تعددت أشكال الحملات الدولية التي تطالب بمحاسبة إسرائيل على مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، حيث وقّع 126 فناناً غربياً بينهم نجوم من هوليوود ومؤلفون وموسيقيون وكتّاب بارزون، عريضةً تدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، واستمرار الصمت الدولي عنها، مُطالبين بتحقيق العدالة للصحفية شيرين أبو عاقلة.
ودعا الممثلون مارك رافالو وسوزان ساراندون و تيلدا سوينتون وكاثرين هان وستيف كوجان في رسالة مفتوحة إلى “المساءلة الكاملة لمرتكبي هذه الجريمة، وكل من شارك في الإذن بارتكابها”.
ومن أبرز الموقعين على العريضة المخرجون السينمائيون بيدرو ألمودوفار وكارول مورلي وبوتس رايلي وآصف كاباديا ومايكل وينتربوتوم، والموسيقيون توم موريلو وماسيف أتاك وبن أوفو وسيون كوتي. ودعمت العريضة منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية في اتخاذ إجراءات متناسبة “لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، ووضع حد لإفلاتها من العقاب”.
وطالب المُوقّعون على العريضة باتّخاذ تدابير جادّة لضمان “المساءلة الكاملة” حول جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة، والاعتداء على جنازتها من قِبَل شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وأكّد المُوقّعون أن الجريمة تعد “انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، واعتداء على الصحافة وحرية التعبير”. مُطالبين بفرض عقوبات على إسرائيل، التي تحظى “بغطاء دبلوماسي أمريكي على الدوام”.
كما أدانوا “المعايير المزدوجة” التي تتعامل بها الحكومات الغربية، داعين إلى “تطبيق ثابت للقانون الدولي وحقوق الإنسان”، ومحاسبة مُرتكبي الجريمة بحق الزميلة شيرين أبو عاقلة، وسائر المدنيين الفلسطينيين.
وتضمنت العريضة التي نشرتها منظمة “فنانون من أجل فلسطين” في المملكة المتحدة أن القوات الإسرائيلية قتلت 45 صحفيًا منذ عام 2000، وأصابت عددًا آخر، لمجرد قيامهم بعملهم. وأضافت إن هذه “الجرائم هي جزء من العنف والمضايقات والترهيب ضد الصحفيين الفلسطينيين الذين يسلطون الضوء على ما وصفته منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية، وبتسيلم، بأنه نظام فصل عنصري مفروض على الصحفيين الفلسطينيين والشعب الفلسطيني”.
وتابعت العريضة “ندعو حكوماتنا الغربية لإنهاء نفاقها، والعمل بثبات في تطبيق القانون الدولي وحقوق الإنسان. إننا ندعوهم إلى اتخاذ إجراءات هادفة لضمان المساءلة عن مقتل شيرين أبو عاقلة وجميع المدنيين الفلسطينيين الآخرين”.
وخلص الموقعون الذين كان من بينهم الممثل ولاعب كرة القدم السابق إريك كانتونا، والمؤلفة نعومي كلاين، ودي جي ماريا ستامبر، والمؤلف والاقتصادي يانيس فاروفاكيس، إلى أنه “يجب ألا تكون هناك معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالحق الأساسي للإنسان في الحرية من الاضطهاد والقهر والحق في الحياة والكرامة”.
وفي سياق متصل ، بدأت حملة جمع تواقيع أعضاء من الكونغرس الأمريكي على رسالة تقدم بها عضوان عن الحزب الديموقراطي تطالب مكتب التحقيقات الفيدرالي بإجراء تحقيق في مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
وتقول الرسالة التي يقف خلفها العضوان في الكونغرس أندريه كارسون، ولو كوريا “نظرًا للوضع الهش في المنطقة والتقارير حول وفاة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، نطلب من وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) فتح تحقيق”.
والرسالة موجهة إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، ووزير الخارجية أنطوني بلينكين، وتطلب مسودة الرسالة إجراء تحقيق من مكتب التحقيقات الفيدرالي وكذلك وزارة الخارجية حول ما إذا كان مقتل الصحفية الأمريكية ابو عاقلة في الأراضي التي تحتلها إسرائيل ينتهك أي قوانين أمريكية.
وتقول الرسالة: “نكتب إليكم بشأن الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وهي فلسطينية أمريكية تبلغ من العمر 51 عامًا وتعمل صحفية في قناة الجزيرة، توفيت برصاصة قاتلة في مدينة جنين بالضفة الغربية في 11 ايار 2022. نطلب من وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) فتح تحقيق في وفاة السيدة أبو عاقلة”.
واضافت الرسالة: “في 11 ايار 2022، أفادت وكالة أسوشيتد برس بأن السيدة أبو عاقلة أصيبت برصاصة في رأسها على أطراف مخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية. ونُقل منتجها الصحفي الفلسطيني علي السمودي إلى المستشفى في حالة مستقرة بعد إصابته برصاصة في ظهره. كما أفادت التقارير بأن الصحفيين الفلسطينيين الذين كانوا برفقة السيدة أبو عقلة والسيد سمودي في ذلك الوقت قالوا إنهم أبلغوا الجنود الإسرائيليين بوجودهم، وأنهم لم يروا مسلحين في المنطقة”.
واشارت الرسالة الى زعم الجيش الإسرائيلي أن الضحايا وقعوا بعد إطلاق نار بين مسلحين فلسطينيين وقوات الدفاع الإسرائيلية”. وتابعت: “مع ذلك، فإنه مع وجود وسائل الإعلام وشهود العيان الحاضرين إلا أن التقارير الواردة متضاربة. وقالت شذى حنايشة، وهي صحفية فلسطينية أخرى من بين الصحفيين الذين وجدوا مع عاقلة إنه لم تقع اشتباكات أو إطلاق نار في المنطقة المجاورة. كما تسلط التقارير الواردة من واشنطن بوست ونيويورك تايمز و(سي إن إن) والجزيرة الضوء على هذه التقارير.
كما أعلن وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة أن ملف اغتيال شيرين أبو عاقلة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي سيحال إلى المحكمة الجنائية الدولية بمجرد استكماله في أقرب فرصة ممكنة، في حين جدد الرئيس محمود عباس رفضه مشاركة إسرائيل في أي تحقيق بشأن الجريمة. وقال إن قانون الغاب سيسود إن لم تتم محاسبة إسرائيل باعتبارها دولة مارقة، مؤكدا أنه لا بد من مرجعية قانونية سواء من مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو غيرهما.
وصرح بأنه من الضروري تشكيل لجنة تحقيق، سواء اعترفت إسرائيل بجريمتها أو لم تعترف، موضحا أنه لا حصانة لأي أحد أمام المحكمة الجنائية الدولية وتابع “لنا الحق في إحالة المتهمين إليها”. وأوضح الشلالدة أن المقذوف الذي أطلق على شيرين صادر من جنود الاحتلال الإسرائيلي، وأن التفاصيل ستصدر قريبا.
وأضاف “يمكنني الآن أن أتحدث عن نوع السلاح الذي أطلق منه المقذوف، لكن علينا الانتظار قليلا”. وحمّل الوزير إسرائيل كامل المسؤولية الجنائية عن هذه الجريمة، وقال “نحن مع أي لجنة تحقيق دولية ولا بد من إيجاد آليات للملاحقة والمساءلة”. ونفى المسؤول الفلسطيني وجود ضغوط على السلطة، مؤكدا أن التأخير في إعلان نوع السلاح مرتبط بمجريات التحقيق.
وقد جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض السلطة الفلسطينية مشاركة إسرائيل في التحقيقات في اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة. وقال عباس إن الجانب الفلسطيني لن يسمح بأي شكل بأن تكون إسرائيل شريكة في التحقيق في ظروف استشهاد شيرين أبو عاقلة.
من جانبه، أبدى حسين الشيخ -عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير- انفتاح الجانب الفلسطيني على أي مشاركة دولية في التحقيق في ظروف استشهاد شيرين أبو عاقلة باستثناء إسرائيل.
وشدد الشيخ على أن السلطة الوطنية الفلسطينية رفضت، وستواصل رفض إعطاء إسرائيل الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة.
وقالت النيابة العامة الفلسطينية إن تحقيقا أوليا يؤكد أن مصدر إطلاق النار الوحيد لحظة إصابة شيرين كان قوات الاحتلال. وأضافت العامة الفلسطينية -في بيان- إن السبب المباشر لوفاة شيرين أبو عاقلة هو تهتك الدماغ نتيجة الإصابة بمقذوف ناري ذي سرعة عالية. كما أكدت العامة استمرار إجراءات التحقيق في الجريمة النكراء التي ارتكبتها قوات الاحتلال.
من جهته، اعتمد مجلس الأمن الدولي – الجمعة- بيانا صحفيا، كانت الولايات المتحدة قد وزعته على الدول الأعضاء، أعرب فيه عن استنكاره الشديد لمقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة. ودعا البيان الصحفي إلى إجراء تحقيق فوري وشامل وشفاف في مقتل شيرين أبو عاقلة، كما شدد على الحاجة إلى ضمان المساءلة ووجوب حماية الصحفيين بصفتهم مدنيين.
من جهة أخرى، قالت “قناة 12” الإسرائيلية إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي استمع إلى تقارير داخلية أظهرت أن الجيش الإسرائيلي هو من أطلق النار على شيرين أبو عاقلة، وذلك مرجح بقوة.
وأضافت القناة الإسرائيلية إن مصدرين حضرا اجتماع رئيس أركان الجيش أكدا لها المعلومات بخصوص التقارير التي استمع إليها كوخافي بشأن مسؤولية الجيش الإسرائيلي عن مقتل شيرين أبو عاقلة.
وحسب القناة، فقد طلب كوخافي التريث في النشر بشأن احتمال إطلاق جنوده النار على شيرين أبو عاقلة، وطلب إجراء إعادة تمثيل لما جرى بحضور خبراء. كما اعترف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في الاجتماع بأن احتمال قتل جندي إسرائيلي لشيرين أبو عاقلة عن طريق الخطأ قائم بالفعل.