الملحمة التي رأيناها اليوم في الجزء الرابع من سلسلة وثائقي #الدريهمي_حصار_وانتصار كانت حامية الوطيس، وإذا حمي الوطيس اختبأنا خلف أولئك الأبطال من المجاهدين، ونحن أمام شاشاتنا نشاهد، وذلك لعظيم ثقتنا بهم فما رأيناه في الأجزاء السابقة كفيل بذلك.
وقبل أن أتعمق أكثر.. لكأنّي رأيت اليوم أسلوبًا جديدًا للعدو ومرتزقته في تعاملهم مع المجاهدين، تجلى بوقاحة _وأظن أنها المرة الأولى يستخدمونه_ في محاولة إغراء المجاهدين بتسليم أنفسهم أو الخروج من طرق آمنة _كذبًا_ وكل ذلك بحجة أن قيادتهم لا تهتم لأمرهم!!
الأمر تارةً مضحك وتارةً يدعو للرد.. لنعد قليلًا إلى محور من محاور الجزء الثالث من هذه السلسلة، ولنستذكر ذاك القائد الذي لم يقبل بأخذ ثلاثة أسرى من أفراده مقابل إرجاع جثة شهيد؛ قائلًا: “هم إلا من تعز.. احرقوهم” أنا هنا لن أتحدث عن العنصرية والمناطقية والخيانة والارتزاق!! بل سأعرّج قليلًا بالمقارنة، وأعلم أني سأظلم المجاهدين بذلك، لكن منهم السماح ومني الجرأة لأن القيادة التي أرسلت المؤونة بجوف الصواريخ والطائرات المسيرة والهيلوكبتر هي أهدى وأحقّ وخير ممن لا يهدِّي!
أما الشيء الملفت في هذا الجزء فهو ما وفق الله بها مخابرات المجاهدين من حنكة وتقنيات أرعبتنا نحن؛ فكيف بالعدو الذي لم يغزُ إلا وقد علم المجاهدون بنيته، وأعدوا له عدة المواجهة من طرف وعدة فك الحصار من طرف آخر بقوة توزعت مابين الأطقم والعتاد والأسلحة التي لأول مرة تستخدم هناك، ولم يدرِ بتحركها وشتان ما بين الفريقين!
الفريق الواثق بالله والمتكل عليه هو المنتصر.. الفريق الذي أعد العدة وعمل على مباغتة عدوه، صابرًا عاملًا بتوجيهات السيد القائد التي ذكر فيها أن الله علق الوعد بالنصر على الصبر، هو الفريق الفائز، وهم يدركون ذلك قبل أن يتساءلوا: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا!!
لم يخلُ هذا الجزء من تعزيز ثقتنا أن السيد القائد هو من يقود معركة فك الحصار بنفسه، وكأنه يقاتل في جنوب الدريهمي، ويصد زحفًا في شرقها ويقتحم من غربها ويستبسل في شمالها حتى أذن الله بفك حصارها على أيدي رجاله.. وما تلك التوجيهات الدقيقة والحكيمة التي سمعناها إلا خير شاهد ودليل.
وللأسف أبى المرتزقة إلا أن يُقتلوا، وخيرهم _ولا خير فيهم_ قام بتسليم نفسه.. قام بتسليم نفسه ممارسًا حركة غبية لا تنطلي على من اتكل على الله وهمّ بالانتصار، حين قال: “احنا تبعكم” هههه لا تستغربوا.. العقلية التي يحملها هي العقلية التي يحملها قادته، وإلا لما رأيتموهم اليوم مهانين أذلاء يسترقّهم ضابط سعودي أو إماراتي مسترقّ لدى أمريكا والكيان المؤقت.
نعم.. أخلاق المجاهدين برزت في هذا الجزء ككل مرة، والعطف واللين يتخللها في جملة مختصرة: “تعال هانا من الرصاص.. لا تقلق.. ادوا له إبرة النزيف” قالها أحدهم لأسير كان مقاتلًا شرسًا قاتل المجاهدين وحاصرهم لعامين ونيف!!
ذاك الحصار الذي استمر لعامين ونيف؛ أذن الله بفكه في ثلاثة أيام حسوما، ليقضي الله أمرًا كان مفعولا
أما حين غنم المجاهدون عتاد المعركة، ومن ثم أتى توجيه القيادة بحرق الغنائم؛ لا أدري لماذا استذكرت تلك اللحظة خطة القائد العسكري الأول رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة حين أمر كل مقاتل بأخذ فانوس حين الغزو؛مرهبًا أعداءه في خطة محكمة أخافتهم، لذا رأيت حرق الأطقم مشابهًا لذلك، وقد يكون تشبيهي في غير محله، لكن ما أنا واثق منه هو أن الله قذف في قلوبهم الرعب، وأنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم؛ ليتجلى ذلك الإيمان في حمدهم وشكرهم لله عز وجل وهم يشتمّون نشوة النصر ويتذوقون حلاوته في دقائقه الأولى.
كُسر الحصار، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، وفرح أهالي مديرية الدريهمي بفك الحصار عنهم، وبأولئك المجاهدين الذين يقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان، والذين كان همهم الأول هو إسعاد المواطنين وتبشيرهم بذاك النصر الإلهي المقدس، لنستمع إلى صرخة الإيمان بالمشروع القرآني من عجوز في غرب الأرض الطيبة، حوصِرت ظلمًا وعدوانًا.
يا ليتني أستطيع مشاهدة الجزء الخامس من هذه السلسلة الآن، فشوقي يزداد لحظة بعد أخرى، لكن الغد موعدنا بإذن الله
#في_الانتظار
ــــــــــــــــــــــــــــ
أسامة الفران