بعد الكشف عن اللقاءات السرية للمسؤولين السعوديين مع الصهاينة، نُشر تقرير آخر حول العلاقات السرية بين الجانبين. حيث كشفت وسائل الإعلام الصهيونية في تقرير مؤخراً، عن الاستثمار باسم الحكومة السعودية في الاقتصاد الإسرائيلي.
وفقاً لهذا، تستثمر الرياض في الأراضي المحتلة من خلال صندوق جاريد كوشنر للاستثمار، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؛ ومن أصل 3 مليارات دولار أموال الصندوق، جاء 2 مليار دولار من صندوق الاستثمار السعودي، الذي يخضع مباشرةً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وذکرت وسائل الإعلام أن هذه هي المرة الأولى التي يستثمر فيها صندوق الاستثمار السعودي بشكل مباشر في إسرائيل، لتعكس رغبة الرياض المتزايدة في التواصل بشكل علني مع تل أبيب، ولإظهار أن هذا يحدث على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية. لأن الخبراء يعتقدون أن هذا الاستثمار يشير بشكل أساسي إلى اتفاقية تطبيع بين الطرفين.
وحسب الصهاينة، فإن هذه القضية ستحسِّن العلاقات بين الرياض وتل أبيب، على الأقل في المجال الاقتصادي. ويقال إن هذه الخطة جزء من المحادثات الجارية بين كوشنر والمسؤولين السعوديين، وقد تم التوصل إلى اتفاق على أن السعودية يمكن أن تستثمر في إسرائيل.
ويعتقد الخبراء أن هذا الاستثمار سيسمح للسعودية بالاستثمار في الشركات الإسرائيلية، ويمكنها من الآن فصاعداً فتح اقتصادها أمام أنشطة الشركات الإسرائيلية. وبدلاً من الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، يسعى السعوديون إلى تحقيق مصالح الصهاينة لسنوات، وذلك بهدف تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع تل أبيب.
کما تم تسريب وثائق حول التعاون الأمني بين الکيان الإسرائيلي والرياض عدة مرات في السنوات الأخيرة خلال الحرب اليمنية، وفي العام الماضي هبطت أول طائرة سعودية في تل أبيب، وهذا يعني أن جميع العلاقات أقيمت في الخفاء ولم يتبق سوى خطوة واحدة أخرى لتصبح العلاقات بين الجانبين علنيةً.
من ناحية أخرى، تقف السعودية وإسرائيل في جبهة موحدة لمواجهة النفوذ الإقليمي لإيران، وتسعيان لتشكيل تحالف عبري عربي ضد التهديدات المزعومة من طهران. ولذلك، فإن الاستثمارات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والتعاون الأمني هي خطوات فعالة لإقامة علاقات دبلوماسية، والتي من المرجح أن يتم الإعلان عنها في المستقبل القريب.
لقد لعب جاريد كوشنر دورًا مهمًا في تنفيذ اتفاقيات أبراهام(تطبيع العلاقات العربية مع الکيان الإسرائيلي). وعمل ترامب وكوشنر بجد لجعل السعودية تطبِّع العلاقات مع تل أبيب، وقد صرح ترامب مرارًا وتكرارًا في الأشهر الأخيرة أن الرياض ستعلن عن هذه العلاقات قريبًا، لكن وصول الديمقراطيين إلی السلطة لم يسمح بذلك.
من ناحية أخرى، فإن خطة ابن سلمان لبناء مدينة تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار تسمى “نيوم” تحتاج إلى جذب الاستثمار الأجنبي، وقد أعرب ابن سلمان عن أمله في أن يلعب الإسرائيليون دورًا مهمًا في تطوير نيوم، مع استثمارات محتملة في التكنولوجيا الحيوية والأمن السيبراني.
رهان ابن سلمان على عودة ترامب
من الواضح أن السعودية وابن سلمان نفسه كانت لهما علاقة جيدة جدًا مع دونالد ترامب وعائلته، وخلال رئاسة ترامب، واصل السعوديون جرائمهم في المنطقة بأمان، وحتى قتل الناقد السعودي جمال خاشقجي حدث في عهد ترامب، ووقف ترامب إلى جانب ابن سلمان ودعمه بقوة رغم المعارضة الدولية الواسعة.
لطالما كان للسعوديين علاقات أفضل مع الجمهوريين في البيت الأبيض مقارنةً بالديمقراطيين، ولهذا السبب يرحب ابن سلمان بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، ووفقًا لتقرير حديث لصحيفة الغارديان، فقد راهن ابن سلمان مرةً أخرى واستثمر لتحقيق هذا الهدف. وأن يقدِّم السعوديون ملياري دولار لصهر ترامب، يظهر مدى أهمية عودة ترامب بالنسبة للسعودية.
وحسب التقارير المنشورة، تبرع السعوديون بأكثر من 250 ألف دولار في شكل هدايا ثمينة لعائلة ترامب، ما يشير إلى العلاقة الحميمة بين العائلتين.
وغني عن البيان أن ترامب وكوشنر لعبا دورًا مهمًا في اختيار ابن سلمان ولياً للعهد، ويُعتبر ولي العهد السعودي أداة ترامب نوعًا ما، وإذا عاد ترامب إلى السلطة ومهَّد الطريق لابن سلمان لتولي العرش في السعودية، فسيصبح الحاكم بلا منازع لهذا البلد، وبدعم سياسي من الولايات المتحدة سيستمر في سلوكه المدمر دون خوف من التعرض للعقاب على قضايا حقوق الإنسان، التي يبدو أن الديمقراطيين يناورون بها.
إن اختيار السعودية كأول وجهة خارجية لترامب في يونيو 2017، يعدّ مؤشرًا جيدًا على أن ترامب، وهو رجل أعمال، يستغل دولًا مثل السعودية لتعزيز وضعه الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، سلب ترامب مرارًا وتكرارًا ملايين الدولارات من السعوديين ابتزاز لهم، قائلاً إن السعودية بقرة حلوب وعليها أن تدفع ثمن دعم واشنطن العسكري للرياض، وإذا عاد إلى السلطة فإن هذه الابتزازات ستزداد.
في عهد ترامب، وقعت السعودية عقودًا عسكريةً واقتصاديةً بقيمة 400 مليار دولار، وأصبحت العلاقات بين البلدين أوسع بكثير، وعودة ترامب للسلطة في البيت الأبيض ستعزز العلاقات بين الرياض وواشنطن.
وإذا تمكن الجمهوريون من الفوز بأغلبية في انتخابات الكونغرس النصفية، فستجد السعودية نفسها أكثر قوةً للتحرك في المنطقة.
ونظرًا لأن ترامب هو العدو الأول لإيران في المنطقة وصديق مقرب للسعودية، فإن السعوديين يعدون الأيام لعودته إلی السلطة، حتى يتمكنوا من الحد من نفوذ إيران في المنطقة بمساعدة ترامب.
وما يقال بأن المسؤولين السعوديين لم يردوا علی مكالمات بايدن الهاتفية، يشير إلى توتر العلاقات بين واشنطن والرياض خلال حکم الديمقراطيين، وابن سلمان، الذي يسعى لتحقيق طموحاته في المنطقة، سيفعل أي شيء لعودة ترامب.
اجتذاب اللوبي الصهيوني
كرم السعودية هذا يسعی لتحقيق أهداف أخرى أيضًا. فالسعوديون الذين يدركون دور وموقع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، يحاولون جذب انتباه “أيباك”(لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية) من خلال الاستثمار في الأراضي المحتلة، ليمكنهم التأثير على الهيكل السياسي الأمريكي بدعم من هذه المجموعة.
يلعب اللوبي الصهيوني، بقوته السياسية والاقتصادية، دورًا مهمًا في السياسة الأمريكية، وقد حاول جميع الرؤساء الأمريكيين دائمًا الحصول على دعم هذا اللوبي.
وعلى الرغم من أن السعوديين استثمروا 700 مليار دولار في البنوك والاقتصاد الأمريكي، إلا أنه ليس لديهم أي تأثير في الهياكل السياسية لهذا البلد، وبالتالي يريدون زيادة نفوذهم في الولايات المتحدة من خلال جذب انتباه اللوبي الصهيوني.
في الوضع الحالي، كل شيء جاهز للإعلان عن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، والشيء الوحيد المتبقي هو عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وهو ما يعد السعوديون الأيام لحدوثه.