بالتزامن مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والتي أثرت بشكل فوري على أسعار النفط والغاز عالمياً، على اعتبار أن روسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، وتوفر ما يزيد عن 40% من واردات الغاز الطبيعي السنوية لدول الاتحاد الأوروبي، اتجهت أنظار الشركات النفطية العالمية إلى اليمن، الذي يحتوي على احتياطات نفطية ضخمة تقدر بالـ 11.950 مليار برميل. حيث رصدت في الفترة الأخيرة نشاطات متسارعة لشركات التنقيب والإنتاج النفطي في اليمن خاصة شركتي “توتال” الفرنسية و”هنت” الأمريكية.
بداية ثمانينيات القرن الماضي دخل إلى الميدان النفطي اليمني عدد من كبرى الشركات النفطية العالمية (شركة هنت الأميركية عام 1984 والتي وصلت قيمة استثماراتها حوالي 2 مليار دولار والتي بدأت أعمالها في قطاع 18 أي منطقة مأرب/الجوف، يقول خبراء أن عقدها انتهى منذ عام 2005 لكنها ترفض تسليم القطاع، شركة “هونداي” عام 1984 وبدأت مشاركتها بنسبة 2.45% إضافة لشركة توتال الفرنسية عام 1987 والتي استأنفت أعمالها في انتاج الغاز المسال من منطقة صافر النفطية والتي تقع شمالي محافظة مأرب).
عام 1996، أبرمت الحكومة اليمنية اتفاقيات تقضي بإعطاء امتيازات لهذه الشركات إضافة لـ “كوجاز وأس كي” وكل الشركاء في “الشركة اليمنية للغاز المسال” والتي تقضي باستحواذ شركة توتال مع شركائها على أكثر من 7 تريليونات من أصل احتياطي الغاز الذي يتجاوز 10 تريليونات قدم مكعب في خطوة عرّضت المسؤولين اليمنيين حينها للمساءلة القانونية نتيجة التفريط بالمخزون النفطي بهذا الشكل والتي كان من أولى نتائجه قيام “توتال” بممارسة الاحتكار. أواخر شهر شباط/ فبراير الماضي جرى إحياء هذا الاتفاق لتبدأ الشركات في إعادة الإنتاج والتصدير والتسويق، بعدما كانت أعمالها قد تراجعت في السنوات الأخيرة جراء الحرب والحصار.
طيلة السنوات الماضية، قامت الشركات الأجنبية وخاصة شركتي “هنت” و”توتال” بنهب ممنهج للمخزون النفطي في البلاد، حيث قامت في الفترة ما بين 2009 و2014 ببيع النفط الخام والغاز بأدنى مؤشرات سجّلها مؤشر “هنري هوب” الأميركي (اعتمدت سعر بيع 3$ لكل مليون وحدة حرارية في حين كان السعر العالمي لها يصل إلى 15$)، وذلك بقصد التهرب من تعديل الأسعار التي جرى التعاقد على أساسها منذ عام 1996.
ازدادت مساعي الولايات المتحدة وبقية الدول الأوروبية خاصة فرنسا، خلال الأيام القليلة الماضية لزيادة كميات انتاج الغاز اليمني بغية تصديره إلى الأسواق الأوروبية. حيث يعتقد خبراء نفطيون أن الغاز اليمني يمكن أن يخفف من أزمة الغاز والنفط الأوروبية.
وخلال الاتصالات المكثفة التي جرت ما بين السفير الفرنسي في اليمن “جان ماري صفا” مع الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، أبلغت الشركات الأجنبية وعلى رأسها توتال برعاية من واشنطن، حكومة ما يسمى بالـ “الشرعية” انهم ما زالوا ملتزمين بالأسعار المتفق عليها، وهذا ما يعني انهم مستمرون بنهب النفط والغاز اليمني بمعدل سعر الطن 230$ بينما يقدر سعره عالمياً ما يقارب 2400$.
هذا وتشهد المحافظات اليمنية، والشمالية خاصة، أزمة محروقات حادة نتج عنها توقف قصري للعديد من القطاعات الحيوية كالمستشفيات والإدارات العامة، نتيجة “احتجاز 4 سفن نفطية تبلغ حمولتها 116.386 طن من البنزين والديزل والمازوت لأكثر من شهرين على الرغم من استكمال كل الإجراءات القانونية” حسب بيان شركة النفط اليمنية.
__________
“الخنادق” اللبناني