لم تعد إسرائيل تلك التي صوّرها العرب حين هُزموا وانتكسوا مرارا بأنها قوة لا تقهر ، فقد أسقطت المقاومة الفلسطينية تلك الصورة الذهنية التي كونها الكيان الإسرائيلي المارق عن نفسه جراء الهزائم العربية التي منيت بها أنظمة الخيبة والهزائم أمام الصهاينة طيلة عقود مضت ، حتى تكرست معادلة الكيان الذي لا يقهر.
صارت إسرائيل كيانا هشا هي أوهن من بيت العنكبوت ، فمنذ اللحظة الأولى لانطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية على مدن الكيان المؤقت والزائل بات نصف اليهود في الملاجئ ونصفهم الباقي هارب إليها ، الصور التي نشرت بالأمس للشوارع والساحات في فلسطين المحتلة وهي خاوية على عروشها من الحركة، تجسد مدى الضعف الذي ينخر هذا الكيان المارق.
لم يبق الكيان الصهيوني هذه العقود الطويلة مغتصبا لفلسطين إلا لأن العرب خانوا القضية وباعوا واشتروا فيها ، ولم يقفوا على الحياد فحسب بل وقفوا إلى جانب الكيان الصهيوني في السر والعلن ، وما كان سرا بالأمس بات علنا اليوم حين اتجهت الدويلات والممالك المارقة إلى التطبيع مع الصهاينة ، وإلى التضامن معهم وإلى التشارك في المواقف وفي خطط المواجهة ضد المقاومة الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني.
الحال نفسه فيما تقوم به حركة فتح في رام الله والضفة الغربية ، وحينما انخرطت منظمة التحرير الفلسطينية في سيرك التفاوض السري والعلني مع الصهاينة ، ثم انحدرت إلى مستوى التعاون الأمني مع الصهاينة في ملاحقة الأحرار داخل الأراضي الفلسطينية التي تحكمها حركة فتح المناضلة للأسف ، وهو ما مكن الصهاينة من البقاء محتلين للضفة ورام الله والقدس وفلسطين.
حينما وجدت في غزة مقاومة حقيقية تحررت غزة من دنس الاحتلال الصهيوني ، وباتت سيدة نفسها ، وهي اليوم تخوض المعركة نيابة عن الأمة كلها ، فمتى يمكن للضفة ورام الله والقدس أن تتحرر ، بالتأكيد حينما تسقط سلطة أوسلو وتحل عنها مقاومة جهادية حقيقية كما هو حال غزة.
الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت، هذه حقيقة تؤكدها الأحداث والأيام ، هو قشة حينما يكون هناك مقاومون أبطال يحملون السلاح بقوة.
ما زال العرب الخائبون والخائنون ينظرون إلى إسرائيل بأنها دولة لا تقهر ، ولهذا يرتمون واحدا تلو الآخر في أحضانها ، الأحرار فقط من يعرفون حقيقة إسرائيل “أنها كيان هش ومؤقت وزائل” ، وما لا يدركه الخائبون أنهم حينما ينظرون لإسرائيل بعدساتهم فإنها تعكس ضعفهم وهوانهم لا قوة إسرائيل التي سُحقت في سيف القدس وفي غيرها أمام أحرار المقاومة الفلسطينية.
عبدالرحمن الأهنومي