أفصح مسؤولان، أحدهما مستشار والاخر دبلوماسي، رسميا، عن تفاصيل ما حدث منتصف ليل الخميس وقاد لإعلان هادي اعفاء نائبه الفريق علي محسن صالح وتنحيه، بدلا عن تعيين نائبين له كما طرحت مشاورات الرياض، وإصداره قرار نقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي وتفويضه صلاحياته كاملة، ضم قيادات فصائل التشكيلات العسكرية الموالية لأبو ظبي والرياض.
ووفقا للسكرتير الصحفي للرئاسة اليمنية سابقا ومستشار وزير الإعلام، فإنه “تم استدعاء كل القيادات السياسية للديوان الملكي، وتم عزلهم عن بعض من الساعة السابعة إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل دون معرفة أي تفاصيل عما حدث ويحدث تم استدعاء الرئيس هادي إلى الديوان على غير العادة حيث يذهب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مقر إقامة هادي”.
مضيفا في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع “تويتر” السبت: “وصل هادي إلى الديوان الملكي مع أولاده والحارس الشخصي وبعض الموظفين. ثم تم عزل هادي عن كل المساعدين، مع منع كل وسائل الاتصال عن جميع من وصولوا إلى القصر وهو ما يدل على حدوث شي كبير، هام، مفصلي وخطير”. وكشف عن تفاصيل مثيرة لما دار بين هادي وولي العهد السعودي.
وتابع المستشار الرحبي، قائلا: إن الخيار الأول كان هو أن يستمر عبدربه رئيسًا للمجلس، لكن بدون صلاحيات. لكن هادي رفض، وفضل أن يخرج من المشهد إذا كانت تلك هي رغبة السعودية ورغبة جميع الأطراف السياسية كما قيل له من السعوديين. ثم طلب من هادي قراءة كل القرارات، فرفض هادي قراءة القرارات وتم الاتفاق أن يعلن القرار فقط”.
مردفا: “ثم استدعي وزير إعلام الفنادق معمر الأرياني لقراءة القرارات. رفض في البداية، وطلب لقاء هادي. وفعلًا، قابل هادي، وبدوره أعطاه الإذن بقراءة تلك القرارات وهو ما حدث وتم بث تلك القرارات عبر القناة الرسمية “. ولفت إلى أنه “تم إعلان قرار إقالة النائب علي محسن والإعلان عن بيان رئاسي في ظل عدم معرفة أي طرف سياسي” في الديوان الملكي.
على ذات السياق، أكد سكرتير الصحفي السابق ومستشار وزارة الاعلام، مختار الرحبي، إدارة المخابرات السعودية الحيلة وممارستها على كل من هادي والمكونات السياسية المشاركة في المشاورات، دون معرفة الاخر، قائلا: إن “كل من كان في الديوان الملكي لا يعرفون أي شيء، ولم يسمح لهم بالخروج من الغرف التي كانوا متواجدين فيها الا بعد إنهاء كل شي”.
مضيفا:” بعد أن وقع هادي على القرارات تم وضع كل القيادات السياسية أمام أمر واقع وهو إن هادي وقع على القرارات وليس أمامكم إلا الموافقة وإصدار بيانات الدعم والاشادة ولم تتح لهم أي فرصة للنقاش أو الرفض “، مؤكداً بأن جميع من كانوا في الديوان الملكي، بمن فيهم أعضاء ورئيس المجلس الرئاسي. أجروا لقاء سريع مع هادي وهو ما عرض في وسائل الإعلام”.
وتابع: “ثم عاد هادي إلى مقر إقامته. لكن أولاد هادي، ومنهم ناصر وبعض المقربين، ظلوا إلى اليوم الثاني في الديوان دون معرفة بما حصل”. متحدثا عن ان مشاورات الرياض كانت مسرحية نظمتها السعودية لتكون غطاء لهذه الخطوة الانقلابية على الشرعية، ممثلة بهادي ونائبه الفريق الركن علي محسن الاحمر، واسقاطها ايذانا لإعلان انهاء تحالف دعمها.
مردفا: إن “مشاورات الرياض كانت مجرد غطاء فقط لهذه القرارات التي اتخذتها السعودية بعيدًا عن كل الأطراف، بمن فيهم هادي ونائبه وكل الأطراف السياسية. وهذا يدل على أن السعودية تريد التخلص من الشرعية والبدء بمشاورات مع جماعة الحوثي وإنهاء الحرب“. واختتم بالإشارة إلى غموض مصير هادي ومكان تواجده الان وكيف سيكون التعامل معه لاحقا.
وأكد السكرتير الصحفي السابق، ما أعلنه دبلوماسي يمني، في وقت سابق، بشأن غموض مصير هادي، بقوله: “حتى الآن لا يعرف مصير هادي ولا عائلته، ولا أحد يعرف كيف سيتم التعامل معه؟ وأين هو الآن؟ حيث لم يتم التواصل معه من لحظة خروجه من الديوان الملكي وحتى هذه اللحظة”. حد قوله.
إنقلاب أبيض
الى ذلك، كشف المستشار الاعلامي للسفارة اليمنية في الرياض، سابقا، ورئيس تحرير صحيفة ومركز دراسات “هنا عدن” الناشط السياسي والاعلامي المعروف، انيس منصور، عن معلومات صادمة بشأن تفاصيل الساعات الاخيرة للانقلاب الابيض على الشرعية، الذي قاده ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان على هادي قبل إعلانه قرار تنحيه.
وأكد أنيس منصور في تصريح مصور بثه على حسابه الرسمي بمنصة “تويتر” ليل السبت: إن “الرئيس هادي تعرض لعملية انقلاب عسكرية متكاملة الأركان قادها ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان”. وتحدث عن احتجاز الرئيس قائلا: “حسب ما وصلني بأن أولاد عبدربه منصور هادي وهم جلال عبدربه منصور وناصر عبدربه منصور لا أحد يعلم أين هم؟!”.
مضيفا: ” ليلة أمس منذ منتصف الليل منع لقاء أولاد الرئيس بوالدهم في الجناح الذي يقيم فيه وطلعت الحراسات والآن أولاد هادي لا أحد يعرف أين هم ومخفيين طبعا، وحسب ما وصلنا بأن هناك من أخذهم من داخل القصر إلى مكان مجهول ناصر عبدربه وجلال عبدربه وهؤلاء أولاد هادي إلى الآن مصيرهم مجهول ولا يمكن التواصل معهم ولا معرفة مصيرهم ولا أين مكانهم”.
وتابع: هذا ما قامت به السلطات السعودية أو بعد دخول محمد بن سلمان وكان هادي نوعا ما متعنت وعنيف ورافض بعض الإجراءات لكن تحت الضغط والإكراه وقع ما وقع”. مردفا: “البعض يجلد هادي يعتقد أنه انقلب على نفسه ولكن الموضوع كان مبيت بليل وإنا لله وإنا إليه راجعون تعازينا للوطن وللشعب ونسأل الله أن يخلص البلد من آل سعود ومكرهم وخداعهم وآل نهيان”.
جاء تصريح انيس منصور، تأكيدا لكشفه الجمعة في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع “تويتر” عن احتجاز واخضاع هادي وأولاده للإقامة الاجبارية، وقطع الاتصال بهم في مقر اقامتهم بالرياض.
وقال منصور الجمعة: “ما يزال الجناح الذي يقيم فيه هادي مع زوجته محاط بقوة من الأمن السعودي”. وأردف في تغريدة ثانية على حسابه بموقع “تويتر”: “وتم فصل هادي عن جميع اولاده واحفاده الذين أطلق سراحهم مساء اليوم ومصادرة كل هواتفهم الشخصية واغلاق الاتصالات والانترنت من القصر ومنع الزيارات او الخروج من القصر #المتغطي_بالسعوديه_عريان”.
مضيفا: إن “المختطفين من حاشية هادي من السلطات السعودية: جلال وناصر عبدربه منصور، وعبدربه وصدام وسند ناصر منصور، واخرين من احفاد هادي وطاقم المراسيم والاعلام الخاص به، قبل أن يعلن أن “السلطات السعودية تطلق سراح اولاد واحفاد هادي عبدربه منصور ومدير المراسيم بناء على ضغوطات للدبلوماسية البريطانية، لكنهم حتى الان لم يتمكنوا من لقاء هادي ”.
خفايا كواليس المجلس الرئاسي
ومن جانبها، فجرت الناشطة الحقوقية والسياسية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، مفاجأة صادمة بكشفها خفايا كواليس صدور قرار تنحي هادي ونائبه الفريق علي محسن صالح عن السلطة بضغط سعودي اماراتي، ونقل صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي يضم قيادات النظام السابق للرئيس علي عبد الله صالح والقوات المحلية المتمردة على الشرعية اليمنية والموالية للرياض وابوظبي.
جاء ذلك في تدوينة على حائطها بموقع “فيس بوك” الجمعة، قالت فيها: “المهم إذا قال لكم أي أحد من المتشاورين الذين ساقتهم السعودية إلى الرياض إنه تم مشاورته حول أي شيء مما حدث من اقالة لهادي وتعيين بديل عنه فلا تصدقوه، لأن الذي حدث بالضبط.. أنهم حبسوا كل واحد من المتشاورين في غرفة عدة ساعات، ثم أتوا وطلبوا منه التوقيع على بيان هادي، الذي هو الآخر كان محبوس في غرفة”.
مضيفة: “ويعلم الله أيش حصل له، ملطام او تهديد وعين حمراء او اغراء مادي بالفلوس، يعلم الله!!”. متوقعة المصير نفسه للقيادي المؤتمري نائب رئيس الوزراء لشؤون الامن والدفاع وزير الداخلية سابقا، المشير الدكتور رشاد محمد العليمي بقولها: “على الصعيد الشخصي بيني وبين رشاد العليمي احترام متبادل وليس لدي مشكلة معه.. والذي هو الآخر يعلم الله متى سيخلعه السعوديون؟!!”.
وضغطت السعودية والامارات على هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن، عبر عقد مشاورات دعت إليها مختلف الاطراف اليمنية وامتنع الحوثيون على حضورها، لنقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي وإصدار قرار تضمن إعلان دستوريا يعطل الدستور والمرجعيات الثلاث للشرعية، ويُعين أحد رموز النظام السابق رئيسا للمجلس وقادة الفصائل العسكرية الموالية للرياض وابوظبي اعضاء فيه.
وفجر الخميس 7 أبريل/نيسان 2022، أعلن عبد ربه منصور هادي نقل جميع صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي مكون من 8 أعضاء، وأعفى نائبه اللواء علي محسن الأحمر من منصبه، وذلك تزامناً مع دعم سعودي بـ3 مليارات دولار، تتقاسم مليارَين منها مع الإمارات.
ويتولى مجلس القيادة الرئاسي الجديد باليمن “إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً طوال المرحلة الانتقالية”، ليطوي بذلك فترة حكم “هادي”، الذي يعد الرئيس الثاني للجمهورية اليمنية والقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، منذ فبراير 2012.
ويتكون المجلس من رشاد محمد العليمي رئيساً، وعضوية 7 أعضاء هم: سلطان العرادة، وطارق صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وعيدروس الزبيدي، وفرج البحسني.