أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 19 مليون شخص يعانون الجوع في اليمن، بمن في ذلك أكثر من 160.000 شخص على حافّة المجاعة. وأكدت أن الجوع في اليمن بلغ أعلى مستوياته، منذ عام 2015، أي منذ بدء العدوان العسكري السعودي على اليمن وحصاره المطبق.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي من المقر الدائم في نيويورك، قال الناطق الرسمي، ستيفان دوجاريك، للصحفيين: “يخبرنا زملاؤنا العاملون في المجال الإنساني بأن الجوع وصل الآن إلى أعلى مستوى له في البلاد منذ عام 2015“.
وأشار إلى أن “خفض التمويل يعوق القدرة على مساعدة المحتاجين”. ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي، اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض الحصص الغذائية لـ8 ملايين شخص بسبب فجوات التمويل، واضطر إلى إجراء جولة أخرى من التخفيضات الشهر الماضي.
وقال دوجاريك: “سيحصل الآن 5 ملايين شخص على أقل من نصف احتياجاتهم اليومية، وسيحصل 3 ملايين شخص على أقذل من ثلث احتياجاتهم“. وأضاف إنّ “أكثر من 8 ملايين امرأة وطفل في اليمن يحتاجون إلى المساعدة الغذائية، بمن في ذلك أكثر من 500.000 طفل يعانون سوء التغذية الحاد”.
وبحلول شهر تموز/يوليو “قد تضطر اليونيسف إلى وقف العلاج لأكثر من 50.000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد“. وبحلول الشهر المقبل أيضاً، ستعلق اليونيسف عملها في مجال توفير المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، لما يصل إلى 3.6 ملايين شخص. وبحلول تموز/يوليو، سيتعين على الوكالة خفض نصف أنشطتها للتوعية بمخاطر الألغام، الأمر الذي يعرض مليوني طفل وعائلاتهم لخطر أكبر من الإصابات والوفيات المرتبطة بالألغام.
وفيما يتعلق بالرعاية الصحية، ستعلق الوكالة، بحلول تموز/يوليو، دعم صحة الأم والطفل، الذي يساعد ما يصل إلى 2.5 مليون طفل و100 ألف امرأة. ومن جانبه صرح المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد جريسلي: “يؤكد التصنيف المرحلي المتكامل على تدهور الأمن الغذائي في اليمن، والمغزى هنا هو أنه ينبغي علينا التحرك الآن، فنحن بحاجة إلى مواصلة الاستجابة الإنسانية المتكاملة لملايين الأشخاص“.
وأضاف: “يجب على أطراف النزاع رفع جميع القيود المفروضة على التجارة والاستثمار في السلع غير الخاضعة للعقوبات. وسيساعد ذلك على خفض أسعار المواد الغذائية وإطلاق العنان للاقتصاد ومنح الناس فرصاً للحصول على وظيفة ومسار جديد للابتعاد عن الاعتماد على المساعدات.”
ويقول برنامج الأغذية العالمي، انه يحتاج إلى 800 مليون دولار في الأشهر الستة المقبلة لتقديم المساعدة الكاملة إلى 13 مليون شخص تُقدم لهم المساعدة حتى الآن. ومنذ بداية العام اضطر البرنامج إلى خفض الحصص الغذائية إلى النصف، اي ثمانية ملايين شخص، بسبب نقص التمويل.
وعلى هذا المنوال نفسه، حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن الأموال اللازمة لإطعام ملايين الأشخاص في اليمن الذي مزقته الحرب قد تنفد في غضون أسابيع ، ودعا المانحين إلى ضخ المزيد من الأموال لتجنب مجاعة واسعة النطاق. وقال “ديفيد بيزلي” المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي لرويترز إن النصف الأول من عام 2022 سيكون قاسيا بالنسبة لليمن الذي يتأرجح على شفا المجاعة بعد قرابة سبع سنوات من الحرب بين تحالف العدوان السعودي وقوات صنعاء. وقال “بيزلي”، “نفد المال لدينا في غضون أسابيع قليلة. لا أرى كيف لا نتجنب، في هذه المرحلة، مجاعة ذات أبعاد، دون ضخ كميات جديدة من الاموال الإضافية.”
وتسببت الحرب والانهيار الاقتصادي وكذلك قيود تحالف العدوان السعودي على الواردات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات صنعاء، بما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم ، حيث يواجه 16 مليون شخص المجاعة. وقال برنامج الأغذية العالمي في يونيو / حزيران الماضي إنه استأنف التوزيعات الشهرية لنحو ستة ملايين شخص في المناطق اليمنية التي تشهد أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي بعد أن استجاب المانحون للتحذيرات.
لكن في سبتمبر / أيلول الماضي، دقت الوكالة الأممية ناقوس الخطر مرة أخرى، قائلة إن هناك حاجة ماسة إلى 800 مليون دولار إضافية في الأشهر الستة المقبلة. وقالت إنه سيتعين خفض الحصص إلى 3.2 ملايين شخص بحلول أكتوبر تشرين الأول وخمسة ملايين بحلول ديسمبر كانون الأول دون مزيد من الأموال.
وتصاعدت المعارك في الأسابيع الأخيرة في المناطق الغنية بالطاقة في مأرب وشبوة، ما زاد من إعاقة تدفق المساعدات في بلد يحتاج 80٪ من سكانه البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى المساعدة. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في وقت سابق من هذا الشهر إن أربعة من كل خمسة أطفال يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ، بينما يعاني 400 ألف من سوء التغذية الحاد.
واستمرارا للمآسي التي يعيش فيها أنباء الشعب اليمني جنوبا وشمالا، كشفت الأمم المتحدة، قبل عدة أسابيع، أن نحو نصف الشعب اليمني يفتقرون إلى مياه الشرب النقية وخدمات الصرف الصحي، بسبب الصراع الدائر في اليمن للعام السابع على التوالي. وذكرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة عبر حساب بعثتها في اليمن على “تويتر”، أن “اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وما يقرب من 15.4 مليون شخص يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي“. وقالت المنظمة إنها “زودت 2.1 مليون شخص بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العام الماضي في اليمن“. ومنذ أيام، أعلنت الأمم المتحدة أن طفلاً واحداً يموت في اليمن كل عشر دقائق لأسباب كان من الممكن تفاديها بما في ذلك من جرّاء الجوع والأمراض.
ويعتقد عدد من المراقبين أن صمت الأمم المتحدة عن مثل هذه التقارير، والتباكي على الشعب اليمني المكلوم، يكشف مستوى الضحالة الاخلاقية التي باتت تسير عليها الأمم المتحدة، باتخاذ اليمن أداة للتسول، بغرض إثراء جيوب مسؤولي الأمم المتحدة. وخصوصاً أن المنظمات الدولية العاملة في اليمن، تواجه اتهامات بالمتاجرة بالأزمة الإنسانية التي صنعها التحالف في اليمن.
وعلى صعيد متصل، ذكر العديد من المراقبين، أن الأمم المتحدة شريك أساسي في الابادة الجماعية التي تحدث للشعب اليمني من خلال صمتها وموافقتها على الحصار الجائر الذي تفرضه قوات العدوان على ميناء الحديدة منذ اكثر من خمس سنوات ونصف السنة والذي بدوره يهدد بكارثة انسانية بكل المستويات والمقاييس وعلى راس ذلك القطاع الصحي.
وأكد اولئك المراقبين، أنه لن تعود الحياة والحق في العيش على هذه الارض الا بالقضاء على الشرذمة التي تدعي أنها إنسانية وهي اليد الاساسية في كل الخراب في العالم. وطالب المراقبون الاحرار والكّتاب بتعرية الامم المتحدة أمام الملأ وكشف مخططاتها والجرائم التي تقوم بها.
وفي الختام، يمكن القول إن حكومة صنعاء لا يمكنها أن تعول ابداً على الأمم المتحدة في تحقيق اي تقدم نحو السلام العادل ولن تعول عليها في أي أمر في ظل الهيمنة الأمريكية والمال السعودي عليها والذي اخرجها تماما عن دائرة الاستقلال.
وما استمرار قيادة صنعاء في مجاراة الأمم المتحدة إلا من باب التأكيد على حسن نواياها وعلى رغبتها الحقيقية في الوصول إلى السلام العادل والمشرف، وهو في الوقت ذاته تأكيد على أن المواجهة والصمود هو خيارها الوحيد من دون السلام العادل وأن على تحالف العدوان والامم المتحدة أن يعلموا أن الاستسلام غير وارد ولا وجود له في كل قواميسها أياً كانت النتائج التي تتمخض عن هذا الموقف الاساسي والمبدئي لليمنيين قيادة وشعباً.