قال موقع “ذي إنترسبت” (The Intercept) الأمريكي إن وثائق حصرية ومقابلات مع مسؤولين عسكريين ومدنيين كشفت أن فرقا صغيرة من قوات العمليات الخاصة الأمريكية تشارك سرا في حروب بالوكالة في العديد من البلدان بأفريقيا، والشرق الأوسط، ومنطقة آسيا، والمحيط الهادي.
وأوضح في تقرير له أنه في حين نشر الموقع ووسائل إعلام أخرى من قبل عن استخدام وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) لبرنامج سري يُسمى “127 إي” (127e)، إلا أنها المرة الأولى التي يتم الحصول فيها على وثائق جديدة بموجب قانون حرية المعلومات؛ تقدم أول تأكيد رسمي على أن نحو 12 دولة شملها برنامج “127 إي” على نطاق العالم، وأن قوات الكوماندوز الأمريكية نفذت ما لا يقل عن 23 عملية بين عامي 2017 و2020 في إطار هذا البرنامج.
العديد من الدول العربية
ونسب الموقع إلى الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل الذي ترأس كلا من قيادة العمليات الخاصة والقيادة المركزية تأكيده وجود عمليات لمكافحة “الإرهاب” بموجب برامج “127 إي” لم يُكشف عنها سابقا في مصر، ولبنان، وسوريا، واليمن.
كما أكد مسؤول دفاعي كبير سابق آخر، طلب عدم ذكر اسمه، أن نسخة سابقة من برنامج “127 إي” كانت تُطبق في العراق، وفي تونس. وتلقي الوثائق الضوء على السمات المميزة للبرنامج، مثل استخدام السلطة لتسهيل الوصول إلى مناطق من العالم لا يمكن الوصول إليها بخلاف ذلك حتى على صعيد قوات النخبة الأميركية.
وقال الموقع إن الوثائق والمقابلات توفر الصورة الأكثر تفصيلا حتى الآن لسلطة تمويل غامضة تسمح لقوات الكوماندوز الأميركية بإجراء عمليات لمكافحة “الإرهاب” من خلال قوى شريكة أجنبية وغير نظامية في جميع أنحاء العالم.
تكتم على البرنامج
وأضاف أن المعلومات الأساسية عن هذه المهمات مثل مكان إجرائها، وتواترها وأهدافها، والقوات الأجنبية التي تعتمد عليها القوات الأميركية في التنفيذ غير معروفة حتى لمعظم أعضاء لجان الكونغرس ذات الصلة والموظفين الرئيسيين في وزارة الخارجية.
وتستطيع واشنطن بموجب هذا البرنامج تقديم الأسلحة والتدريب، وتوفير المعلومات الاستخبارية للقوات الأجنبية. ولكن على عكس برامج المساعدة الخارجية التقليدية، التي تهدف في المقام الأول إلى بناء القدرات المحلية، ففي هذا البرنامج يُرسل الشركاء الأميركيون في مهام موجهة “ضد أعداء أميركا” لتحقيق الأهداف الأميركية.
ويقول الجنرالات المتقاعدون الذين لديهم معرفة وثيقة ببرنامج “127 إي” إنه فعال للغاية في استهداف الجماعات المسلحة مع تقليل المخاطر على القوات الأميركية، لكن الخبراء يقولون إن استخدام السلطة غير المعروفة يثير مخاوف جسيمة بشأن المساءلة والرقابة، ومن المحتمل أن ينتهك دستور الولايات المتحدة.
وأشار الموقع إلى أن سلطة البرنامج واجهت لأول مرة تدقيقا كبيرا بعد مقتل 4 جنود أميركيين على يد مسلحي تنظيم القاعدة في كمين بالنيجر عام 2017، وادّعى العديد من كبار أعضاء مجلس الشيوخ أنهم يعرفون القليل عن عمليات أميركية هناك.
شركاء سيئون
وقال إن التقارير السابقة من قبل “إنترسبت” وغيره وثقت جهود البرنامج في العديد من البلدان الأفريقية، بما في ذلك شراكة مع وحدة سيئة السمعة من الجيش الكاميروني استمرت مدة طويلة بعد ارتباط أعضائها بفظائع جماعية.
وأشار التقرير إلى أن الجنرال ريتشارد دي كلارك قائد العمليات الخاصة الحالي شهد أمام الكونغرس في 2019 بأن برنامج “127 إي” أدى بشكل مباشر إلى القبض على آلاف “الإرهابيين” أو قتلهم، وتعطيل الشبكات والأنشطة “الإرهابية”، ومنع “الإرهابيين” من النشاط في مجموعة واسعة من بيئات العمل بتكلفة مالية لا تتعدى جزءا ضئيلا مما تكلفه البرامج الأخرى.
شراكات مع الجيشين المصري واللبناني
وأوضح الموقع أن بعض الوثائق التي حصل عليها بموجب قانون حرية المعلومات تعرضت للتنقيح بشكل كبير لدرجة أصبح من الصعب تحديد البلدان التي نُفذ فيها البرنامج والقوى التي تعمل معها الولايات المتحدة، ومع ذلك تبيّن أن هناك شراكة لم تكن معروفة من قبل مع وحدة خاصة من قوات النخبة اللبنانية تُسمى “جي 2 سترايك فورس” (G2 Strike Force)، تعمل مع القوات الأميركية لاستهداف تنظيمي الدولة والقاعدة في لبنان.
كذلك توضح الوثائق أن القوات الأميركية دخلت في شراكة مع الجيش المصري لاستهداف مسلحي تنظيم داعش في شبه جزيرة سيناء، لكن القوات الأمريكية لم تكن ترافق شركاءها المصريين في القتال، كما هو شائع في دول أفريقية أخرى.
وقال الموقع إن للولايات المتحدة تاريخا طويلا من المساعدة للجيشين المصري واللبناني، لكن استخدام القوات المصرية واللبنانية كوكلاء لأميركا يُعدّ تطورا مهما في العلاقات بين واشنطن والبلدين العربيين.
وأشار إلى أنه بينما تتعرض سيناء لحجب إعلامي شبه كامل، وثقت جماعات حقوق الإنسان انتهاكات واسعة النطاق من قبل الجيش المصري هناك، مثل “الاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، وربما الهجمات الجوية والبرية غير القانونية ضد المدنيين”.