في اليوم العالمي للقدس، أثبت محور القدس أنّه يمتلك فضيلتي القوة والأمل، ويأنف رذيلة الهزائم مهما صغُرت، وأنّ القوة التي يمتلكها، تبيح له أمل الحرية من أقصاه إلى أقصاه، وأمل زوال الكيان عند طرف البنان.
أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في يوم القدس كعادته، ولكن في كفيه هذه المرة طوفانٌ من أمل، أملٌ جعل الكيان حقاً على بُعد حماقةٍ واحدةٍ من الفناء، حيث قال إن “أيّ خطأ أو أي حماقة يرتكبها هذا العدو، سيكون الردّ سريعاً ومباشراً”، هذا فضلاً عن ربط مصير القدس بزوال الكيان، وقد استذكر هزائم الكيان السابقة في سياق القدرة على هزيمته وأنّه ليس قدراً، وختم بفائضٍ من أملٍ حين قال “سنصلي جميعاً في القدس”.
ولكن اللافت أنّ السيد لم يُشر إلى نوعٍ معين أو محدد من الأخطاء والحماقات، بل حدد بعضها على سبيل المثال لا الحصر، وهذا يعني أنّ الخطأ ليس بحجمه أو نوعيته، بل بمجرد أنّه خطأ، أيّ أنّ كل خطأ سيُعتبر حماقةً مهما صغُر هدفه، كما أنّ هذه المعادلة ستُغلّ يدّ الكيان أكثر مما غُلت، وأيضاً فالسيد لم يحدد ساحة الخطأ أو الحماقة، أيّ أنّه قد يُفهم منها أنّ الاعتداء على سوريا مثلاً، أو عناصر من حزب الله في سوريا، حماقة تستوجب رداً سريعاً ومباشراً.
ولكن السيد كان حاسماً حين كشف عن معلوماته، بأنّ التعرض للوجود الإيراني في سوريا، سيُعتبر نوعاً من الحماقات المنتظرة، حيث قال إنّ “إيران يتطور موقفها الميداني والعسكري، حدّ أنّها قد تقدم على ضرب “إسرائيل” مباشرة، وهذا موقف يتطور ومقدماته تكبر، والمسألة متعلقة بالحماقة والغباء الإسرائيلي”.
وهذا الكشف بقدر ما هو هام، بقدر ما هو خطير أيضًا على الكيان، حيث لا يمكن للكيان إلّا اعتبار الردّ الإيراني، خصوصاً إذا كان من داخل الأراضي الإيرانية، بمثابة إعلان حرب، وهذا الاعتبار بالقطع سيُكلف الكيان وجوده، لأنّ الحرب مع إيران تعني فتح الجبهات كافةً، وستكون بمثابة حرب الكيان الأخيرة.
وهذا الخيار الذي سيكون اضطرارياً بالنسبة للكيان، لا يُقابله خيارٌ آخر سوى ابتلاع الكيان للصفعة الإيرانية، واعتباره مجرد ردٍّ قابل للاستدراك أو التجاوز، ولكن مشكلة هذا الخيار، أنّه سيكون قبول الكيان للهزيمة بالنقاط، لا الضربة القاضية، حيث إنّ تجاوز الكيان عن الرد الإيراني، ستكون له مفاعيل شديدة الخطورة على مصير الكيان، أدناها تحويل جيشه إلى المتحف.
حيث إنّ ترسانته سيتآكلها الصدأ، لأنّه سيصبح عاجزاً عن استخدامها، وبالتالي فقدان الشعور بالأمن، وهو ما اعتبره السيد ركيزة وجود الكيان، كما ستتضاءل وظيفته التي أُنشئ من أجلها، وهو ما سيجعل الكيان يتآكل من الداخل دون الحاجة لحربٍ أو ضربةٍ قاضية.
قد يكون هذا انطباعاً شخصياً، لا يصلح ليكون تحليلاً سياسياً، لكن أرى أن تسجيله حتى لو على سبيل الشخصي، ذو أهميةٍ قصوى، لأنّ التاريخ يسمع صوت القوي، أمّا همس الضعفاء فمؤجلٌ لحين امتلاك ناصية القوة، لذلك فإنّ الانطباع أنّ خطاب السيد نصر الله في يوم القدس العالمي عام 1443هـ الموافق لعام 2022، بمثابة الإعلان عن البدء بنسج أكفان الكيان، ومهما كان الوقت الذي ستستغرقه عملية النسج، فهي لن تكون طويلة أو على مسافةٍ بعيدة، أيّ كما ختم السيد خطابه “يرونه بعيداً ونراه قريباً”.