“خاص”
مركز شارون لإغاثة الـيـمــن؟
الكولونيل الإسرائيلي والمحلل الاستراتيجي العسكري “أودي ايفينتال” وبتاريخ السبت 25 يونيو 2022م، كتب مقالاً تحليلياً باللغة العبرية بعنوان حرب الـيـمــن أين ذهبت وما القصة؟، مرفقاً في مقاله صور وخرائط وتقرير مطول للـ BBC لذات الغرض نُشر في فبراير 2021م.
واعترف الكولونيل الإسرائيلي في مقاله المنشور على حسابه في تويتر أن الحرب في الـيـمــن خلقت أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ حسب تقديرات الأمم المتحدة فإن نصف السكان وعددهم 17.4 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدة غذائية، مرفقاً صورة لمواطنين يمنيين يلهثون بعد منظمات السلة الغذائية، ووصف اليهودي الصورة بأنها مروعة.
وعبر الكولونيل “أودي ايفينتال” عن صدمته من الصورة، قائلاً أنها “مروعة لكننا سننقذهم هنا“، في إشارة إلى الكيان سيقوم بإنقاذ تداعيات الكارثة الإنسانية في الـيـمــن.
وهنا العقيد اليهودي الصهيوني يقدم الكيان الصهيوني كمُنقذ لنصف سكان الـيـمــن من المجاعة، لكنه لم يحدد جغرافيا المجاعة التي حدثت أو قد تحدث وتفتعل إعلامياً في المستقبل، وربما يقصد اليهودي جغرافيا الجزر اليمنية من البحر العربي إلى البحر الأحمر وباب المندب وشريط ساحلي يمتد من الشرق للجنوب إلى غرب تهامة اليمن، بما يتناسب مع نصف سكان اليمن الجوعى.
واليهودي سينقذهم عبر التدخل العسكري وإنشاء مركز “إبراهام للإغاثة باليمن” ومركز “شامير لإغاثة الشعب اليمني”، الى جانب “مركز الملك سلمان للإغاثة”، وشكراً شارون الصهيوني بعد شكراً سلمان المُتصهين، في حين ابن البلاد اليمني “مُحتل وميليشيات وفارسي ومجوسي”.
الشعب الصومالي وأمريكا
في مطلع العام 1992م قالوا أن المجاعة تهدد الملايين من الشعب الصومالي، وأمريكا تعلن نشر الجيش الأمريكي في الصومال ديسمبر 1992م، بمبرر إيصال مواد الإغاثة للشعب الصومالي “الجائع” وبعملية أسموها “إعادة الأمل” والجنرال الصومالي “محمد فرح عيديد” يقول: “لسنا بحاجة إلى الغرباء”، وهدد القوات الغازية بأنه “سيعيدها إلى أمريكا في أكياس الجثث”.
وفي تاريخ الثالث من أكتوبر سنة 1993م حصلت معركة في العاصمة الصومالية مقديشو، بين قوات الجنرال “محمد فرح عيديد” وبين قوات الاحتلال الأمريكي تم خلالها قتل الأمريكان وإسقاط طائراتهم بالـRPG وجثث القتلى من الجنود والطيارين والضباط الأمريكان تنتشر في شوارع مقديشو وبالعشرات.
والشعب الصومالي شارك قواته وقام بجر الجثث في شوارع العاصمة مقديشو حافية عارية من الملابس، ووسائل الإعلام العالمية بالتصوير والبث والنشر، وفيتنام الثانية هي مقديشو الصومال، وفي تاريخ 25 مارس من العام 1994م الجيش الأمريكي يولي الأدبار يا “أودي ايفينتال”، يا “هنري كيسنجر”، يا “بايدن”.
والشعب اليمني والمجاهدين المؤمنين على أحر من الجمر لاستقبال سعيد اليهودي وتوماس الأمريكي، ومنازلة العدو الأصيل وجهاً لوجه هو غاية القوم المؤمنين بعد 7 سنوات من التعامل مع المنافق الوكيل الأرخص سعراً بالتاريخ والجغرافيا، ولا ولن يطول المقام والزمان لليهود والإنجليز والأمريكان في يمن الأنصار والإيمان.
إرهاب وهابي حسب الطلب
المحلل العسكري الاستراتيجي الكولونيل الصهيوني “أودي ايفينتال” أرفق في مقالته خارطة لليمن موضحاً فيها أماكن وجود تنظيم القاعدة الوهابي التكفيري في الـيـمــن، وأشار إليها باللون البني، وبواقع ستة مواقع تنتشر في محافظات النفط الجنوبية منها ثلاثة مواقع في حضرموت وموقع في شبوة وموقع في أبين وموقع يضم البيضاء وشبوة وأبين.
وتلك شماعة احتلال آبار النفط والنهب بمبرر مكافحة الإرهاب، وقد يتطور السيناريو إلى سلخ المحافظات النفطية اليمنية عن الـيـمــن وتجويع وإفقار الـيـمــن وإشعال فتن وحروب تنبثق من ركامها إسرائيل الكبرى في القرن 21 الميلادي، ولذلك قال بايدن سنوقف إطلاق النار في الـيـمــن باستثناء محاربة الإرهاب.
وهو سيناريو للصهيونية العالمية مُكرر مُعجل من القرن الثامن عشر الميلادي إلى القرن الـ21 الميلادي، عبر نشر الإرهاب الوهابي التكفيري المتوحش، ليأتي الغرب الاستعماري كمنقذ من الإرهاب الوهابي، ثم احتلال ونهب وتقسيم وإسرائيل الكبرى بعد إسرائيل الصغرى وبالشقيقة الكوبرى مملكة بني سعود.
ولعل المتابع يدرك كثافة المغالطات الصادرة مؤخراً من الإعلام المعادي -منذ شهرين تحديداً- كُثفت الحملات الرامية لمساواة الأنصار بتنظيمات التكفير الوهابي أدوات الاستخبارات الأمريكية والبريطانية داعش والقاعدة والاخوان والسلفيين، مضاف إليها حملات لتلميع القاعدة بعد إصدارها مسرحية بعنوان “عضو حالي في القاعدة يشارك تجربته مع داعش، ويكشف قلتهم الجائر ضد المسلمين السنة الأبرياء في اليمن وتفجيرهم المساجد“، وظهور حلقات منتظمة على قناة 24 السعودية تحدثوا فيها عن خلافات تعصف بين القاعدة وداعش، محاولين ترسيخ مساواتها بأنصار الله.
وهي حملات يُفهم منها التوجه المعادي الدموي القادم في الـيـمــن عبر القطعان التكفيرية، إضافة لمحاولة تجنيد المزيد من القطعان عبر الحديث عن خلافات بين داعش والقاعدة بشكل ترويجي لتنظيم القاعدة بتجميل وجهها القبيح، فهي بخلاف تنظيم داعش تحرص على المسلمين السنة في المساجد!، خطاب مفضوح وعلى الأجهزة الأمنية رفع اليقظة ومضاعفة الجهوزية من الهجمة المعادية القادمة التي بدأت تظهر على شكل اغتيالات وتفجيرات في المناطق المحتلة شمالاً وجنوباً، لكنها في جغرافيا الأنصار ستفشل فشلاً ذريعاً بإذن الله.
المطبخ الإعلامي يهودي صهيوني
مقالة اليهودي الصهيوني “أودي ايفينتال” تكرر نفس مفردات ومصطلحات وجمل وكلمات أبواق العدوان، لتبدو أحاديث متواترة وبشكل عكسي من الوكيل للأصيل من إعلام عواصم العدوان الخليجي إلى تل أبيب اليهودي “ايفينتال” مروراً بأبواق العدوان الخونة العملاء ولا غرابة ولا عجب في ذلك فالمطبخ الإعلامي في تل أبيب الصهيونية العالمية.
ينعق الصهيوني في مقالته أسطوانة “تعز محاصرة، والحوثيين يرفضون رفع الحصار عن تعز” و “الحرب الأهلية اليمنية”، و “الحوثيين استولوا على صنعاء “، و “إيران سيطرت على باب المندب”، و “إيران تسلح الحوثيين”، و “السعودية في خطر من الحوثيين وإيران”، و “تحالف عسكري لإعادة هادي”، و “مأرب هي مراكز إيواء للنازحين”، و “الحوثيين يريدون السيطرة على مأرب لإعلان الانتصار”، و “الحوثيين يخرقون الهدنة ووقف إطلاق النار”، و “الحوثيين لا يريدون سلام وإنهاء الحرب”، و “الحوثيين يجندون الأطفال ويقيدون حرية النساء ويضطهدون الأقليات الدينية ويغيرون المناهج الدراسية”.
تخطت الموجهات الإعلامية المعادية من التداول المعلومات إلى التطابق التام -وهذا ليس بجديد- من بدايات ثورة 21 سبتمبر 2014م شكلت غرف عمليات على الصعيد الإعلامي تمهيدا للعسكري والسياسي والاقتصادي وهو ما بات جلياً أكثر من أي وقت مضى، فلا فرق بين ما يقوله اليهودي الصهيوني وبين ما يردده المُحتل السعودي والإماراتي وبين ما يردده البوق المرتزق والخائن والعميل من أبناء جلدتنا.
وفي آخر تقليعات مطابخ وغرف الصهاينة المظلمة أصدر حساب يسمى بـ”إسرائيل بالعربية” -وهو حساب رسمي للكيان المؤقت ناطق بالعربية ويروج للتطبيع وتعويم حالة الاستسلام والانبطاح تحت مسميات السلام- أصدر صورة كلنا يد واحدة ضد ما أسماه بالإرهاب الإيراني، واللافت في التقليعة حقيقة أقر بها من حيث لا يشعر بأن الحوثيين مصدر القلق الأول للكيان المؤقت، موضحاً أن اليد الواحدة موجهة ضد إيران والحوثيين وحزب الله وحماس والميليشيات في العراق، على الترتيب.
وبالتالي يستشف للمتابع اليوم لماذا حرص الإعلام المعادي على شن حملات مسعورة على الأنصار وبمفردات حادة، بحدة وموقف الخنجر اليمني الذي يصرخ في كل مكان وزمان بالموت لأمريكا وإسرائيل، فكانت حملاتهم المسعورة نتيجة لحملة التعبئة والاستنهاض لمواجهة الهجمة الأمريكية الإسرائيلية العدوانية على المنطقة، وليتجلى نتائج هتاف الحرية الذي أطلقه الشهيد القائد -طيب الله ثراه- مرسخاً حالة الهلع والخوف في أحشاء الكيان المؤقت وصانعيه وأتباعه، فأصبح الأنصار يشكلون خطراً على الكيان بدرجة أولى قبل حزب الله وقبل المقاومات الفلسطينية، والحديث هنا لانطباع صادر من صهاينة، ولا نرمي به لما قد يساء فهمه لناحية الغرور أمام أخوتنا المجاهدين في محور القدس فهم سادة المجاهدين في هذا العالم.
بن سلمان يمارس الهواية المُفضلة
الصهيوني “ايفينتال” قال في مقالته حرفياً أن “السعوديون سحبوا رعايتهم للرئيس عبد ربه منصور هادي الموجود بالمنفى بالرياض وتم وضع هادي الفاسد والغير الشعبي تحت نوع من الإقامة الجبرية -طريقة مفضلة لدى محمد بن سلمان- وحل محله مجلس رئاسي يضم ثمانية فصائل تقاتل الحوثيين، وبذلك انسحبت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة من مطلب استعادة نظام هادي والذي نص عليه أيضا قرار مجلس الأمن“.
انتهى الاقتباس وانتهى هادي وشرعجيته بعد 7 سنوات عدوان ومجازر وحصار وتدمير ومعاناة، وهادي لم يعد الشرعي بل “فاسد وغير شعبي وتحت الإقامة الجبرية وتلك هي هواية مفضلة لأبو منشار السعودي”، تراجيديا النهاية فقط لا غير، حيث يصمت المنافقون والمنافقات من الداخل والاقليم والمجتمع الدولي عن حديث “الرئيس الشرعي”، دمى تم انتزاع البطاريات من أحشائها لتخرس، جيم أوفر للنسخة الأولى من اللعبة، فاللاعب الصهيوني خسر مقامرته الأولى ولم يعد مسلياً “إعادة الـيـمــن للحضن العبري” فأبناء الـيـمــن يدهم خفيفة على الزناد ويتوعدون الصهاينة بالموت.
وبدلاً من إعلان الهزيمة والاستسلام يهرب الصهيوني للأمام مرعوباً من كابوس الزوال القادم مع خروج محور المقاومة منتصراً في عشرية النار، ويقرر تطوير قواعد اللعبة في إصدارها الثاني، والقوات الموالية للشرعجية أصبحت فصائل ثمان وبمهمة مقاتلة أبناء الخالة الحوثيين ولغرض في نفس بني صهيون، وفي نفس الوقت أخوة يوسف الصديق الفصائل الثمان تتحالف مع الأمريكي لمحاربة الإرهاب وتتحالف مع اليهودي لإغاثة الملهوف.
على دفعتين رموه في الجب أولاً، وثانياً باعوه بثمن بخس، ليعودوا له بعد سنين وقد أضحى صاحب التمكين، وعلى دفعتين أرادوا سحق يمن الأنصار، أولاً بعدوان السبع سنوات دمار وحصار قرباناً لشرعية نعتوها “بالفاسدة والغير شعبية”، ليدشنوا ثانياً عدوان الأخوة الثمانية مع خماسية الصهاينة والأمريكان والإنجليز وآل سعود وبن زايد، وحتماً يا أخوة يوسف ويا قوى الغزو والاحتلال والنهب والتقسيم والتجويع والإفقار شعب الأنصار العظيم لن يكون أقل من الشعب الصومالي، ويقيناً المجاهدين المؤمنين بالانتظار، وبعد سبع الدمار والحصار قطعاً سنراهم ساجدين في سبع النصر والانتصار، كما سجد أحد كوكباً والشمس والقمر، سيسجد الثمانية الأخوة ومعهم خماسية الشر عند أقدام الأنصار، “وكان حقاً علينا نصر المؤمنين”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد اليمني الأول
المحرر السياسي
27 يونيو 2022م