رغم إعلان دول التحالف موافقتها على الهدنة المقدمة من الامم المتحدة في اليمن قبل نحو أكثر من شهر ونصف الشهر، وعلى الرغم من دخول الهدنة في اليمن حيز التنفيذ، استمرت السعودية في مراوغاتها وارتكاب جرائمها بحق الشعب اليمني، حيث إن الحصار على اليمن مازال متواصلاً براً وبحراً وجواً، ومن الجدير بالذكر أن نقض الهدنة من الجانب السعودي خلال الفترة السابقة حدث تحت مرأى ومسمع الدول والمنظَّمات الغربيّة، التي تدعى حقوق الإنسان.
وهُنا لابد من التذكير بأن طائرات التحالف السعودي الإماراتي التي حملت في جوفها كلّ تلك الحِمم من أنواع الموت الرهيبة، والصواريخ والقنابل المحرمة دولياً لقتل الأطفال والنساء في الأسواق المفتوحة، وفي صالات الأعراس وصالات العَزَاء لم تحرك ساكناً لدى الأمم المتحدة لمعاقبة السعودية ووضعها في قائمة العار الأسود لقتلها أطفال اليمن.
تعاظمت الخروقات السعودية خلال الهدنة المعلنة في اليمن، منذ بدء سريان الهدنة التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن. حيث حدث تعسف سعودي في ظل الهدنة الأممية التي باركها العالم ، فالسعودية لم تلتزم بالهدنة وبعد ساعات من الإعلان عنها تم خرق الهدنة من قبل السعودية وذلك من خلال شن هجمات راح ضحيتها مدنيين، وهذا ليس مستغرباً فالسعودية على مدار السنوات الماضية لم تلتزم بالاتفاقات بينها وبين حكومة الانقاذ الوطني وفي كل مرة كانت حكومة الإنقاذ الوطني في الداخل اليمني تبرم اتفاقات مع التحالف في سبيل التخفيف من المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب اليمني الا أن الطرف المقابل المتمثل بالسعودية لم يلتزم ابداً .
الهدنة في اليمن تقترب من نهايتها
تقترب الهدنة الأممية في اليمن -التي دخلت حيز التنفيذ مطلع أبريل الماضي ولمدة شهرين قابلة للتمديد- من نهايتها، ما يطرح الكثير من التساؤلات عن مصير الهدنة وإمكانية تحولها إلى وقف دائم لإطلاق النار في اليمن والشروع في إحياء مسار الحوار السياسي المتوقف عمليا منذ التوقيع على اتفاق السويد الخاص بالحديدة في العام 2018. وفي ظل سياق الحديث عن الهدنة قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، في مؤتمر صحفي عقده عن بعد مع الصحافة المعتمدة في مقر المنظمة الدولية” إن الهدنة التي لم يبق على انتهائها إلا أسبوعان، ما زالت متماسكة إلى حد كبير”.
وأوضح “أنه على مدار الأسابيع الستة الماضية، انخفضت العمليات العسكرية ولم يكن هناك غارات جوية ولا هجمات عبر الحدود، كما أن عدد الضحايا من المدنيين انخفض بشكل كبير، وهذه الأجواء أدت إلى زيادة القدرة على الوصول إلى المساعدات الإنسانية بما في ذلك مواقع على الخطوط الأمامية كان من الصعب للغاية الوصول إليها قبل الهدنة”.
من جهةٍ أخرى أشار المبعوث الخاص إلى أن هناك تقارير تؤكد أن بؤرا قتالية متفرقة ما زالت قائمة ، مثنيا على انطلاق أول رحلة تجارية جوية من العاصمة الأردنية عمان إلى صنعاء، وهي أول رحلة منذ ست سنوات إضافة إلى ذلك قال المبعوث الخاص حول أزمة ناقلة البترول “صافر” “نحن ما زلنا نشعر بالقلق تخوفا من تسرب النفط من الناقلة صافر إذا ما تعرضت لأي حادث قد يؤدي إلى ذلك. الأمم المتحدة الآن تعمل على جمع الأموال اللازمة والضرورية لاستبدال الناقلة صافر بناقلة أخرى والتأكد من نقل النفط بطريقة سليمة. هذا العمل يشرف عليه مكتب الممثل المقيم بالتعاون مع هولندا.
لقد جمعت الأمم المتحدة نحو 40 مليون دولار لهذا الغرض. وكل الأطراف اليمنية للصراع تؤيد هذه الجهود. وهذا يحتاج إلى مدة أربعة أشهر لنقل النفط بطريقة سليمة من الناقلة صافر إلى ناقلة أخرى. نأمل أن تحل هذه الأزمة بسرعة لتجنب كارثة اقتصادية وبيئية وقال غروندبيرغ إن المبلغ المطلوب نحو 144 مليون دولار. ويعتقد أن العملية ستبدأ في النصف الثاني من هذا الشهر.
حكومة الانقاذ الوطني تحذر التحالف السعودي من مغبة الاستمرار في نقض الهدنة
في الواقع فإن التحالف السعودي الإماراتي خلال الفترة الماضية سجل العديد من الخروقات للهدنة المعلنة في اليمن، خروقات التحالف للهدنة لم تكن فقط من خلال عدم تطبيق بنود الهدنة، بل تجاوز ذلك للقيام ببعض الخروقات العسكرية في مختلف الجبهات وفي هذا السياق حذرت حكومة الانقاذ الوطني في الداخل اليمني التحالف مرات عديدة من الاستمرار في نقض الهدنة من طرفٍ اخر كما دعت حكومة الانقاذ الوطني في الداخل اليمني الأمم المتحدة للعمل بجدية والنظر الى الخروقات السعودية للهدنة المعلنة، حيث إن حكومة الانقاذ الوطني التزمت خلال الفترة الماضية سياسية ضبط النفس رغم التجاوزات السعودية.
وفي هذا السياق عادت من جديد حكومة الانقاذ الوطني لتحذر التحالف السعودي من مغبة الاستمرار في نقض الهدنة لان ذلك ستكون له عواقب وخيمة على السعودية بالدرجة الاولى فإذا ما استمرت السعودية في خرق الهدنة والتي بدورها سوف تؤدي الى انهيارها فإن ذلك سيؤدي إلى استهداف العمق السعودي والاماكن الحيوية في السعودية وهو ما يشكل ضربة قاسمة للاقتصاد السعودي، حيث سبق وأن وجهت القوات الصاروخية اليمنية العديد من الضربات للمنشأت في العمق السعودي وكانت أشدها الماً للسعودية، تلك التي استهدفت مواقع النفط “شركة ارامكو” والتي تعتمد عليها السعودية لتمويل عدوانها على اليمن.
الأمم المتحدة تدعو لتمديد الهدنة في اليمن
طلبت الأمم المتحدة من الأطراف اليمنية تمديد الهدنة التي سوف تنتهي في الثاني من يونيو المقبل، واقترحت أن تكون المدة الجديدة ستة أشهر، حيث ينتظر أن تتلقى ردود مجلس القيادة الرئاسي التابع للتحالف وحكومة الانقاذ الوطني في الداخل اليمني الأسبوع المقبل، بالتزامن استئناف المبعوث الأممي اجتماعاته في العاصمة الأردنية مع المختصين والفاعلين اليمنيين، بهدف دعم صمود الهدنة وتمديدها ومعالجة القضايا العالقة، وبما يؤدي إلى الدخول في محادثات الحل السياسي الشامل.
حيث ذكرت مصادر سياسية، أن مكتب مبعوث الأمم المتحدة طلب رسمياً من مجلس القيادة الرئاسي التابع للتحالف السعودي وحكومة الانقاذ الوطني في الداخل اليمني تمديد الهدنة التي بدأت في أبريل الماضي ومقرر لها أن تنتهي في الثاني من الشهر المقبل، وأن الطرفين يدرسان الطلب على أن تسلّم الردود خلال فترة زمنية لا تتعدى نهاية الأسبوع المقبل وقبل أيام من الموعد المحدد لانتهاء الهدنة القائمة اليوم.
وما لايخفى عل أحد أن حكومة الانقاذ الوطني في الداخل اليمني ابدت استعدادها مراراً وتكراراً موافقتها على اي هدنة في اليمن لتخفيف من معاناة الشعب اليمني وحتى أنه تم الاعلان مراراً أن حكومة الانقاذ الوطني تسعى جاهدة لإنهاء المأساة التي سببتها دول التحاالف السعودي ولكن شرطت صنعاء على أن أي حوار قادم لابد أن يكون على قاعدة صحيحة لإنهاء الحرب في اليمن بينما السعودية وتحالفها يتعنت دائماً ويحول دون إنهاء الحرب في اليمن ، حيث إن السعودية ومن معها من دول العدوان يريدون حواراً في ظل اغلاق للمطار وفي ظل استمرار الغارات علي اليمن والحصار البري والبحري والجوي وهذا ما ترفضه حكومة الانقاذ الوطني في الداخل اليمني.
وفي هذا السياق نفسه يمكن القول إن أي تمديد للهدنة دون الالتزام ببنودها من قبل التحالف السعودي الإماراتي سيكون مصيرها الفشل، حيث أثبتت قوى التحالف خلال الاشهر الماضية عدم جديتها لإنهاء الحرب في اليمن، وهنا تطرح العديد من التساؤلات في حال إذا ما تم تمديد الهدنة هل ستلتزم قوى التحالف ببنودها ؟ وهل سيكون هناك دور مغايير للامم المتحدة على عكس الدور السابق حيث إن عدم تنفيذ الهدنة خلال الشهر والنصف الماضي تم تحت أنظار الأمم المتحدة دون أن تحرك ساكناً
في الختام يبدو أن الانفراجات للوضع في اليمن والتحول نحو الحلول السياسة التي أمل الكثير بحصولها لإيقاف الحرب في اليمن ضئيلة بسبب التجاوزات السعودية وعدم التزامها بالهدنة المعلنة وما لا يخفى على أحد أن السعودية لا تلتزم أبدا بالاتفاقات التي توقع عليها، فخلال كل السنوات الماضية خرقت السعودية العديد من الاتفاقات، وكأن السعودية التي تلقت الهزائم المتتالية لم تيأس، ويمكن القول إن نجاح تمديد الهدنة الاخيرة تعتمد بشكل أساسي على مدى التزام السعودية ببنود الهدنة المعلنة. فالايام والاسابيع القادمة مهمة جداً اما أن تعود السعودية وتلتزم باتفاقيتها لحفظ ما تبقى لها من ماء الوجه وإما أن تكون على موعد مع عمليات كبيرة في العمق السعودي