يعد انحراف الأمة عن دينها، ومبادئها، وقيمها، وفصلها عن قيادتها التي حددها القرآن الكريم ودعا إليها الرسول الأعظم ـ صلوات الله عليه وآله وسلم ـ وتحريف الدين وشطب المعالم الأساسية منه، وغرق الأمة في الفوضى والعبثية وانغماس حكامها في اللهوى والمجون وبعث العادات الجاهلية التي مقتها الإسلام من جديد وضياع الحق وانتشار الظلم وغيرها من الدوافع التي حركت الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ للقيام بنهضته الثورية العظيمة أضف إلى ذلك ما يمليه عليه موقعه الديني والقيادي وكماله الإيماني من مسؤولية فهو البقية الباقة من البيت النبوي الطاهر في مرحلة مفصلية وخطيرة
إما أن يرسم بموقفه منهجا للعزة ومعراجا للسمو والكمال أو دهليزا للذلة خاصة وقد خير بين هذين الأمرين إما السلة وإما الذلة وهيهات من الحسين وشيعته الذلة يأبى الله لهم ذلك ورسوله وأنوف حمية ونفوس أبية وحجور طابت وطهرت وكرمت أن تنجب من يفضل طاعة اللئام على مصاراع الكرام، وهكذا فضل الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله والفعل أن يخط للأمة مسارا للحرية ومبدأ للكرامة يبقى هو فيه القدوة والأسوة إلى يوم القيامة.
العوامل التي صنعت مآسي الأمة
تخليها عن قيم الدين وركونها إلى الظالمين حتى بات الخلاص من بين براثنهم أمرا في غاية الصعوبة.
اللهث وراء السلطة دفع إلى ارتكاب مجازر بشعة بحق الأمة كفعل عمر بن سعد وطارق عفاش وعلي محسن.
الانضواء تحت راية الظالمين خوفا منهم سهل صنع مآسي كبيرة بحق الأمة كمأساة كربلاء وغيرها الكثير.
الطمع جعل الكثير يلتحق بصف الظالمين وينكلوا بأمتهم كحال المرتزقة اليوم وأهل الكوفة بالأمس.
أولياء اليهود والنصارى كالمد التكفيري والأنظمة العميلة الذين ألحقوا بالأمة أكبر المآسي والنكبات.
شطب المعالم الأساسية للدين التي تحمي الأمة لو تمسكت بها وتحريف مفاهيمها مما جعل الأمة تبتعد عنها.
صرف أنظار الأمة نحو الفساد والدعارة حتى فقدت عزتها وكرامتها وهانت عليها مآسيها وآلامها.
الإيمان الحقيقي يصنع الأحرار
حينما نتطلع إلى الإمام الحسين -عليه السلام ـ وهو يجسِّد مبادئ الإسلام، وقيمه، وروحيته، وأخلاقه، ويحمل رايته، ويقف موقفه في التصدي للطاغوت والطغيان الأموي الذي اكتسح الساحة الإسلامية- آنذاك- بجبروته وإجرامه، وتضليله وإغرائه فإننا نرى عظمة الإسلام فيما يصنعه من الإباء والصمود فبعد أن أثبت الحجة على كل من حضر بتبيينه لمكانته الدينية وقرابته النبوية وعرضه للحلول المنصفة ورأى إصرار القوم على غيهم هتف بشعار الحرية ووقف الموقف الإيماني الحقيقي
قائلًا: (لَا وَاللهِ لَا أُعطِيهِم بِيَدِي إِعطَاءَ الذَّلِيل، وَلَا أُقِرُّ إِقرَارَ العَبِيد أَلَا وَإِنَّ الدَّعِي ابن الدَّعِي قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتِين: بَينَ السِّلَّةِ، وَبَينَ الذِّلَّة، وَهَيهَات مِنَّا الذِّلَّة، يَأبَى اللُه لَنَا ذَلِكَ، وَرَسُولُه، وَالمُؤمِنُون، وَنُفُوسٌ أَبِيَّة، وَأُنُوفٌ حَمِيَّة، تُؤثِر مَصَارِعَ الكِّرَامِ عَلَى طَاعَةِ اللئَام) وقد اقتدى به أصحابه ومن حضر معه من أهل بيته سلام الله عليهم فثبتوا وصمدوا وجسد كل منهم عظمة الإسلام وروحيته وأخلاقه التي تأبى الظلم والعبودية لغير الله.
حفيد الحسين يقف موقفه
عندما نسقط واقعنا اليوم على واقع كربلاء سنلاحظ التشابه الكبير سواء فيما يخص جانب الظالمين من حيث تكالبهم ووحشيتهم في عدوانهم على هذا الشعب وقلة الناصر والمساند له أو فيما يخص جانب المؤمنين المجاهدين من حيث وجود القيادة الحسينية وما تتميز به من كمال الصفات الأخلاقية والمبادئ الإنسانية والقيم الإيمانية في ثباته واستبساله وبلاغة منطقه وقوة حجته وحرصه على تعليم الأمة وحمايتها من بطش الظالمين
وهذه القيادة العظيمة متجسدة بشخص السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) الذي وقف موقف جده الحسين(عليه السلام) بكل تفاصيله حينما خير بين السلة والذلة فأختار كأبيه الحسين الحرية نهجا والجهاد دربا والوقوف في وجه الظالمين مبدأ وواجبنا تجاهه هو الوفاء معه كوفاء أصحاب الحسين مع الحسين حتى يكتب الله لنا إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة.
عاشوراء بين الأمس واليوم
هذه الفاجعة الكبيرة لم يطوها النسيان ولم ينهِ تأثيرها امتداد الزمان؛ لأن علاقتها بواقع الأمة من خلال ارتباطها الوثيق والعميق والمؤثِّر في رسم مساراتها، وصياغة مفاهيمها، وصناعة مستقبلها، فقضية الأمس هي قضية اليوم، والمشكلة هي ذاتها، والخيارات في المواقف هي نفسها، وبنفس الآثار والنتائج التي هي نتاجٌ لتلك المواقف؛ لأنها معركةٌ بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وبين العدل والظلم، وبين الحرية والاستعباد.
ملحمة عاشوراء.. نتائج بمستوى التضحية
كان الإمام الحسين (سلام الله عليه)، وأهل بيته، والصفوة الأخيار من الأمة، الذين نالوا شرف الشهادة معه هم القربان في تلك القضية العادلة والموقف الحق والمظلومية لا مثيل لها في تاريخ البشرية، فكانت النتائج بمستوى التضحية ومنها.
أولاً: هزَّت الضمائر الميتة في نفوس أبناء الأمة، وسرعت بزول سلطة يزيد وتقويض ملك بني أمية.
ثانياً: صنعت الوعي، ورسمت الموقف الحق، وحددت المسار الصحيح وحفظة الإسلام بأصالته لكل أجيال الأمة.
ثالثا: قدَّمت النموذج والقدوة في الثبات والصمود، والتفاني، وقوة العزم والإرادة، في أقسى الأحوال وأصعبها.
رابعا: تعتبر محطةٌ تعبويةٌ عظيمة، تمنح الأمة الطاقة المعنوية الهائلة، والقوة الإيمانية لمواجهة الأخطار والتحديات.
تحت شعار ((هيهات منا الذلة)) تمضي قوافلنا المؤمنة
نحن كشعبٍ يمني يعتز بهويته الإيمانية، ويرتبط بسيِّد الشهداء الإمام الحسين -عليه السلام- يجب أن يكون خيارنا وقرارنا هو التمسك بالإسلام في أصالته، ومبادئه، وقيمه، وأخلاقه العظيمة، وأن نكون دائما على استعداد للتضحية بصمودٍ واستبسالٍ حسيني، فلا نخضع، ولا نفرِّط بحريتنا وكرامتنا واستقلالنا، مهما كانت التضحيات ولنمضي دائما تحت شعار (هيهات من الذلة) لأن حريتنا دين وعزتنا إيمان وكرامتنا قيم، ولا يمكن التفريط فيها بأي حال من الأحول.
مقاربات
عندما ننظر للواقع الأموي والواقع الداعشي بشقيه السياسي والديني فإننا سنلاحظ تقارب كبير جدا في المنطلقات والأهداف والسلوك والنتائج فالعنصرية والبغض والحقد والإجرام والعناد واستباحة المقدسات وقتل الأطفال والنساء والإساءة إلى رموز الإسلام بما فيهم رسول الله وآل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين)وتشوية الدين واستعباد الأمة والاستئثار بثرواتها واستباحتهم لقواعد الحلال والحرام والعمل على نشر الفواحش وسفك الدماء بالفتاوى الكاذبة وتحريفهم لمفاهيم الدين
وغيرها من القبائح التي فعلها الأمويون في الماضي، يفعلها التكفيريون اليوم وزيادة تحليلهم للدسكو وجهاد النكاح والتساهل مع بن سلمان في ترويضه للشعب السعودي على السفور والإباحية وتجويزهم بيع الخمور والولاء لليهود والنصارى وغير ذلك وكلا الفريقين أضر بالأمة ضررا كبيرا في كافة الجوانب وعلى كل المستويات.