نحن الآن في العام الثامن من العدوان على اليمن، وما زال هذا العدوان السعودي الإماراتي متواصلاً على اليمن رغم إعلان دول التحالف موافقتها على الهدنة المقدمة من الامم المتحدة، ولكن في الواقع منذ دخول الهدنة في اليمن حيز التنفيذ، استمرت السعودية في مراوغاتها وارتكاب جرائمها بحق الشعب اليمني، فما زال الحصار على اليمن متواصلاً براً وبحراً وجواً.
ومن الجدير بالذكر أن جرائم العدوان السعودي الإماراتي تحدث تحت مرأى ومسمع الدول والمنظَّمات الغربيّة، التي تدعى حقوق الإنسان، فالمواقف والقرارات للمنظمات “الدولية” بما فيها مجلس الأمن الدّولي منحاز كلياً إلى أطراف العدوان السعودي الإماراتي، حيث إن موقف المنظمات الدولية المنحازة إلى دول العدوان، جعلها ترتكب الجرائم دون رقيب او حسيب.
هُنا، لابد من التذكير بأن طائرات التحالف السعودي الإماراتي التي حملت في جوفها كلّ تلك الحِمم من أنواع الموت الرهيبة، و الصواريخ والقنابل المحرمة دولياً لقتل الأطفال والنساء في الأسواق المفتوحة، وفي صالات الأعراس وصالات العَزَاء لم تحرك ساكناً لدى الأمم المتحدة لمعاقبة السعودية ووضعها في قائمة العار الأسود لقتلهم أطفال اليمن.
بعد كلِّ هذه السنوات المميتة من العدوان الوحشي الذي شنته السعودية والإمارات ومن معهما من دول العدوان ضدَّ الشعب اليمني الحُر، أصدر مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية إحصائية عن جرائم العدوان الأمريكي السعودي خلال2600 يوم، حيث إن تلك الإحصائيات التي نشرت تبين حجم الجرائم التي ارتكبها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن .
احصائية عن جرائم تحالف العدوان خلال 2600 يوم
أدى العدوان السعودي على اليمن إلى مقتل وإصابة أعداد كبيرة من المدنيين، ولاسيّما في صفوف النساء والأطفال، وكذلك تدمير البنى التحتية ومن بينها المستشفيات وشبكات توزيع الماء والكهرباء ومستودعات الغذاء والدواء في مختلف أنحاء اليمن، واستخدمت السعودية الأسلحة المحرمة دولياً في عدوانها على اليمن، ومن بينها القنابل العنقودية، وفرضت مع حلفائها حصاراً شاملاً على هذا البلد ما أسفر عن إصابة الكثير من اليمنيين بأمراض فتّاكة كالكوليرا، ونقص شديد في المواد الغذائية والطبية والصحية.
وفي هذا السياق قام مركز “عين الإنسانية” للحقوق والتنمية بتوثيق جرائم العدوان السعودي على اليمن خلال 2600 يوماً، حيث كشف أن”إجمالي عدد الشهداء والجرحى خلال 2600 يوم من عدوان التحالف على اليمن بلغ 46374 بينهم 17775 شهيداً، و28599 جريحاً”.وفصّل المركز إحصائياته قائلاً إنّ “عدد الشهداء والجرحى من الأطفال خلال 2600 يوم من العدوان 4028 شهيداً، و4595 جريحاً، ومن الرجال 11,307 شهيداً، و21,091 جريحاً، ومن النساء 2,440 شهيدة، و2,913 جريحة”.
ووثق المركز “استهداف تحالف العدوان خلال 2600 يوم، لـ 15 مطاراً و16 ميناءً و342 محطة ومولد كهرباء، كما تم استهداف 614 شبكة ومحطة اتصال و2,815 خزان ومحطة مياه، و2,095 منشأة حكومية، و6,827 طرق وجسور”، وأضف مركز “عين الإنسانية” أنّه “تم استهداف 405 مصانع، و 384 ناقلة وقود، و11,952 منشأة تجارية، و434 مزرعة دجاج ومواشي، و9,868 وسائل نقل، و482 قارب صيد”..
من جانب اخر قال مركز “عين الإنسانية” للحقوق والتنمية إن العدوان السعودي الإماراتي : “استهدف خلال هذه الأيام، 590,770 منزلاً، و182 منشأة جامعية، و 1,622 مسجد، و 376 منشأة سياحية، و 413 مستشفى ومرفقاً صحياً”.وبناءً على إحصائيات المركز، فقد “دمر العدوان السعودي 1,216 مدرسة ومرفقاً تعليمياً، و9,799 حقول زراعية، و139 منشأة رياضية، و254 موقعاً أثرياً، و60 منشأة إعلامية.”
من الجدير بالذكر أن حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن منذ العام 2015، ما زالت مستمرة إلى الان، وهذا خرق واضح للهدنة المعلنة، إذ أدت الغارات الجوية والاستهدافات للمدن والقرى اليمنية إلى وقوع مجازر كثيرة، في ظل تهجير الكثير من اليمنيين من أماكن سكنهم. لم يكتفِ التحالف السعودي الإماراتي بكل هذه الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب اليمني، بل إنه أكمل حربه ضد اليمنيين بحصار خانق براً وبحراً وجواً، مانعاً وصول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأولية، من بينها المشتقات النفطية والأدوية والمستلزمات الطبية.
السعودية تخرق القوانين الدولية
بعد كل الجرائم التي ارتكبها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، لا يزال تحالف العدوان متعطشاً للدماء ومشاهد القتل. فالتحالف السعودي الإمارتي ينتهك قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، دون أي حسيب أو رقيب فما يقوم به التحالف السعودي الإماراتي في اليمن من جرائم بحق الشعب اليمني، يخالف كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ويعتبر هذا خرق للقوانين الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة المحرمة.
حيث يتضح أن تحالف العدون لم يحترم حتى مبدأ التقيّد بحدود دولية معينة لاستعمال وسائل القتال وتحييد المدنيين، إضافة إلى ذلك، فقد انتهكت السعودية بحجم السلاح المستخدم وخطورته، المادة 55 من بروتوكول جنيف الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 التي حظرت استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه الأضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثم تضر ببقاء السكان والموارد البيئية، عدا عن خرقها اتفاقية جنيف الرابعة 1949 المتعلقة بحماية المدنيين اثناء الحرب.
وانتهكت السعودية اتفاقية الامم المتحدة لعام 1980 بشأن حظر أو تقييد بعض الأسلحة التقليدية، فضلاً عن إعلان لاهاي لعام 1899 حول الغازات الخانقة، وقد حظر القانون الدولي، الاسلحة السامة، والقذائف القابلة للانفجار او الحارقة التي يقل وزنها عن 400غ، والقذائف المتفجرة القابلة للانتشار أو التمدد في الجسم أو القذائف، والاسلحة الكيماوية الخطيرة، وايضاً الأسلحة التي لا يمكن الكشف عن شظاياها في الجسم بأشعة اكس، والأسلحة الحارقة والأسلحة الموجهة بواسطة طاقة معينة أو أشعة.
وعلى ذلك، فإن السعودية من خلال أعمالها الإجرامية في اليمن عبر استخدام أسلحة محرمة دولية تعرض حياة المدنيين للخطر، وتخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تنصف في المادة 3 منها على عدم الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وكذلك تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
جرائم ضد الإنسانية ارتكبها التحالف السعودي في اليمن
لقد أدى استخدام السعودية للأسلحة المحرمة، إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بل إن جرائم التحالف السعودي الإماراتي تندرج ضمن جرائم الإبادة ضد الجماعية، حيث إن طائرات التحالف السعودي الإماراتي لا تفرق بين الأطفال والنساء والمدنيين العزل الابرياء، ومن الواضح أن الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان ترتكب بقصد، والهدف منها إخضاع اليمنيين، فما تقوم به آلة القتل السعودية هي ممارسة جريمة منظمة إبادة بحق اليمنيين.
تقترف السعودية في هذا العدوان كما ذكرنا، جرائم ضد الإنسانية فضلاً عن أن استخدام هذه الأسلحة المحرمة وغير القانونية والتي أشرنا إليها سابقاً، وبعد ارتكاب كل هذه الجرائم يغض المجتمع الدولي، الطرف عن النظام السعودي، ولا يدلي إلا ببيانات خجولة، وذلك لأن السياسة الدولية هي من تتحكم اليوم في القانون الدولي الذي يطبق وفق معايير مزدوجة، ضد شعوب ترفض الهمينة الأمريكية أو السلام مع “اسرائيل”، أو الانصياع لقرارات الرياض التي تمتهن إرهاب الناس وإرعابهم.
في الختام يمكن القول إن الانتهاكات والجرائم السعودية، قد شملت جميع أنواع الانتهاكات، من قتل وجرح وأسر، إلى تجويع وتهجير وحرمان من أساسيات الحياة من طعام ودواء ورعاية صحية، وقد وثقت بعض المنظمات الإنسانية والحقوقية على مدار سنوات العدوان عدداً كبيراً من هذه الانتهاكات، وقد ذكرنا على سبيل المثال ما وثقته مركز “عين الإنسانية” للحقوق والتنمية ،من انتهاكات أعلن عنها موخراً.
من جهةٍ اخرى لاشك أن اليمن مُعتدىً عليه، ويحق له الدفاع عن نفسه، في كل السبل والوسائل. وهذا حق كفلته كل القوانين الدولية. وهو، في ذلك، ينتصر للقانون الإنساني. فالمعتدي هو السعودية وتحالفها المدعوم من الصهيو – أمريكية في المنطقة، ولا يحق للسعودية التدخل بهذه العنجهية في الشأن اليمني، أو التغوُّل العسكري، البري تارة والجوي تارة أخرى، من أجل تأمين مصالح “إسرائيل” ومشاريعها، عبر السيطرة على باب المندب.
وإذا كانت السعودية تبحث عن مَخرج للصراع، فإن السبيل الوحيد أمامها هو الانصياع للمبادرات التي أطلقتها قيادات حركة “أنصار الله” مراراً وتكراراً، عبر وقف العدوان العسكري عن الشعب اليمني فوراً، وانسحاب كل القوات السعودية والإماراتية من اليمن، وفكّ الحصار عن محافظاته.