تقدمت جميعة الوفاق البحرينية، أكبر أحزاب المعارضة في البحرين والمعروفة باسم ممثل الشيعة في البحرين، مؤخرًا بتقرير إلى الأمم المتحدة حول المحاكمات الظالمة الجارية في البحرين فيما تواصل جهودها للدفاع عن حقوق الإنسان ومواجهة ديكتاتورية نظام “آل خليفة”.
وكان الغرض الأساسي من تقرير جمعية الوفاق الوطنية هو متابعة التزام البحرين بالحقوق المدنية والسياسية، وكما في جميع السنوات السابقة مثَل حزب الخلافة المعارض صوت الشعب المظلوم بالبحرين.
وفي السنوات الأخيرة، أبلغت جمعية الوفاق مرارًا وتكرارًا عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين من قبل نظام “آل خليفة” إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة. ولعبت هذه الجمعية، بقيادة الشيخ عيسى قاسم، رجل الدين الشيعي البحريني، دورًا رئيسيًا في الصحوة الإسلامية في جميع السنوات منذ عام 2011 ولعبت دائمًا دورًا رائدًا في حشد الاحتجاجات ضد نظام “آل خليفة” والدفاع عن حقوق مختلف أبناء الشعب البحريني وخاصة الشيعة.
إلا أن تقرير هذه الجمعية الجديد يوضح استمرار سياسات النظام القمعية ضد حركة العدالة المدنية البحرينية وسط تراجع الانتقادات الدولية تجاه أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.
تقرير خاص عن أعمال “آل خليفة” غير القانونية في القضاء
رفعت جميعة الوفاق البحرينية تقريرًا للأمم المتحدة عن انتهاكات قانونية واسعة النطاق، من بينها تعديلات دستورية تحظر التجمعات السياسية وحل الجماعات المعارضة واستهدافها، واضطهاد النشطاء، وعزل الطوائف السياسية. ويقول التقرير: “هذه الإصلاحات تثبت نفوذ السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية. كما يعتبر منح صلاحيات محكمة مدنية للمحكمة العسكرية انتهاكًا واضحًا لتوصيات البرلمان وللقوانين المحلية والدولية والضمانات القانونية”.
وحسب التقرير، فقد تم توثيق 20،017 حالة اعتقال تعسفي تتعلق بحرية التعبير والتجمع، بما في ذلك قضية الشيخ علي سلمان، عضو جمعية الوفاق. وذكر التقرير أن مسؤولي “آل خليفة” استخدموا المحاكمات العسكرية والاخفاء القسري كأدوات للترهيب والانتقام من المعارضين للسياسة. وبلغ عدد حالات الاختفاء القسري حتى فبراير الماضي 439 حالة، بينهم 54 طفلاً ومراهقًا.
إضافة إلى ذلك، يخضع السجناء السياسيون في السجون العسكرية لمحاكمات عسكرية جماعية وغير عادلة. ولقد دعت جمعية الوفاق في التقرير نفسه الأمم المتحدة إلى الضغط على الحكومة البحرينية لاتخاذ إجراءات لحماية الحقوق المدنية والسياسية. كما دعت جمعية الوفاق إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين ووقف اضطهاد النشطاء الاجتماعيين والسياسيين.
السجل الأسود لنظام “آل خليفة” في مجال حقوق الإنسان
تشير الدراسات الى أن حقوق الإنسان في البحرين منتهكة الى أبعد الحدود إذ لا يتمتع المواطن البحريني بالحصانة ولا بحريته في التعبير عن آرائه السياسية أو انتقاده للحكومة هناك، فملف المعتقلين السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان والمطالبين بالحقوق من أهم الملفات التي يجب على المنظمات المعنية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الوقوف عنده طويلاً لأهميته الكبيرة.
وحول هذا السياق، أصدرت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة، تقريرها الحقوقي الشهري، الذي رصد الانتهاكات الحقوقية في الفترة الممتدة بين 1 إلى 30 أبريل/ نيسان 2022. وقالت الجمعية إن شهر أبريل/ نيسان الماضي؛ شهد أكثر من 230 انتهاكًا لحقوق الإنسان في البحرين، فيما تم اعتقال المواطنين “السيد عبدالله محمد، علي أحمد علي، جاسم محمد عيسى”، والافراج عن المعتقل “محمد يوسف نوح” بعد ثمانية أيام من اعتقاله، بتاريخ 8 مايو/ أيّار 2022.
وأشارت إلى أنها رصدت عشر حالات استدعاء بحقّ سبعة مواطنين؛ أبرزهم الأستاذ “علي مهنا”، الذي تم استدعاؤه ثلاث مرات، والناشط “عبد المجيد عبدالله محسن”، والذي تم استدعاؤه مرتين. وأضافت إنه بلغ عدد حالات الاختفاء القسري حالة واحدة بحق المعتقل “علي أحمد علي”، والذي تعرض للاختفاء لمدة 15 يومًا على الأقل، وقد تكون مدة اختفائه أطول ولكن لم تتوافر المعلومات حولها. ولفتت إلى ان مجموع الأحكام التعسفيّة بلغ عشرة أحكام بحق محكومين كلّهم ذكور راشدين، ووصل مجموع مضامينها حبس 41 سنة، وغرامات قدرها 400 ألف دينار.
وأكدت أنه تم توثيق 16 حالة انتهاكات فردية في سجن “جو” المركزي، وقد توزعت بين سوء معاملة وتعذيب وحرمان من العلاج، فيما بلغ مجموع الانتهاكات الجماعيّة في السجون 12 حالة، أربعٌ منها في سجن “الحوض الجاف”. وأشارت إلى أن عدة مناطق في البحرين؛ شهدت فعاليات واحتجاجات سلمية، بلغ عددها 83 احتجاجًا في 25 منطقة، وشهدت المناطق مسيرات سلمية معظمها إحياء ليوم القدس العالمي.
التمييز الاقتصادي والطبقي في البحرين ضد الشيعة
تبين التقارير الحقوقية أن التعيين في جهاز السلطة التنفيذية بمملكة البحرين يتم على أسس طائفية وعنصرية، حيث لا يوجد أي مسؤول أو وزير بحريني منحدر من أصول خارجية. هذا الأمر ينسحب أيضا على السلطة التشريعية المعينة، مجلس الشورى، حيث يقوم الملك بإصدار مرسومًا بتعيين أعضائه، ولكنه لا يوجد بين أعضائه أي فرد بحريني من أصول خارجية. وفي الهيئات والمؤسسات الحكومية الرسمية وفي المناصب العليا التي تعين غالبًا من خلال مراسيم ملكية، فإن تمثيل البحرينيين من أصول خارجية في هذه المناصب أقل من 1%.
كما أن مستوى تعليم الأفراد من أصول غير بحرينية يجيء في مرتبة أقل، ويبدو أن أبناء تلك الفئات قد استسلموا لهذه الصورة النمطية لهم في المجتمع حيث فقدوا الطموح، فهم عادة ما يلتحقون في الغالب بوظائف دنيا
بدورها قالت منظمة “هيومان رايتس ووتش” إن العمال القادمين من خارج البحرين يعاملون بشكل مهين للغاية، حيث لا توفر الحكومة لهم حياة كريمة، علاوة على تأخير أجورهم بشكل متعمد. ورغم أن عدم سداد الأجور يشكل جريمة جنائية ومدنية، إلاّ أنّ بعض أصحاب العمل يحرمون العمّال الوافدين أجورهم لعدة أشهر. وحيث يفتقر العمّال الوافدون إلى مصدرٍ للدخل تراهم يتورطّون في المزيد من الديون لتغطية الحاجات الأساسيّة. خلال العامين الماضيين، تلقى قسم التحكيم وشكاوى العمال في وزارة العمل أكثر من ألفي شكوى بشأن التأخر في سداد الأجور.
وأشارت المنظمة إلى أن الأمر لم يقتصر على تعرض العمال الوافدين في البحرين لانتهاكات في إطار علاقة صاحب العمل والعامل فحسب، بل تعرضوا أيضًا للتمييز وغيرها من الإساءات من المجتمع البحريني بشكل عام. منذ عام 2008 تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير باعتداءات على عمال وافدين من جنوب آسيا، قام بها بحرينيون.
استمرار الصمت الدائم للغربيين
على الرغم من انتهاكات حقوق الإنسان العديدة في البحرين والصراع الطبقي في البحرين، اتبع المجتمع الغربي منذ فترة طويلة سياسة الصمت ضد نظام آل خليفة. ويظهر نهج الغرب على مدى السنوات القليلة الماضية أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يفضلان الصمت في مواجهة أعمال البحرين اللاإنسانية ضد النشطاء السياسيين.
وقال تقرير لموقع “القنطرة” إنه غير المرجح أن يمارس الغرب أي ضغط على النظام البحريني فيما يتعلق بإنفاذ حقوق الإنسان في المملكة بسبب المصالح الجيوستراتيجية. وأشار التقرير إلى أنه يتم تجاهل الوضع الكارثي لحقوق الإنسان في البحرين إلى حد كبير من قبل بقية العالم، على الرغم من كل الأدلة الدامغة، والتي تشمل تقارير “هيومن رايتس ووتش”.
في الولايات المتحدة ، لا يُسمح لكارتلات الأسلحة الكبيرة واللوبيات القريبة من تل أبيب بانتقاد البحرين، حيث إن البحرين عميل رئيسي لسوق أسلحة الشركات الأمريكية، وقد أقامت تل أبيب علاقات وثيقة مع البحرينيين على مدى السنوات القليلة الماضية. وتتمتع المنامة والبحرين الآن بعلاقات وثيقة، وفي هذا السياق، يبدو أن انتقاد الولايات المتحدة لوضع حقوق الإنسان في البحرين شبه مستحيل.