بعد مرور أكثر من شهر على الهدنة في اليمن، لا تزال العديد من البنود التي أعلنت في بيان الاتفاق متعثرة، بفعل العراقيل التي تضعها السعودية، ولعل من أبرز بنود الاتفاق التي نقضتها السعودية هي عدم تشغيل رحلات من مطار صنعاء وفك الحصار عن مدينة تعز،إضافة إلى الخروقات العديدة والتجاوزات التي تقوم بها السعودية ومنها احتجاز السفن النفطية رغم تفتيشها، السعودية ايضاً لم تكتفِ بعدم الالتزام ببنود الهدنة وإنما استمرات في تجاوزها.
حيث نقضت الهدنة المعلنة من خلال التحركات العسكرية بين الحين والاخر، مع بدء العد التنازلي على انتهاء الهدنة، مازالت حكومة صنعاء تدعو الجانب السعودي إلى الالتزام بالهدنة والتوقف عن الخروقات العسكرية، لكن من الواضح أن دول العدوان (التحالف الذي تقوده السعودية) مازالت تسير في خط معاكس للجهود السياسية والاممية لوقف الحرب علي اليمن، حيث إن تصرفات دول العدوان توكد عدم التزامها بتنفيذ الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة بشأن مطار صنعاء الدولي.
وعلى الرغم من الجهد الكبير لحكومة الانقاذ الوطني في إنجاح الهدنة واعتبارها تفتح آفاقاً جديدة للسلام، حيث انها سوف تساعد المواطنيين في تخفيف معاناتهم في التنقل على الأقل كإجراء أولي ، إلا أن ذلك يبدو بعيداً بعد مرور أكثر من شهر على الهدنة، بسبب التعنت السعودي وعم الالتزام بالاتفاقات.
“أنصار الله” تحذر من انهيار هدنة الأمم المتحدة في اليمن
حذر رئيس الوفد المفاوض في جماعة أنصار الله والناطق باسمها، محمد عبد السلام، من انهيار هدنة الأمم المتحدة السارية في اليمن لمدة شهرين، على خلفية خرق طائرة مُسيرة تابعة للتحالف العربي الداعم للحكومة اليمنية أجواء محافظة حجة غربي اليمن، حيث قال محمد عبد السلام، عبر تويتر: “بعد خرق الهدنة بطائرة تجسسية شن طيران العدوان (في إشارة إلى التحالف العربي) غارة جوية في منطقة حرض بمحافظة حجة“.
وأضاف: “من شأن هذا التمادي في الأعمال العدوانية تقويض الهدنة الإنسانية العسكرية المهددة أساسا بعدم تنفيذ بنودها فيما يخص إعادة فتح مطار صنعاء الدولي وتسهيل وصول السفن القادمة نحو ميناء الحديدة (غربي اليمن)“.وفي وقت سابق، أعلن الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، “إسقاط طائرة تجسسية مسلحة صينية الصنع (سي اتش 4) تابعة لسلاح الجو السعودي بصاروخ أرض جو أثناء قيامها بخرق الهدنة والقيام بأعمال عدائية في مديرية حرض بمحافظة حجة“.
تاتي تصريحات الناطق الرسمي باسم جماعة أنصار الله بعد وقت كانت قد اتهمت حكومة الانقاذ الوطني في صنعاء التحالف السعودي، برفض منح الخطوط الجوية اليمنية تصريح هبوط لأول رحلة تجارية ضمن رحلات الهدنة الأممية في مطار صنعاء الدولي الذي تديره حكومة الانقاذ الوطني، حيث كان من المقرر انطلاق الرحلة من صنعاء إلى مطار الملكة علياء الدولي في الأردن، وذلك بعد أيام من إعلان الجماعة تلقيها موافقة من الأمم المتحدة بتسيير الرحلة التجارية الأولى منذ 6 أعوام.
رغم الخروقات السعودية لا تزال القوات المسلحة اليمنية حريصة على ضبط النفس
أكد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، أن القوات المسلحة ومن موقع القوة والمسؤولية، لا تزال حريصة كل الحرص على ضبط النفس والتمسك بالهدنة المُعلنة برعاية الأمم المتحدة. وشدد اللواء العاطفي في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على حرص القوات المسلحة على ضبط النفس رغم الخروقات الموّثقة والمتكررة لتحالف العدوان، وذلك من أجل تفويت الفرصة أمام تجار الحروب وبما يخدم المصالح العليا لليمن وشعبه.
وقال: “اليوم ومن خلال متابعتنا لمجريات ووقائع السيناريو السياسي الجديد لدول العدوان ومرتزقتها، تتكوّن لدينا ولدى كل أبناء شعبنا الحر صورة واضحة بأنه لا نية لديهم للسلام”.وأضاف “نحن نقول لهم أيا كانت نواياكم أو مخططاتكم، فإننا حاضرون لها وسيُفاجأ العدو بالرد في حال أغواه شيطانه لارتكاب أي حماقة، ونأمل أن يستغلوا فرصة الهدنة لإظهار حُسن النوايا وإنقاذ أنفسهم مما ينتظرهم إن كانت نواياهم المبيتة المكر والخديعة لأنهم لن يجنوا من ذلك إلا الهزيمة والخسران المبين
من جهةٍ اخری أشار اللواء العاطفي إلى أن القوات المسلحة اليمنية وهي تقف اليوم أكثر من أي وقت مضى على أهبة الاستعداد والجهوزية والاقتدار القتالي العالي براً وبحراً وجواً، تابعت تحركات قوى العدوان خلال فترة الهدنة ورصدت مجمل المستجدات ومنها تشكيل ما تسمى بقوة المهام البحرية متعددة الجنسيات بقيادة أمريكا ونشرها في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وصولاً إلى خليج عدن وبمشاركة قوات الأسطول الخامس الأمريكي، وذلك في انتهاك صارخ للمياه الإقليمية اليمنية وبهدف محاصرة اليمن ونهب ثرواته النفطية والغازية، وفرض الهيمنة على ممرات الملاحة الدولية.
ولفت إلى أن إرادة الشعب اليمني قوية لا تنكسر وهي جزء لا يتجزأ من إرادة الأمة وفي طليعتها محور المقاومة المدافع القوي والمخلص لقضايا شعوب الأمة المصيرية.. مبيناً أن الشعب اليمني، يمضي دوماً في مساراته الاستراتيجية نحو التحرر والاستقلال ورفض كل أشكال الهيمنة والوصاية والتبعية لقوى الشر والعدوان وأدواتها في المنطقة. وحيّا صمود وكفاح وتضحيات الشعب اليمني وفي طليعته أبطاله منتسبي الجيش واللجان الشعبية في مواجهة المعتدين وأذنابهم، وانتصارهم لدينهم وعقيدتهم وهويتهم الإيمانية.
وثمن وزير الدفاع في ختام تصريحه، ملاحم الاستبسال التي يسطرها أبطال الجيش واللجان في مختلف ميادين وساحات المواجهة ومواقع الشرف والفداء انتصاراً لليمن وتطلعات شعبه الذي لقن الغزاة الطامعين عبر تاريخه القديم والمعاصر دروساً قاسية لم ولن ينسوها مهما حاولوا ذر الرماد على العيون .. مؤكداً أن حقائق ووقائع الأحداث لا يمكن طمس مشاهدها من ذاكرة الأمة مهما حاولت قوى الاستكبار العالمي ووكلائها في المنطقة تزييف التاريخ.
انهیار الهدنة في اليمن يعني انهياراً للاقتصاد السعودي
مازال تحالف العدوان السعودي الإماراتي يمارس جرائمه بحق الشعب اليمني ورغم أن أنصار الله اعطوا فرصة للتحالف لإنهاء الحرب في اليمن الا أن التحالف السعودي الإمارتي مازال مستمراً في تنفيذ مخططاته في اليمن في سبيل السعي نحو تحقيق انتصار له وخلط الأوراق في اليمن.
من جهة اخرى بمرور الوقت يتضح يوماً بعد يوم أن السعودية ايضاً لاتلتزم باتفاقيتها حيث إن التحالف الذي تقوده السعودية ومنذ اليوم الأول لم يلتزم بالهدنة المعلنة في اليمن، حيث رصد المراقبون الخروقات التي قام بها التحالف سواء العسكرية او فيما يتعلق بفك الحصار، فالسعودية لم تسمح بإجراء الرحلات الجوية إلى مطار صنعاء والتي كان متفقا عليها مسبقاً، إضافة إلى ذلك فإن احتجاز السفن النفطية يمثل خرقا واضحاً للهدنة.
من خلال خلط الأوراق التي يقوم بها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، والتي يعتقد أنه سيستفيد منها خلال الفترة المقبلة لتحقيق انتصار له، تظهر حالة العجز والارباك التي يعاني منها التحالف . استمرار التحالف في السعى لتنفيذ مخططه في اليمن سيضاعف المحنة السعودية والخسائر، وسيضاعف اضطراب سوق الطاقة، وسوف تنزلق دول التحالف في منزلق الفشل المزمن والانهزام الفاضح الذي لا تخفّف من أثره السياسي والميداني شتى المحاولات الخائبة والمكابرة المهزوزة.
من الواضح أن استمرار التحالف السعودي الإماراتي في السعي نحو خرق الهدنة سوف يؤدي إلى تبعات كبيرة وخسائر اقتصادية كبيرة لدول التحالف فانهيار الهدنة باليمني يعني عودة ضرب المنشات النفطية والاماكن الحساسة في العمقيين السعودي والإماراتي وهو ما من شأنه أن يصيب الاقتصاد السعودي والإماراتي بالضرر الكبير، فهل تدرك دول العدوان عاقبة انهيار الهدنة اليمنية ؟
في الختام رغم الترحيب بالهدنة والتمني بتحقيق السلام في اليمن، إلاّ إن المؤشرات اليوم على أرض الواقع عكس ما تمناه الشعب وحلم ويحلم به، فالسعودية ومن معها من دول العدوان لم تحترم الهدنة المعلنة في اليمن ، وهذا مؤشر على عدم وجود نية حقيقة لدى التحالف حتى الآن لأنهاء الحرب والعدوان ورفع الحصار عن الشعب اليمني، فلايزال مطار صنعاء مغلقا، والسفن النفطية لم يسمح بدخولها وفقا ًلآلية الاتفاق، وكذلك لم يتم تشكيل لجان مراقبة وقف الاعمال القتالية من كلا الطرفين، ولم تتم مناقشة فتح الطرقات، وملف الاسرى لم يحل سوى ما اعلنت عنه صنعاء من اطلاق سراح 142اسيرا، والافراج عن طاقم السفينة الامارتية روابي.
وكذلك ما اعلنت عنه قيادة التحالف من اطلاق سراح 160اسيرا من قوات صنعاء، وهو ما نفاه رئيس لجنة الاسرى عبدالقادر المرتضى كون المعلن عنهم ليسوا اسرى حرب، ولا تشملهم كشوفات اسماء الاسرى، والملف الاقتصادي وتحييدة عن النزاع العسكري لم يتم التطرق اليه ولم يتم البدء في مناقشته. وهنا تطرح التساؤلات هل تدرك دول العدوان خطورة انهيار الهدنة في اليمن وما سيترتب عليه من ضربات موجعة للعمقين السعودي والإماراتي وضرب للمنشآت والمواقع الحساسة؟