أطلق الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” الجمعة الماضية، خلال فعاليات منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في دورته الـ 25، العديد من المواقف المهمة في هذا الفترة الحساسة عالمياً، يمكننا اختصارها بعبارة “زمن الهيمنة الأمريكية انتهى”.
حيث أكدّ الرئيس بوتين، في أول حضور له في مناسبة ذات طابع دولي واسع منذ اندلاع العملية العسكرية في أوكرانيا، بأن العالم لم يعد كما كان، وأن “زمن الهيمنة الأميركية قد ولى”، مشدداً في خطابه الذي كان أغلبه موجهاً إلى دول المعسكر الغربي وشعوبه، على أن العالم أحادي القطب قد انتهى، لكن هناك محاولات مضنية لمحاولة استعادته.
مع الإشارة إلى أن خطاب بوتين تأخر عن موعده حوالي الساعة، بسبب مواجهة منظمي المنتدى هجوماً سيبرانياً قوياً، على منصة الدخول الإلكترونية للمنتدى.
المواقف السياسية
تمحور الشق السياسي من الخطاب، حول التداعيات الاستراتيجية العالمية، للعملية العسكرية للقوات الروسية في أوكرانيا، وهذه أبرز النقاط:
_ فشل المحاولات في عزل روسيا، وانهيار أوهام السيطرة الجيوسياسية للولايات المتحدة الأمريكية على العالم، مشيراً إلى أنه لم يعد من الممكن تجاهلُ مصالح مراكز القوى الجديدة في العالم.
_الأوهام الجيوسياسية التي عفا عليها الزمن، قوّضت الثقة بالعملات العالمية (في إشارة الى الدولار واليورو).
_ العالم لم يعد كما كان قبل بدء العملية، فواشنطن بعد أن أعلنت نفسها الطرف المنتصر في الحرب الباردة، توهمت بأن مصالحها مقدسة، لذا سارت الأمور في اتجاه واحد، وازداد عدم الاستقرار في العالم.
_ فقدان الاتحاد الأوروبي لسيادته بالكامل، بحيث بات يخضع بشكل أساسي للإملاءات الخارجية. وواصفاً العمليات الديمقراطية التي تجرى فيه بأنها تشبه ألعاب السيرك، معتبراً أن النتيجة المباشرة لتصرفات السياسيين الأوروبيين ستكون، في زيادة تفاقم عدم المساواة في بلدانهم، ما سيزيد من انقسام مجتمعاتهم.
متوقعاً تغير السلطة في أوروبا، بعد تفاقم مشكلات العدالة الاجتماعية وانقسام المجتمع بسبب أخطاء الاقتصاد، عبر تصاعد الراديكالية، وفي المستقبل تغيير النخب الحاكمة.
_ وفي شأن العملية في أوكرانيا، قال بأن قرار شنها كان صعباً، لكنه كان حتمياً، مشيراً إلى أن الغرب كان يسيطر عسكرياً على أوكرانيا، ويضخ الأسلحة هناك كما يفعل الآن. مؤكداً أن كل أهداف العملية سوف تتحقق.
المواقف الاقتصادية
_العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على بلاده، هدفت إلى تدمير الاقتصاد الروسي، لكنهم لم ينجحوا لأن هذا القطاع عمل بكفاءة، والشعب الروسي كرس وحدة الصف. منتقداً السياسات الأوروبية التي كبدت دولها خسائر بـ400 مليار دولار، وبالتالي عانى الغرب من العقوبات أكثر من روسيا.
فالميزانية الروسية في 2022 تسجل فائضاً بقيمة 3 تريليونات روبل (51.7 مليار دولار)، معتبراً بأن العقوبات تفتح مجالات واسعة أمام تطوير قطاعات روسية مهمة.
_انتقاد دول “المليار الذهبي” التي وصفها بأنها ما زالت تعدّ كل الدول الأخرى مستعمرات من الدرجة الثانية. متهماً إياها بأنها أوصلت العالم وصل إلى هذا الوضع، نتيجة لأنشطتها على مستوى الاقتصاد والسياسة.
_سخر بوتين من التوقعات الغربية المتشائمة بأن الدولار سيصبح 200 روبل، والتي لم تتحقق، مما جعل أوهامهم “لم تزد على كونها حملة دعائية”.
_ نفي علاقة العملية الروسية بتفاقم المشكلات الاقتصادية والأزمة العالمية، فجوهر هذه المشكلات هو في السياسات الاقتصادية الغربية خلال السنوات الأخيرة.
_ أزمة الغذاء والجوع التي نشأت إثر تراجع إمدادات الأسمدة في العالم، تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأمريكية التي فرضت حصاراً على الأسمدة، وتبعها في ذلك الدول الأوروبية، وعندما أدركت واشنطن أن الحصار ضار، رفعت الحصار فيما الأوروبيون لم يرفعوه بعد بسبب البيروقراطية لديهم.
_ منع السفن الحبوب الأوكرانية من الإبحار عبر موانئ البحر الأسود، والتي لا تتجاوز حمولتها 13 مليون طن من أصل إجمال إنتاج يبلغ 800 مليون طن، لا يغير شيئاً.
مجدداً في الوقت عينه استعداد بلاده لتأمين عمليات الإمداد، بشرط أن يقوم الجانب الأوكراني بنزع الألغام التي زرعها قرب الموانئ. محذراً من استخدام القمح المصدر من أوكرانيا إلى دول الغرب، لدفع ثمن الأسلحة لكييف.