يتابع جيش العدو الإسرائيلي مناورته الكبرى «مركبات النار»، ويستعدّ للمرحلة الختامية منها (بين 29 أيار و2 حزيران)، والتي فيها سيحاكي سلاح الجو الإسرائيلي، بمشاركة سلاح الجو الأمريكي، هجوماً على منشآت وقواعد نووية في إيران، على أن تتمّ المناورة على أهداف مفترضة في قبرص، تبتعد عن الأراضي الفلسطينية المحتلة مسافة مشابهة لتلك التي تبعدها المنشآت النووية الإيرانية.
كما أن الطائرات الأمريكية ستضطلع بمهمّة تزويد المقاتلات الإسرائيلية بالوقود وهي في طريقها إلى الهجوم. وبينما يجري ذلك في الميدان، صعّد وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، أمس، لهجة تصريحاته باتجاه إيران، حيث اتّهم طهران بـ«تنظيم تشكيلات ومنظومات لتعزيز عدوانها في المنطقة»، مجدّداً القول إن «إسرائيل ستواصل التصدّي لنشاط إيران الإقليمي»(حسب تعبيره).
على أن هذا النشاط، على أهميته، لا يمثّل المصدر الوحيد للقلق الإسرائيلي، بل إلى جانبه أيضاً النشاط النووي، حيث زعمت صحيفة «معاريف»، أمس، أن «المؤسّسة الأمنية منزعجة من تداعيات الجمود في المفاوضات (النووية) من ناحية، ومن ناحية أخرى استمرار تقدّم إيران في البرنامج النووي من دون أيّ مضايقة من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية». وأضاف التقرير إن «الجيش الإسرائيلي قلق للغاية من أن إسرائيل في الواقع تُركت وحدها تقريباً في هذا الأمر، ولا سيما في ضوء الاهتمام الدولي بالحرب في أوكرانيا».
وكان غانتس قد تحدّث أمس أمام مؤتمر «مركز السياسات والاستراتيجيا» التابع لجامعة رايخمان (مركز هرتسليا سابقاً)، قبل توجّهه إلى الولايات المتحدة الأميركية. واستهلّ غانتس كلمته بالربط بين الحرب في أوكرانيا و«التهديد الإيراني»، قائلاً: «إن إحدى العبر المستخلصة من الحرب في أوكرانيا أنه يصحّ تفعيل واستخدام القوة الاقتصادية والسياسية، وإذا لزم أيضاً العسكرية بأسرع وقت ممكن، وربما يمكن بهذه الطريقة منع اندلاع حرب».
وأضاف إن هذا «ينطبق أيضاً على الوضع الذي تواجهه تل أبيب مقابل إيران». وبحسب ما نقله موقع «يسرائيل هيوم» عن غانتس، فإنه «يمكن خفض ثمن هذه الحرب المستقبلية وتقليصه عبر اللجوء إلى جملة من الضغوط المتعدّدة الأبعاد والمجالات للعالم كله، ومن خلال تعاون إقليمي ودولي واسعَين»، وأن «أثمان مواجهة التحدّي الإيراني، بمنظور عالمي وإقليمي، هي أثمان باتت اليوم أكبر ممّا كانت عليه قبل سنة، لكنها أقلّ ممّا ستكون عليه بعد سنة».
وعلّق الإعلام العبري على تصريحات غانتس الحادّة، حيث استنتج المراسل العسكري، أمير بوخبوط، زاعما أن «الجيش الإسرائيلي سيهاجم إيران»، مستدلّاً على ذلك بحديث غانتس عن «معالجة المشروع النووي الإيراني (…) والترويج لأفعال من قبيل أن سلاح الجو سيتدرّب على مهاجمة إيران في الأسبوعين المقبلين!». وأضاف بوخبوط إنه «بينما يتحدّث الجميع، فإن (غانتس) يفعل في الغالب». كما أشارت وسائل الإعلام الى زيارة غانتس للولايات المتحدة في وقت متأخّر من ليل أمس – في موعد أبكر من المحدّد -، حيث سيلتقي مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليڤان، ووزير الدفاع لويد أوستن.
ويوم أمس أيضاً، وصل قائد القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، الجنرال مايكل كوريلا، إلى كيان العدو، في زيارة رسمية هي الأولى له منذ تولّيه مهامّه، ومن المقرّر أن يلتقي رئيس أركان جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، لـ«بحث التعاون العملياتي المستمرّ، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومواجهة مشتركة للتحديات والتهديدات»، بحسب الناطق باسم الجيش.
لكن في المقابل، ادعت الكاتبة الصحافية، ليلاخ شوفال، في مقال لها في «يسرائيل هيوم»، أن «لدى الجيش الإسرائيلي حالياً عدّة خطط لمهاجمة إيران، لكن مسؤولين يقدّرون أن الجيش يحتاج إلى سنة واحدة على الأقلّ لاستكمال الاستعدادات للخطط الأساسية، ووقت أطول لاستكمال الاستعدادات للخطّة المُثلى الشاملة».
وأشارت شوفال إلى أن «الجيش الإسرائيلي يعتقد أن الأطراف (في المفاوضات النووية) في الحقيقة وصلت إلى طريق مسدود، استناداً إلى المبادئ التي يصعب على أيّ طرف من الأطراف الانسحاب منها أو التخلّي عنها، ومع ذلك فإن الرسائل التي تلقّتها إسرائيل من الولايات المتحدة، هي الرغبة الأميركية في استكمال المفاوضات في هذه المرحلة». لكن المستوى الأمني في الكيان «يتوقّع فرض مزيد من العقوبات على إيران وتشديدها، أو على الأقلّ تطبيق العقوبات الحالية، والمزيد من النشاطات الهجومية من قِبل الولايات المتحدة، وخلق الخيار العسكري الأميركي الموثوق، الذي بطبيعة الحال سوف يعطي قوة وصدقية للخيار العسكري الذي تعمل إسرائيل على إعداده وسيجري التدرّب عليه في غضون أسبوعين».