يبدو أن مسألة تواجد “داعش” في مدينة سرت الليبية لن يستمر إلا أياما معدودات بحسب الأنباء الواردة من هناك. فالجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر يضيق الخناق على هذا التنظيم في شرق ووسط البلاد وبات يحيط بمسقط رأس القذافي من كل حدب وصوب في انتظار إتمام الاستعدادات لاقتحامها.
وتتحدث عديد المصادر على أن الدواعش في سرت يعانون من أزمة مالية خانقة ومن نفاذ في المؤن. وهو ما يرجح فرضية انسحاب هذا التنظيم من مدينة سرت ومحيطها دون قتال، خاصة وأن الجيش الليبي لديه من الطائرات المقاتلة ما يجعله سيد الأجواء على الميدان وقادرا على الحسم مع هذه التنظيمات.
نحو الغرب
ولعل الوجهة المنتظرة للفارين من “دواعش” سرت هي الغرب الليبي، حيث تتعاطف هناك مدن بأسرها مع هذه التنظيمات وتوفر لهم الحاضنة الشعبية والمأوى والمال والعتاد الحربي. كما أن قوات فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس والمشكَّلة من تنظيمات إخوانية ومن منتمين إلى تنظيم “القاعدة” لم تقنع معارضيها بجديتها في محاربة تنظيم “داعش” ومن هو على نهجه من التنظيمات التكفيرية.
فلا يمكن أن يصدق عاقل أن تنظيم “القاعدة” يمكن أن يتغير باتجاه التخلي عن التكفير والإيمان بالديمقراطية والعمل المدني. ومما لا شك فيه أنه لو خُير هذا التنظيم بين “داعش” والأحزاب العلمانية فهو سينحاز إلى “داعش” الذي يشترك وإياه في أشياء كثيرة، بل لعلهما وجهان لعملة واحدة.
عجز حكومي
كما يبدو أن الأحداث قد تجاوزت قدرة الحكومة الجديدة بقيادة فائز السراج، وهي أعجز من أن تحارب تنظيم “داعش” لسببين. أولهما أنها محاطة في طرابلس بقوات فجر ليبيا الإخوانية التكفيرية، وثانيهما أن خليفة حفتر قد قطع أشواطا في محاربة “داعش” في الشرق ويحقق نجاحات قد تسحب البساط من تحت أرجل السراج والمحيطين به في الغرب الليبي.
يشار إلى أن السراج رغب في إنشاء قيادة مشتركة لمحاربة “داعش” تضم الجميع، وهو ما يرفضه حفتر الذي يبدو أن لديه قناعة أن جماعة الغرب الليبي غير جادين في محاربة الإرهاب وأن الهدف من تشكيل هذه القيادة المشتركة يكمن في عرقلة جهوده ونجاحاته في محاربة التكفيريين في شرق ليبيا وأيضا اختراقه من الداخل لمعرفة تحركاته وإجهاض مساعيه.
وتبدو تونس والجزائر أشد المتضررين من فرار عناصر “داعش” باتجاه الغرب الليبي. فمن تسللوا إلى بن قردان التونسية من الدواعش بغية إنشاء إمارة إسلامية وتصدى لهم الجيش التونسي قدموا من الغرب الليبي وتحديدا من مدينة صبراتة التي طالما أنكر رئيس بلديتها وجود داعش بمدينته رغم أن الأحداث تثبت خلاف ذلك.
المصدر: العهد