في حين تفرض الإمارات سيطرة كاملة على جزيرة سقطرى اليمنية، وتنشئ البنى العسكرية وتكرس تواجدها العسكري بالإضافة إلى حلفائها الدوليين، كما تستحوذعلى الجزيرة اقتصاديا، وتنهب ثرواتها، وتعبث يتنوعها الحيوي والبيولوجي الفريد، بينما السكان يعانون أوضاعا معيشية متردية، يذهب مركز الملك سلمان، لعقد دورات للنساء في طريقة تحضير المعجنات والحلويات، في استخفاف واضح بمأساة اليمنيين في عموم البلاد،
وإمعانا في استفزاز مشاعرهم، وهم يرون بلادهم أصبحت نهبا بيد التحالف الذي جاء بدعوى تحريرهم، فيما الحقيقة التي تكشفت مع الأيام أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أو التشكيك، أن هذا التحالف ما جاء إلا ليحتل أرضهم ويوقعهم في شرك الاستعمار الجديد.
وتتخادم الحليفتان “السعودية والإمارات”، في اليسطرة على المحافظات اليمنية الجنوبية والجزر والسواحل اليمنية، كما تتقاسم السيطرة على ثروات البلاد في تلك المحافظات، كالنفط والغاز والمعادن والثروات البحرية، وكذلك السيطرة على الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، وعسكرة كافة المنشآت الحيوية، والحيلولة بين اليمنيين وبين ثرواتهم، حتى في الوقت الذي هم فيه أحوج ما يكونون إلى ما يسد رمقهم، ويحد من أزمتهم المعيشية التي تسببت بها الحرب بقيادة هذا التحالف، للعام الثامن تواليا.
تركز السعودية أهدافها في اليمن، وفقا للاطماع التي لطالما كانت حاضرة على مدى اكثر من 70 عام، والمتمثلة في الزحف والتمدد للسيطرة على أكبر رقعة من الأرض اليمنية، وخاصة مناطق النفط في محافظات الجوف ومارب وشبوة وحضرموت والمهرة، كما أن امتلاك منفذ بحري لتصدير النفط على البحر العربي عبر محافظة المهرة، يعد هدفا استراتيجيا للملكة، تعمل عليه منذ سنوات، ولتحقيق هذه الأهداف فيجب أن تحرص المملكة على إبقاء اليمن ممزقا بالصراعات وبلدا فقيرا لا يمتلك دولة ولا نظام ولا سيادة على أراضيه وثرواته.
وبمقابل اﻷهداف المدروسة والدقيقة واﻷطماع المخططة للسعودية في اليمن، تنطلق الإمارات مدفوعة بعقدة النقص التي تعتريها كدولة بلا تاريخ ولا هوية، لتنفيذ أجندات استعمارية غربية، وهي ترى في ذلك شراكة مع الدول الكبرى مثل أمريكا، في محاولة لأن تثبت لنفسها اولا، ثم لمحيطها الإقليمي أنها أصبحت قوة دولية تمتلك شراكات مع دول عظمى، في حين تعلم في قرارة نفسها انها مجرد بيدق في لعبة القوى الاستعمارية لا يملك من أمره شيء، وذلك هو ما يدفع الإمارات إلى التعامل مع اليمن بوضاعة المستعمر ولصوصيته، والتي أثبتتها ممارساتها في نهب ثروات البلاد والعبث بمقدراتها في جميع المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها.
ورغم تواجد قوات لها في عدن وسقطرى والمهرة وحضرموت، إلا أن السعودية لم يجتذبها وهم السيطرة البحرية في المياه الإقليمية اليمنية من خلال بناء قواعد عسكرية في الجزر اليمنية والسواحل المطلة على ممر الملاحة الدولي في البحر الأحمر وباب المندب، وهو ما يعزوه المحللون إلى كون المملكة تدرك يقينا أن الغرب وعلى رأسه أمريكا، بالإضافة إلى إسرائيل، لن يقبلوا بأي سيطرة لدولة أخرى على هذه المناطق الاستراتيجية اليمنية، التي تحظى بأهمية استراتيجية عالمية، خاصة وأن هذه القوى بقيادة أمريكا هي من منعت خلال عقود ان تكون هناك سيادة او سيطرة كاملة لليمن نفسها على سواحلها وممراتها وجزرها في البحر الاحمر وباب المندب،
كما منعت اليمن من بناء قوات بحرية ذات قدرات تذكر، وفرضت على الأنظمة السابقة في اليمن أن يقتصر التواجد اليمني في أكثر من 120 جزيرة يمنية متناثرة في البحر الأحمر، على حاميات عسكرية بسيطة، في أقل من 10 من هذه الجزر، ودون أي تسليح عدا الأسلحة الخفيفة والشخصية.
وبعكس السعودية تذهب حليفتها الإمارات لتتعامل بخفة غير مسبوقة مع هذا الموضوع الذي له ما له من الحساسية على المستوى الدولي، إذ ذهبت لبناء قواعد عسكرية في كل من سقطرى وجزيرة ميون وغيرها، وأنشأت بنى عسكرية في ميناء المخا، ومناطق أخرى على الساحل الغربي لليمن، وتحديدا المطل على باب المندب، في حين تعلم أبو ظبي أنها لو كانت تشكل أي ثقل أمام القوى الدولية التي تعتبر نفسها حليفة لها، لما سمحت لها هذه القوى بمجرد التواجد في تلك الجزر والسواحل والمياه الإقليمية اليمنية، ناهيك عن أن يكون تواجدها بهذا الحجم.
وتتعامل أمريكا مع الإمارات بذات الطريقة التي سبق وأن تعاملت بها بالنسبة لتواجد الإمارات في الدول الساحلية المطلة على منطقة باب المندب من جهة الغرب، حيث اوعزت لها ببناء قواعد عسكرية في كل من الصومال وأريتريا وجيبوتي، وذلك كوكيل إقليمي ﻷمريكا، في إطار التسابق الدولي المحموم للسيطرة على هذه المنطقة.
عبدالله محيي الدين – YNP