الحكومة وأجندتها العاجلة
قد لا أضيف جديدا إذا تحدثت عن دلالات تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، وقطعاً فإن الحديث عن أجندة هذه الحكومة لن يكون جديداً أيضاً، بيد أن أهمية الخطوة – وقد تأخرت كثيراً- تقتضي الإشارة إلى نقاط مفصلية من باب التذكير ليس إلا..
من هذه النقاط أن الحكومة قد تشكلت في إطار ملء الفراغ السياسي الذي أحدثته استقالة هادي وبن بحاح قبيل العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا. وملء الفراغ لا يتصل فقط بالمقاعد الوزارية، لكنه سيمتد أيضا إلى مفاصل الأجهزة الحكومية في العاصمة والمحافظات، حيث عملت اللجان الثورية بكل دأب، فحافظت على مؤسسات الدولة وحالت دون انهيارها وتلاشيها، وإن شاب أدائها بعض القصور والاختلال.
ولأنها حكومة إنقاذية في المقام الأول، يتعين عليها الوضوح التام في إقرار الأجندة التي ستشتغل عليها في مواجهة العدوان والحصار وتداعياتهما، ثم العمل الجاد على تنفيذ الأجندة، وإطلاع الرأي العام على عملها أولاً بأول، في إطار من المصداقية والشفافية، حتى يكون الشعب عوناً للحكومة، وعينا لها في الوقت ذاته.
الأزمة الاقتصادية هي الأخرى تفرض على الحكومة نوعاً من التقشف في تنفيذ برامجها، وفيما يتعلق بحقوق الوزراء المادية، وقطعاً أنه لا مجال مع هذه الحكومة للانحراف أو الفساد المالي والإداري..وليتذكر الوزراء أن سابقيهم في حكومة الوفاق ممن كانوا محسوبين على الثورة والتغيير، قد أساءوا لأنفسهم ولأحزابهم حين تسابقوا على المصالح الذاتية والمال الحرام، متجاهلين تضحيات الشباب وتطلعاتهم، والدعم الشعبي لحكومة كان ينتظر أن تكون أكثر كفاءة ونزاهة، فتبخرت الأحلام وطاحت الحكومة بفعل ثورة ثانية.
مخاطبة العالم والمجتمع الدولي هي الأخرى من الأولويات الملحة، التي تتطلب وحدة الخطاب والتنسيق بين كل الجهات، وحتى مع المؤسسات الأخرى خارج الحكومة، بحيث يصبح خطاب اليمن الخارجي في هذه المرحلة الحساسة مدروساً وموحداً ومنسجماً مع متطلبات المواجهة في مختلف الميادين، العسكرية والسياسية والاقتصادية.
احترام الدستور والقوانين تأتي أيضا في صدارة المهام العاجلة لحكومة الإنقاذ الوطني، فإذا فرضت ضرورات الأمن العام اتخاذ إجراءات خارج القانون، فينبغي أن تكون محدودة ومبررة، وقد يكون من الأصلح إقرار قانون للطوارئ، بدلا من انتهاك القانون والصمت حيال تجاوزات النافذين هنا أو هناك.
إضافة إلى ذلك، من المهم أن تفكر الحكومة في معالجات جذرية للترهل الإداري الذي تعانيه مؤسسات وأجهزة الدولة، وإذا أقدمت هذه الحكومة على خطوة تصحيحية عميقة في هذا الجانب، ستكون قد تركت بصمة جلية يحمدها الناس وتذكرها الأجيال.
لن أطيل، فالطموحات والتطلعات كبيرة جداً. ومع علمنا أن التحديات غاية في الصعوبة والتعقيد ،إلا أنه لا خيار أمام هذه الحكومة إلا النجاح والنجاح فقط..مع دعواتنا لرئيس الحكومة وأعضائها بالتوفيق والسداد.
عبدالله علي صبري