في خطوة هدفها التصعيد المتعمد من جانب كيان الاحتلال الصهيوني في القدس المحتلة ورُغم تحذيرات المقاومة في قطاع غزة.. أقرت سلطات الاحتلال خط سير “مسيرة الأعلام” الاستفزازية، التي ينظمها المستوطنون الصهاينة، نهاية الشهر الجاري، في باب العامود والحي الإسلامي في البلدة القديمة.
وبحسب إعلام العدو الصهيوني تُصر حكومة الاحتلال الصهيوني على إقامة “مسيرة الأعلام” الاستفزازية في مدينة القدس المحتلة وفق مسارها المخطط له عبر مرورها من باب العامود والبلدة القديمة وصولًا لحائط البراق، وهذا ما يدعو للتساؤل.. هل سيُعاد سيناريو معركة “سيف القدس” عام 2021؟.
ووفقاً لما هو مخطط من قبل العدو الصهيوني، فإن المسيرة الاستفزازية ستصل إلى ساحة باب العامود، الذي سيتم إغلاقه أمام حركة الفلسطينيين في القدس المحتلة، وقد يقيم المستوطنون حلقات رقص في المكان، وستدخل المسيرة من باب العامود إلى طريق الواد، وهي الطريق الرئيسية في سوق القدس، وتمر في الحي الإسلامي ومن ثم إلى باحة حائط البراق.
وفي هذا السياق.. حذّرت (غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية)، كيان الاحتلال، من “ممارساته في كلّ المدن المحتلة والقدس على وجه الخصوص والدعوات لاقتحام المسجد الأقصى عبر مسيرة الأعلام”.. مشيرة إلى أنها “أسباب تدفع للوقوف بحزم وإصرار”، وأن “سيف القدس لن يغمد وسيكون حاضراً”.
وقالت الغرفة المشتركة، في بيان لها، خلال حفل وطني نظّمته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لإحياء ذكرى معركة “سيف القدس”: إن “ممارسات العدو في كلّ المدن المحتلة والقدس على وجه الخصوص وما يجري فيها من انتهاكات مستمرة فضلاً عن الدعوات الساقطة لاقتحام المسجد الأقصى عبر مسيرة الأعلام المزمع إجراؤها بعد أسبوع من الآن كلها أسباب تدفعنا للوقوف عندها بكل حزم وإصرار، لمساسها الواضح بمنجزات سيف القدس”.
وأضافت: “شعبنا لن يسمح بالمطلق بكسر قواعد الاشتباك والعودة إلى مربع الاستفزازات الذي قلنا كلمتنا فيه بكل قوة”.. مشيرةً إلى أن “سيف القدس البتّار لن يُغمد وسيكون حاضراً عند حسن ظن شعبنا ولن ينجح العدو مهما فعل بفصل الجغرافيا الفلسطينية، والاستفراد بأهلنا ومقدساتنا”. وشدّدت الغرفة في بيانها على “وحدة الساحات وعلى قدسية الدم الفلسطيني أينما وجد في غزة والضفة والقدس والشتات وصولاً إلى إنهاء النكبة الفلسطينية”.. مؤكدة أن “خيار الجهاد والمقاومة باقٍ ما بقي الاحتلال”.
من جهتها أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في تصريح صحفي، أن قرار ما يسمَّى “محكمة الصلح” الصهيونية السَّماح لليهود الصهاينة بممارسة طقوسهم التلمودية، خلال اقتحاماتهم المستفزّة لباحات المسجد الأقصى المبارك، لعبٌ بالنار”.وأضافت الحركة: إن القرار الصهيوني تجاوزٌ لكلّ الخطوط الحمر، وتصعيدٌ خطيرٌ يتحمّل قادة الاحتلال تداعياته التي ستكون وبالاً عليهم، وعلى حكومتهم وعلى قطعان مغتصبيهم.. مشددة على أن مثل هذه القرارات سترتدّ عليهم جميعاً بمزيد من المقاومة والتصدّي، حتّى كبح جماح مخططاتهم التهويدية.
وأوضحت أنَّ “كلَّ شبرٍ من المسجد الأقصى المبارك هو حقٌّ خالصٌ للمسلمين، كان وسيبقى، ولا سيادة فيه إلا لشعبنا الفلسطيني”.. مشيرةً إلى أن الاحتلال لن يفلح وقطعان مغتصبيه وجماعاته المتطرّفة في فرض واقع جديد على أرضه المباركة بالقوّة والإرهاب. كما أكدت أن أهل القدس وأبناء فلسطين عامّة سيتصدون لهذه المخططات بكلّ قوّة وبسالة، ولن نسمح بها مهما كان الثمن.
إلى ذلك.. قال رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية في كلمته -خلال المؤتمر: إن المقاومة الفلسطينية نقلت المعركة إلى داخل الكيان الصهيوني وإلى كل شبر من أرض فلسطين.
وأضاف هنية: إن “معركة سيف القدس” ضربت نظرية الردع والحروب الخاطفة التي اتبعتها إسرائيل.. مشيراً إلى أن من نتائجها توحيد الأرض والشعب والقضية وإزالة الحواجز الجغرافية داخل فلسطين. وشدد على أن “حماس لن تسمح مطلقا باستباحة الأقصى والعربدة في شوارع القدس”، وقال: “نحن لا نتحدث فقط، وأفعالنا تسبق كلماتنا، وصراعنا مع المحتل الصهيوني دخل مرحلة جديدة”.
ووجه هنية خطابه إلى الكيان الصهيوني قائلا: “أقول بوضوح وأحذر العدو من الإقدام على مثل هذه الخطوات، فالشعب الفلسطيني والمقاومة لن يسمحا بذلك”. وتابع: “نتابع التهديدات المستجدة والتلويحات المستمرة باقتحام المسجد الأقصى المبارك”، ودعا الفلسطينيين إلى أن يكونوا في كامل الجاهزية من أجل عدم السماح للاحتلال بالعبث بالمسجد الأقصى.
ورأى أن قضية فلسطين “كقضية تحرر وطني عادت مرة أخرى للبروز في صورة للوحدة والتماسك بعد معركة سيف القدس”، مؤكدا أن المقاومة لن تسمح باستباحة الأقصى والعربدة في القدس المحتلة.
بدوره.. قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في كلمة مسجلة تم بثها خلال المؤتمر: إن “المقاومة ملتزمة بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى”. وأضاف: “معركتنا لأجل القدس لا تزال قائمة على مدار الوقت، والهجمة اليهودية ما زالت في ذروتها ولن نقبل بها، وعلينا أن نكون في كامل جاهزيتنا واستعدادنا”.
وجدد تأكيد حركته على ضرورة “وحدة الشعب في كافة أماكن وجوده من أجل حماية المقاومة واستمرارها”، مطالبا بوحدة الساحات القتالية لعدم السماح للعدو بالاستفراد بمنطقة دون غيرها. وتابع قائلاً: إن “وحدة قوى المقاومة في المنطقة ضرورة لا يمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال، ويجب الدفع باتجاه تعزيز محور القدس بكل ما نملك من قوة”.
كما نددت وزارة الخارجية الفلسطينية بحملات التحريض لحشد أوسع مشاركة لاجتياح القدس المحتلة واستباحة بلدتها القديمة واقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك بمناسبة ما يسمى “يوم القدس”. وقالت الوزارة في بيان صحفي: إن هذه الحملات التحريضية تعتبر جزءا لا يتجزأ من مشاريع ومخططات الاحتلال الرامية لاستكمال عمليات تهويد المدينة المقدسة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها وترسيخ ضمها.
وحملت الوزارة حكومة الاحتلال الصهيونية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن قراراتها المتطرفة وأنشطتها الاستعمارية التهويدية في القدس، حسب البيان. وحذرت من مخاطر وتداعيات ما وصفتها بالمحاولات الرسمية الرامية لجر الصراع إلى مربع الحرب الدينية لإخفاء الطابع السياسي للصراع.
وأعلنت المرجعيات الإسلامية، في مدينة القدس المحتلة، أنها لا تعترف بـ”أي قرار أو قانون”، يصدر عن أي محكمة أو أي جهة صهيونية، بشأن المسجد الأقصى المبارك.
جاء هذا في بيان مشترك، صدر عن المرجعيات الإسلامية بالقدس، وهي: مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية، والهيئة الاسلامية العليا، ودار الافتاء الفلسطينية، وديوان قاضي القضاة في القدس ودائرة الأوقاف الاسلامية وشؤون المسجد الأقصى، تعقيبا على قرار محكمة الاحتلال، بالسماح للمستوطنين المتطرفين، بأداء طقوس تلمودية بالمسجد الأقصى.
وقال البيان: “ترفض الهيئات والمرجعيات الاسلامية في القدس الشريف، القرار الذي صدر عمّا تدعى محكمة الصلح أمس (الأحد) بالسماح للمتطرفين اليهود بأداء الطقوس التلمودية العلنية، في المسجد الاقصى المبارك خلال اقتحاماتهم”. وأضاف: “نؤكد بأننا لا نعترف بأي قرار أو قانون على المسجد الأقصى المبارك لأي محكمة أو أي جهة كانت، حيث أن المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته هو مسجد إسلامي بقرار رباني”.
وتابع البيان قائلاً: “المسجد الاقصى المبارك بمساحته البالغة 144 دونما بكل مساحته ومصلياته وأروقته فوق الأرض وتحتها، هو مسجد إسلامي كامل، للمسلمين وحدهم، ولا يقبل القسمة ولا الشراكة وأنه جزء من عقيدة كل مسلمي العالم”.
وقالت المرجعيات والهيئات الإسلامية في بيانها: إن إدارة أوقاف مدينة القدس هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص بإدارة كافة شؤون الحرم القدسي الشريف. وحذرت من “المساس الخطير بالوضع التاريخي والديني والقانوني القائم قبل عام 1967 في المسجد الأقصى”.
وأكدت الهيئات والمرجعيات الاسلامية في القدس الشريف بطلان هذا القرار وانعدام الأثر القانوني له حسب القانون الدولي الذي لا يعترف بسلطة القضاء الصهيوني على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها شرقي القدس وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
بدورها أكدت الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، أنّ الدعوات المستمرة من المستوطنين لمسيرة الأعلام في القدس المحتلة واقتحام واسع للمسجد الأقصى؛ ستجرُّ الاحتلال للهاوية. وقال رئيس الهيئة ناصر الهدمي: إنّ اعتداء الاحتلال على الأقصى سيؤدي لانفجارٍ كبيرٍ في الأوضاع الميدانية، ولن يتوقعَ أحد نتائج ذلك.
وكان خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري قد أكد أنّ مسيرة الأعلام التي ينوي مستوطنون تنفيذها في محيط البلدة القديمة بالقدس يوم الأحد القادم، محاولة لترميم “حالة الفشل التي مُني بها الاحتلال في الآونة الأخيرة. وأوضح الشيخ صبري أنّ هذه ليست المرة الأولى التي يُثير فيها الاحتلال رغبته بتسيير هذه المسيرة، لكنه “فشل في كلّ مرة خلال الفترة القريبة الماضية، والآن يُثيرها من جديد ليردّ اعتباره”.
وحذر من وصول المستوطنين يوم الأحد للمسجد الأقصى، لإظهار سيادتهم عليه.. مؤكدًا أنّ سماح محكمة الاحتلال للمستوطنين بأداء طقوس تلمودية خلال اقتحامات المسجد، قرار باطل وعدوان وتأكيد على طمع الاحتلال به ومحاولته تغيير واقعه بشكلٍ تدريجي.
ورفض حقوقيون فلسطينيون قرار محكمة للاحتلال الصهيوني، القاضي بشكل أولي بالسماح للمستوطنين بأداء طقوس وصلوات تلمودية داخل المسجد الأقصى المبارك “بصوت مرتفع”.
والعام الماضي، نظم الآلاف من المتطرفين الصهاينة مسيرة حملوا خلالها الأعلام الصهيونية واقتحموا منطقة باب العامود أحد أبواب البلدة القديمة في مدينة القدس الشرقية المحتلة، مرددين هتاف “الموت للعرب”، قبل أن يتوجهوا نحو حائط البراق.
وفي مايو 2021 تسببت الانتهاكات الصهيونية في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في القدس باندلاع عدوان صهيوني على غزة استمر 11 يوما وخلف مئات الشهداء والجرحى ودمارا كبيرا في المنازل والبنى التحتية.
ويذكر أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حذرت الاحتلال في وقت سابق – خلال ما يسمى بأسبوع (الغفران اليهودي) الذي شهد تصاعد اعتداءات اليهود تجاه الأقصى وتفريغه لتسهيل اقتحامه على المستوطنين- من رفع علم الاحتلال في باحات الأقصى.
ونشر نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي، قيام أحد أفراد (شرطة) الاحتلال بنزع علم الاحتلال من بين يدي مستوطن حاول رفعه داخل باحات “الأقصى”.
وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة، الأحد، أن فصائل المقاومة نقلت رسائل عاجلة للوسطاء تحذر فيها من مغبة التصعيد الصهيوني المتواصل بعد السماح للمستوطنين من قبل محكمة تابعة للاحتلال بالقيام بصلوات وطقوس تلمودية خلال اقتحامهم للمسجد الأقصى، في تطور اعتبر بأنه خطوة فعلية باتجاه محاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني للأقصى.
وقالت المصادر لصحيفة “القدس”: إن المقاومة اعتبرت هذا القرار الصهيوني والذي أعلن عنه تحت “عباءة القانون”، بمثابة تصعيد خطير، وأن المقاومة لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا الخطر الجديد الذي يسعى الاحتلال من خلاله إلى إشعال الأوضاع في المنطقة مجددًا.
وأكدت المقاومة في رسائلها على أنها مستعدة للدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية مهما كلفها ذلك من ثمن، وأنه لا يمكن بكل الأحوال الصمت إزاء هذه التطورات التي تأتي بعد أيام من السماح بمخطط ما يسمى “مسيرة الأعلام” الاستفزازية، والتي سمح بأن تمر من البلدة القديمة وخاصة باب العامود.
وحذرت المقاومة مجددًا وللمرة الثانية من أن تمر تلك المسيرة من البلدة القديمة في القدس المحتلة، كما حذرت من إقدام عضو الكنيست اليميني المتطرف إيتمار بن غفير من اقتحام الأقصى في ذاك اليوم، وكذلك قيادته للمسيرة، وأن هذا سيعني تصعيد وإشعال للهيب الأوضاع ما قد يقود المنطقة لما لا يحمد عقباه.
ودعت المقاومة في رسائلها الوسطاء للتحرك الجدي لمنع أي تصعيد قد يؤدي إلى اشتعال الأوضاع بسبب الممارسات الصهيونية الاستفزازية والتي لن تسمح المقاومة بمرورها مرور الكرام. الجدير ذكره أن المسيرة تجري سنويا في ما يصفه الكيان الصهيوني بـ”يوم القدس”، في ذكرى احتلال المدينة المقدسة عام 1967، ويصادف هذا العام في 29 مايو الجاري.
ويشار إلى أن “مسيرة الأعلام” التي نظمها المستوطنون بمصادقة سلطات الاحتلال في القدس، في مايو العام الماضي، أدت إلى عدوان على غزة، بعد إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه منطقة القدس.
وحول السيناريوهات المتوقعة، يرجح المختص في شؤون القدس إلغاء أو تغيير مسار “مسيرة الأعلام”، وهذا يعني أنها ستفقد معناها ورمزيتها بالنسبة للاحتلال، باعتبارها “رمزًا للسيادة وأن القدس موحدة”، وبالتالي ستفشل للمرة الثالثة. والسيناريو الثاني، وفقًا للهدمي، أن يصر الاحتلال على إقامة المسيرة، ما سيدفع إلى انفجار الوضع واندلاع مواجهة شعبية ليس فقط في مدينة القدس، بل ستمتد إلى الضفة والداخل المحتل.
ومن وجهة نظره، فإن سلطات الاحتلال لن تنجح في تنظيم “مسيرة الأعلام”، وفق مسارها المخطط له وقد تلجأ إلى إيقافها في الدقيقة الـ90، خشية من انفجار الأوضاع.
ــــــــــــــــــــــــــــ
مرزاح العسل