يعجز المرء، وهو يتابع بالصوت والصورة وقائع معركة الدريهمي، عن أن يلخص الكم الكبير من المشاهد والمواقف والأحداث التي حدثت، والتي يمكن قراءتها من مجريات المعركة.
وفي تفاصيلها حضور القائد المستمر، الذي كان له الدور الكبير في إمداد المجاهدين بالروح المعنوية والصبر والثبات، ومثل اهتمامه وحنكته إلى جانب المنهج والقضية أبرز الأسباب التى تسلح بها المجاهدون، متجاوزين فارق العدة والعتاد، وتجلى العزم والصمود والثبات والشجاعة والاستبسال في أكمل معنى.
وفي معركة الدريهمي شاهدنا التدخل الإلهي في أكثر من موقف، ورأينا رجالا في عمق المعاناة يواجهون بالصبر الظروف المتكالبة ضدهم، ويختلقون في المعمعة الحلول الناجعة التي أبقت الحياة تدب في أوصال المدينة المعزولة والمنكوبة، وحصنتها بجرعات إضافية من الصمود.
وكما تجلت في أبهى صورة عظمة الله وحنكة القائد وفاعلية النهج وصوابية القضية، فقد تبدى لنا حجم التوحش الإجرامي لقوى العدوان، ومقدار اللاإنسانية في منظومة الأمم المتحدة، وغياب الإعلام والموقف الدولي الذي يتشدق بالانتصار للإنسان، ولا يزال يتسوق بهذا المفهوم في كل موقف.
وعلى ذكر الجانب الإنساني الذي غاب في الدريهمي يتوارد إلى الذهن الهدنة الممددة أممياً بدوافع تقول إنها إنسانية، بما يمثل استمرارا لتسويق هذه المزاعم التي تدحضها الظروف الحقيقية، والتي أدت إلى تمديد هذه الهدنة، والمتعلقة بالمخاوف من الضربات الموجعة والمتوقعة في حال اندلعت الحرب في ظل الواقع الدولي الراهن، وهذا ما يثبته الأداء المتنصل من الإيفاء بالمقررات الإنسانية، وانعدام مخرجاتها، فيما يستمر التحشيد العدائي لمعارك قادمة على أكثر من جغرافيا.
غير أن التعاطي الرسمي اليمني يفقه هذه الدوافع من واقع خبراته المتراكمة خلال سبع سنوات من العدوان، ويتعامل مع المتغيرات الدولية بحنكة واقتدار، مستمرا باستدعاء فرص السلام بمسؤولية دينية وإنسانية، مع إبقاء اليد على الزناد، والجاهزية المادية والمعنوية لكل الخيارات.
ومن دروس الدريهمي التي قدمت نموذجا مصغرا لمشروع وطن، وكشفت بسالة المدافع ووحشية المعتدي، إلى القيادة والإدارة الحكيمة لملحمة الدفاع عن الأرض والسيادة والقرار، يتعاظم حاضر ومستقبل شعب فرض نفسه رقما بين الأمم، وصنع مجده من بين ركام القصف وقيود الحصار.
ــــــــــــــــــــــــــــ
سند الصيادي