدو يستمر بالخروقات، وهي لن تثنينا على الإطلاق عن أن نكون حاضرين للمعركة الكبيرة، وللانتصار، والأخد بالثأر للشعب اليمني والأمة العربية الإسلامية”.
معتبراً أنّ خروقات التحالف السعودي “تعتبر وقوداً للجبهات لتبقى حية ومستمرة”، مضيفاً: إنّ “الإجرام يقرّب الانتصار، فكلما نبذوا العهود وخالفوا الاتفاق فإنّهم يقتربون من هزيمتهم”، حيث لاقت تلك التصريحات صدى واسعاً على المستوى الشعبيّ ولا بدّ أنّها أثارت حفيظة قاتلي اليمنيين.
وفيما يتعلق بالقبول الأخير للهدنة وفق الشروط الراهنة عقب تزايد حصيلة أرواح اليمنيين التي يحصدها ما يسمى التحالف العربيّ بقيادة الرياض، ومع تفاقم الكارثة الإنسانية الناتجة عنه والتي باتت الأسوأ في القرن الحادي والعشرين، أكد الحوثي أنّ “القرارات الأخيرة ما زالت تدرس”، معتبراً أنّه “إذا لم يكن هناك عزيمة صحيحة في فك العدوان والحصار فإنّ المعركة ستستمر، نحن لا نأبه بأي تهديد، وإنّ قبولنا بالهدنة جاء لأننا لا نريد الاستمرار في الحرب، لكن إذا استمروا في اعتداءاتهم فلن نقف مكتوفي الأيدي”.
في وقت تطالب فيه منظمات كثيرة دوليّاً بوقف التعاون الاستخباراتيّ واللوجستيّ مع الرياض، ووقف بيع الأسلحة لها، وممارسة ضغوط على الحكومة السعوديّة لوقف قصفها الجويّ وانهاء حصارها لليمن إضافة إلى استئناف المساعدات الإنسانيّة لليمنيين.
وبما أنّ العدوان على اليمن أظهر ارتكاب أبشع الجرائم بحق اليمنيّين من قبل حكام آل سعود، ناهيك عن أسلوب الحصار الخانق على الشعب اليمنيّ الأعزل الذي يعاني أسوأ ظروف صحيّة واقتصاديّة، أشار عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن إلى أنّ الأسلحة التي خيض بها العدوان: “نعرفها ونفهمها ولدينا ما يواجهها”، مشدّداً على أنّ لدى القوات المسلحة اليمنية “أسلحة الردع التي بإمكانها أن تحدد ميزان الردع والانتصار قريباً”.
وهذا أيضاً ما قاله قائد حركة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي الذي أكّد، منذ أيام، إنه يجب “البقاء على درجة عالية من الجهوزية، والانتباه لكل مخططات الأعداء” في ظل الهدنة القائمة.
ومن الجدير بالذكر أنّ الأمم المتحدة أعلنت، في الـ 2 من آب/أغسطس، نقلاً عن مبعوثها إلى اليمن هانس غروندبرغ، أنّ الأطراف المتحاربة وافقوا على تمديد الهدنة شهرين إضافيَّين، مبينةً أنّ “هذا التمديد يشمل التزاماً بشأن استمرار المفاوضات بُغية التوصل إلى اتفاق هدنة موسَّع في أسرعِ وقتٍ ممكن”.
وتتضمّن بنود الهدنة السارية في اليمن، منذ الـ 2 من نيسان/أبريل الماضي، والتي جرى تمديدها أيضاً في الـ 2 من حزيران/يونيو، إيقاف العمليات العسكرية الهجومية براً وبحراً وجواً داخل اليمن وعبر حدوده، وتيسير دخول سفنٍ تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة غرب اليمن، كما تضمنت الهدنة السماح برحلتين جويتين من مطار صنعاء الدولي وإليه أسبوعياً، وعقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات، لتحسين حرية حركة اليمنيين في الداخل.
ومن الضروريّ التذكير بما قالته مؤخراً وزارة الصحة العامة والسكان الیمن، حول أنّ 15483 شهيداً و31598 جريحاً من المدنيين سقطوا جراء العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، كما أنّ اثار العدوان والحصار وتبعاته على القطاع الصحي للعام الثامن أن عدد الضحايا المدنيين بلغ 47081 مواطنا، منهم 15483 شهيداً، و 31598 جريحاً.
مؤكدة أن 25 في المئة من الضحايا المدنيين اطفال ونساء، مضيفة إن تحالف العدوان الغاشم دمر 162 مرفقا صحيا بشكل كامل، و375 بشكل جزئي واخرجها عن العمل، حيث استشهد 66 من الكوادر الطبية بالقصف المباشر من قبل تحالف العدوان، كما تم تدمير 70 سيارة اسعاف.
إضافة إلى ذلك، أشارت الوزارة إلى أن الحصار تسبب برفع معدلات سوء التغذية الحاد الى اكثر من 632 الف طفل دون سن الخامسة و 1.5 مليون امرأه حامل ومرضعة، كما تسبب الحصار والقصف المكثف بأسلحة محرمة الى ارتفاع نسب التشوهات الخلقية والاسقاط للأجنة بمعدل 350 الف حالة إسقاط و 12 الف حالة تشوه.
ولفتت وزارة الصحة إلى أن الحصار تسبب برفع نسب المواليد الخدج الى 8% مقارنة بالوضع قبيل العدوان وبمعدل 22599 حالة سنويا، كما توفيت خلال 8 سنوات من الحصار المستمر على اليمن 40320 امرأة حامل، و 103680 طفلا، وأكدت أن الحصار الجائر على اليمن تسبب في زيادة اعداد المصابين بالأورام بنسبة 50 % عن المعدل بداية العدوان في 2015م وبلغت 46204 حالات خلال العام 2021م.
كما بينت وزارة الصحة أن تحالف العدوان يمنع ادخال معدات طبية حيوية وعزفت شركات دولية عن توريد الادوية الى اليمن نتيجة للحصار.. موضحة أن شحنات مساعدات انتهت نتيجة بقائها في جيبوتي كمحطة قسرية لمرور المساعدات الى اليمن، وبينت أن الفتح المحدود لمطار صنعاء وميناء الحديدة في ظل الهدنة لا يفي بأدنى احتياجات القطاع الصحي وحاجة المرض.. مؤكدة أن تحالف العدوان يواصل قطع رواتب كوادر وموظفي القطاع الصحي، وأكد وزارة الصحة أن رفع الحصار ووقف العدوان نهائيا هو الخطوة الأولى والصحيحة لمعالجة الازمة الانسانية في اليمن.
تمرينٌ للتحرير
في ظل الأنباء التي نقلتها وسائل إعلام تابعة للكيان الصهيونيّ الغاصب، أضاف الحوثي في حديثه إلى الميادين: “كنا نتمنى أن تكون معركتنا المباشرة مع العدو الإسرائيلي”، مشيراً إلى أنّ “الحروب التي تشن على اليمن هي حروب استباقية يعمل العدو على استنهاضها، لتبقى الأمة مليئة بالجراح في مختلف البلاد كاليمن وسوريا وليبيا”.
وتبدو “أنصار الله” جادة في رسائلها فهي التي أسقطت نظريات الانقلابيّ محمد بن سلمان الذي ظنّ أنّه قادر على حسم الحرب على اليمن في أيام معدودة، واليوم يبدو “محور المقاومة” (إيران، العراق، سوريا، لبنان، فلسطين، اليمن) متوحداً أكثر من أي وقت مضى، ودائماً ما تشيد الحركة بما يقوم به الشعب الفلسطينيّ ومقاومته الباسلة، من تصدٍ للاعتداءات الصهيونيّة، مؤكدة وقوف الشعب اليمنيّ بشكل تام مع فلسطين وشعبها ومقاومتها، مع استمرار التنسيق مع حركات المقاومة في فلسطين ومحور المقاومة.
“المعركة الكبرى التي يجب أن يحشد لها الشعب اليمني وشعوب الأمة هي معركة تحرير الأقصى”، حيث إنّ موقف حركة أنصار الله، يتزامن مع التطورات على الأراضي الفلسطينيّة، وإنّ الموقف اليمنيّ يُعد “خطوة مهمة” في سبيل الانتصار للقدس ولفلسطين، وصفعة قويّة للدول التي تورطت في الخيانة (البحرين، الإمارات، السودان، المغرب) ويدعوها إلى مراجعة حساباتها، وقطع كلّ العلاقات مع العدو الصهيونيّ.
وعقب نفي الحوثي ما نقلته مصادر إسرائيلية بأنّ قوات الاحتلال استهدفت خلال معركة “وحدة الساحات” موقعاً في اليمن، قائلاً إنّها “تسريبات إعلامية غير صحيحة، إسرائيل لم تضرب في اليمن ولم تتحرك هنا”، مؤكّداً أنّ “الحرب مع التحالف السعودي تمرين على تحرير الأقصى”، في موقف يمنيّ وصفه ناشطون عرب بـ”العظيم” لأنّه يعتبر العدو واحداً على مختلف الساحات العربيّة.
وخاصة أنّ اليمن يعيش حرباً وحشيّة، وحصاراً خانقاً، وتدميراً ممنهجاً منذ سنوات، ولا يمكن لأيّ لغة في العالم أن تصف المشهد هناك بعد أن كان هذا البلد يوصف بالسعيد يوماً، لكن الآلة العسكريّة السعوديّة ومن معها، قصفت بنيته التحتية بشكل شبه كامل، واليوم يعول الجميع على شجاعة ومقاومة اليمنيين التي تستند إلى أخلاقهم الإنسانيّة والعربيّة والإسلاميّة في كل الميادين، والدليل هو تصريحات الحوثيّ الأخيرة التي أضافت وصمة عار جديدة على دول الخيانة والتطبيع مع عدو العرب والمسلمين الأول.