مقالات مشابهة

عمليات كسر الحصار: باب المندب ضمن بنك الأهداف؟

خلال العملية التي استمرت أكثر من 24 ساعة، ووضعت كل المدن السعودية في حالة قلق، فتح الجيش واللجان الشعبية الباب أمام مسار عملياتي جديد، أثبت خلاله نيته الفعلية في قض مضاجع سماسرة الحرب اليمنية لأكثر من 7 سنوات، وعزمه على وضع كل المنشآت الحيوية والنفطية في المملكة في مرمى الصواريخ الباليستية المحلية الصنع والتي لم يكشف عن جزء منها إلى اليوم.

هذه العملية، أتت استجابة لمطالب اليمنيين الذين خرجوا رافعين شعار “الاعصار مقابل الحصار”، وهو الأمر الذي يعد دليلاً على ان صنعاء، بحكومتها وجيشها وقيادتها السياسية تناضل لأجل رفع الظلم عنهم، بشتى الوسائل، وهو ما لم تقم به القيادات السياسية المرتمية في فنادق الرياض وأبو ظبي.

من جهة أخرى، فالتوقيت الدولي للعملية، جعل صداها أقوى في أروقة البيت الأبيض الذي يبحث عن وسائل تخفيض أسعار النفط بشكل مثير للشفقة، ووقعها أشد إيلاماً في المملكة التي أعلنت أنها “تخلي مسؤوليتها من أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية”، والتي تسعى، في الوقت عينه، لزيادة انتاجها من النفط لسد عجزها المتراكم. حيث وصل حجم الدين الداخلي حوالي 535.3 مليار ريال أي 58% من حجم الدين العام، بينما بلغ الدين الخارجي 387.5 مليار ريال أي ما يعادل 42% منه.

وقد جاءت العملية على 3 مراحل:

المرحلة الأولى

كانت بقصف منشآت شركة أرامكو في العاصمة السعودية، الرياض، وينبع.. ونفذت في 11 آذار/ مارس الجاري، بـ 9 طائرات مسيرة، صنفت على أنها رسائل تحذيرية لأنها اعتمدت بشكل أساسي على الطائرات المسيرة ولم يتم استخدام الصواريخ الباليستية.

جاء هذا الاستهداف بعد يومين على اطلاق قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي تحذيراً هو الأول من نوعه، بالقول “لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء استمرار الحصار”.

المرحلة الثانية

تضمنت أهدافاً حيوية في مناطق أبها وخميس مشيط وجيزان وصامطة وظهران الجنوب، والتي أتت بعد حوالي 4 ساعات على تأكيد رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط أنه على “العالم كله ان يسمع أصوات الشعب اليمني وصرخاته قبل أن يسمع زئيره إذا استمر الحصار”.

استهدفت العمليتان منشآت حيوية ومحطات تحلية وكهرباء وتوزيع الغاز للمرة الأولى منذ بدء العدوان، وهو ما يرسم مساراً واضحاً لشكل العمليات العسكرية التي باتت تتطلع إليها القوات المسلحة اليمنية، خاصة بعد تأكيد المتحدث باسمها العميد يحيى سريع بأنها “تمتلك إحداثيات متكاملة، ضمن بنك أهداف خاص يضمُ عدداً كبيراً من الأهداف الحيوية قد تُستهدف في أي لحظة”، متوعداً بـ “تنفيذ عمليات عسكرية نوعية لكسر الحصار الظالم، ستشمل أهدافاً حساسة لم تكن في حسبانِ العدوِ المجرم”. وقد وضعت قوات صنعاء 9 منشآت نفطية في بنك أهدافها.

وقد نفذت هذه العملية بدفعة من الصواريخ الباليستية والمجنحة وعدد من الطائرات المسيرة فيما لم يكشف عن نوعها.

المرحلة الثالثة

استهداف شركة أرامكو في جدة غربي المملكة وأهدافاً حيوية في جيزان، والتي تمّت بدفعة من الصواريخ الباليستية والمجنحة، من طراز قدس 2، وحققت أهدافها بنجاح حسب تأكيد العميد سريع، الذي حذر أيضاً “العدو السعودي من أننا بدأنا بالفعل بتوجيه ضرباتٍ مركَّزةٍ، وفق بنك الأهداف الخاص بعمليات كسر الحصار… ولن نتردَّد في توسيع بنك الأهداف خلال المرحلة المقبلة”.

باب المندب ضمن بنك الأهداف

بعد عمليات كسر الحصار التي أكد العميد سريع انها ستستمر مع استمرار الحصار، وبعد خطاب لافت للسيد عبد الملك الحوثي قبل ايام مع قبائل الزاهر في محافظة البيضاء ألمح فيه الذهاب نحو إجراءات استثنائية، مشيراً الى ان الحرب الاقتصادية تهدف الى تعذيب الشعب ورفع مستوى معاناته، مضيفاً ان “الشعب اليمني لن يقف مكتوف الأيدي إزاء استمرار الحصار”.

وربطاً بما يجري على الساحة الدولية، والعملية العسكرية الروسية في اوكرانيا، والارتفاع الكبير في اسعار النفط العالمية وحاجة اوروبا والعالم اليه، ستكون المرحلة المقبلة مرهونة بإحدى المسارين أو الاثنين معاً:

الأول، توسيع رقعة الاستهداف لتشمل منشآت نفطية وحيوية جديدة وحساسة خاصة فيما يتعلق بالكهرباء والغاز والتحلية وغيرها، وتطال أهدافاً لم تصلها من قبل، مع استمرار قصف كافة منشآت ارامكو النفطية السعودية.

الثاني، التوجه نحو استعمال ورقة الضغط الدولية والاستفادة من باب المندب، وهي قادرة فعلياً على اغلاقه لو أرادت وبطرق متعددة إما بالألغام البحرية او الزوارق الانتحارية أو الصواريخ الباليستية، ومما سيساعد على ذلك، المسافة التي تفصل بين ضفتيه والتي لا تتعدى الـ 30 كلم. وبالتالي ستكون كل الدول بما فيها الولايات المتحدة معنية في إعطاء الحرب على اليمن الأهمية التي تستحقها والسعي لفك الحصار وإنهاء الحرب، والقبول بتسوية سياسية، وكذلك إعادة اليمن الى الخارطة الدولية والاهتمامات العالمي.

ومن السيناريوهات المطروحة حسب مصادر خاصة ان هذا الأمر سيتم عبر استهداف الشحنات النفطية التابعة لدول التحالف (السفن الاسرائيلية ضمنا)، او احتجازها، وقد مثلّت عملية احتجاز السفينة الإماراتية “روابي” سالمة بكل ما تحمل، مطلع العام، خير دليل على القدرات التي باتت تمتلكها القوات المسلحة اليمنية.

المناورة السعودية تفتح باب التصعيد لا الحوار

خلال الأيام الماضية، أعلن أمين عام مجلس التعاون الخليجي، ‏نايف الحجرف، عن استضافة محادثاتٍ يمنية-يمنية، من 29 آذار/مارس حتى 7 نيسان/أبريل، في الرياض، هدفها “حلّ الأزمة اليمنية وبحث مستقبل الأزمة، بمشاركة كافة الأطراف المعنية من دون استثناء، ووقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة”.

هذه الدعوة التي أرادت المملكة منها “المناورة”، وتقديم نفسها على أنها “راعية سلام” وطرف محايد، رفضتها حكومة صنعاء لما اعتبرته بأنه “دعوة ملغومة والتفاف على أي حوار حقيقي”، حيث أكد رئيس حكومة صنعاء، عبد العزيز بن حبتور، على أنّ “أول خطوة في أي حوار هي إيقاف العدوان”، وقال”يدعون إلى الحوار في العاصمة التي يُشنَ منها العدوان يومياً”.

ويمكن اعتبار عرض هذه الدعوات في هذا الوقت الذي تريد فيه السعودية الهدنة مع صنعاء بغية التركيز أكثر على عملية الإنتاج، تأتي في إطار المناورة التي ستفتح حتماً باب التصعيد لا الحوار، خاصة وأن حكومة صنعاء كانت قد أكدت أنها لا تؤمن بأي حلول مطروحة قبل رفع الحصار كلياً عن البلاد، خاصة فيما يتعلق بالحصار النفطي.

الخنادق