شكّل سلاح الجو المسير الذي بحوزة القوات المسلحة اليمنية مصدر قلق للمملكة بعدما عجزت منظومات الدفاع الجوي التعامل مع الطائرات الانتحارية صغيرة الحجم والقادرة على المناورة والالتفاف، والتي بات الضرر الناتج عنها أكبر من أن يغض الطرف عنه، خاصة ان هذا التحدي، بات يواجه القبة الحديدية الإسرائيلية، والقواعد الأميركية في المنطقة، الأمر الذي جعله أمراً في غاية الأهمية لدى هؤلاء.
ونتيجة الأهمية نفسها التي تبديها السعودية للتعامل مع هذا النوع من الأسلحة إضافة للصواريخ الباليستية، أدركت الولايات المتحدة انه باستطاعتها “ابتزاز” الرياض قبل ان تتم صفقة تسليمها صواريخ الباتريوت، والتي كانت قد وعدتها بها منذ زمن ولم تنجزها.
صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أشارت في مقال لها إلى ان الولايات المتحدة سترسل صواريخ باتريوت إلى السعودية التي طلبت إمدادات جديدة لمواجهة هجمات الطائرات المسيرة التي يطلقها انصار الله في اليمن.
وقالت الصحيفة في تقرير أعده ديفيد إس كلاود، إن “إدارة جو بايدن أرسلت عددا من أنظمة باتريوت إلى السعودية في الشهر الماضي، مستجيبة لطلب إعادة الإمداد وسط توتر في العلاقات بين البلدين، حسبما قال مسؤولون أمريكيون. وكانت عملية التحويل للتأكد من امتلاك السعودية المعدات الكافية للدفاع عن نفسها ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار التي يطلقها قوات صنعاء باتجاه الأراضي السعودية، حسبما قال مسؤول”.
وأضافت “طلب الجيش السعودي منذ العام الماضي مزيدا من صواريخ باتريوت التي تستخدم لإسقاط الصواريخ والطائرات. وحذر السعوديون من أن ذخيرتهم من هذه الصواريخ تنفد بسرعة”. وأشارت الصحيفة إلى أن “العلاقات الأمريكية- السعودية قد تدهورت بشكل حاد عندما قررت إدارة بايدن شطب الحوثيين من قائمة الإرهاب، ورفض الرئيس بايدن التعامل مباشرة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للبلاد”.
وأشارت إلى أن “الطلب السعودي لأنظمة اعتراض الصواريخ كان محلا للجدال بين واشنطن والرياض، بشكل أدى لانزعاج السعوديين الذي شعروا أن الولايات المتحدة لا تدعم حملتهم في اليمن. وقال المسؤولون الأمريكيون إن قرار إرسال صواريخ باتريوت استغرق أشهرا، وأكثر من المدة التي تستغرقها الطلبات من دول حليفة أخرى؛ لأن البيت الأبيض أخّر عن قصد تلك الإمدادات”.
وتابعت “قال مسؤول أمريكي إن صواريخ باتريوت نقلت من ترسانة الصواريخ الأمريكية الموجودة في مكان ما في الشرق الأوسط. وجاء قرار إرسالها في النهاية في محاولة من واشنطن بناء علاقات افضل مع الرياض. كما تأمل الولايات المتحدة بأن تضخ السعودية مزيدا من النفط لوقف معدلات ارتفاع أسعاره بسبب الأزمة الأوكرانية وتوقف النفط الروسي نتيجة للعقوبات التي فرضها الغرب على موسكو”.
وتعلق الصحيفة أن “إرسال صواريخ باتريوت لم يخفف التوتر بين البلدين. فقد انتقد بايدن السعودية لحربها الطويلة والمستعصية في اليمن، وقرر وقف تدفق السلاح الذي يمكن استخدامه في استهداف الحوثيين. كما ألغى الرئيس قرارا اتخذه سلفه دونالد ترامب بوضع الحوثيين على قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية، وهو قرار اعتبره قادة السعودية بأنه إشارة لهم لمواصلة هجماتهم وخرق وقف إطلاق النار”.
وتشير إلى انه قد “كان آخر الهجمات على السعودية في يوم السبت وصباح الأحد، عندما أطلقت قوات صنعاء الصواريخ والمسيّرات على منشآت نفطية ومنشآت تحلية للمياه تديرها شركة النفط “أرامكو”. وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجمات. وقال متحدث باسمهم إن الهجوم جاء ردا على “العدوان المستمر والظالم ضد شعبنا”.
واستهدفت قوات صنعاء محطة تحلية للمياه في جيزان ومحطة للغاز المسال في ينبع وأخرى في ظهران الجنوب، ومحطة غاز في خميس مشيط. وقالت شركة أرامكو إنه لم تقع إصابات كما لم تتوقف الإمدادات”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “قوات صنعاء أعلنت في 2019 مسؤوليتهم عن غارات بالصواريخ والمسيرات ضد المنطقة الشرقية في السعودية، مع أن الولايات المتحدة حمّلت إيران المسؤولية، ومع ذلك استمرت الهجمات الصاروخية بشكل ثابت. وتُعتبر بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ، سلاحا واحدا من أسلحة تستخدمها الإمارات والسعودية لمواجهة قوات صنعاء، ويتم إسقاط الكثير من المسيرات التي تحلق على ارتفاع منخفض من خلال مقاتلات عسكرية”.
وتضيف الصحيفة “يعود التوتر بين فريق بايدن والسعودية إلى الحملة الانتخابية 2020، عندما تعهد بايدن بمعاقبة المملكة ومعاملتها كدولة منبوذة بسبب جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018. وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، أصدر بايدن موافقته على نشر مذكرة استخباراتية تشير إلى تورط ولي العهد السعودي بالجريمة.
ونفى الأمير محمد علاقته بالجريمة وتمت إدانة أشخاص حوله أمام محكمة سعودية”. وفي محاولة لإصلاح العلاقات، حاول البيت الأبيض بدون نجاح ترتيب مكالمات بين الرئيس بايدن والأمير محمد في شهر شباط/ فبراير كما كشفت “وول ستريت جورنال” في حينه.