طبعاً في القانون الدولي ليس من الممكن.. ترحيل أي مغترب أو لأجى إلى وطنه أو فرض عليه عقوبات وقرارات صارمة للعيش فيها إذا كانت بلاده تعاني من الحروب والأزمات، قانون يحمل بين طياته نوعا من الرحمة والتعاطف والمساندة، وفي إسقاط لحديث رسول الله صل عليه وسلم عندما قال ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) فهو قانون ينم عن أسلوب متحضر لدى من نطلق عليهم كفارا..
فعندما يصل أي يمني دولة أوربية أو عربية يتعايش مع شعب هذا القُطر أو ذاك، بكل رحب وسعة، ويتعايشون معه بكل بساطة وإنسجام، فإن لم يمدوا يد العون أكثر تركوك ولسان الحال يقول هذه الأرض الرحبة ملك الجميع، يشعرون بقيمة الإنسانية في دواخلهم فيمنحوها الآخرين دون سؤال، أمر يجعلك تشعر أنك من هذا الوطن ولست غريبا في منفاك..
“معاملة الخالة ” أدق وصف يمكن أن نطلقه على التعامل السعودي مع أبناء اليمن وسائر الجاليات، سعودت الكثير من الأعمال، وفرضت القوانين والقرارات الصارمة، وضيقت الخناق على كل مغترب يمني، ومع هذا تجد اليمنين صابرين وصامدين ومسلمين الأمر وملتزمين بكل الضوابط والتعاليم، يتعايشون مع قساوة الأرض وأهلها فهم النابتون من وجع المعاناة، ومن ركام الحرب والمآسي رغم أنهم أياد عاملة أنعشت الاقتصاد السعودي وحركة دفة التنمية للأمام ولم يكونوا ذات يوم متسولين أو طالبي لجوء على حدود بلد الحرمين، إضافة لتلك الأموال التي يدفعونها مقابل الفيزة والتجديد والتأمين ونحو ذلك..
ظروف مختلفة ومأساة واحدة جعلتهم جميعا يستدينون ويبيعون ما بحوزتهم وحوزة زوجاتهم من ذهب وغيره، كي يتمكنوا من مغادرة جحيم الوطن إلى جحيم الغربة والمعاناة، ولكن للأسف السلطات السعودية ورغم كل هذه المعاناة تغض الطرف وتذهب لترحيل العاملين من أراضيها دون سبب، حسب رغبات ونزوات هؤلاء العابرين الطارئين على التأريخ والجغرافيا، أصحاب مملكة الرمال، وغبار التأريخ الذي ولد من رحم البعير ودنس الخساسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
معتز الجعمي