مقالات مشابهة

روسيا تواجه العقوبات بأسلحة نوعية

هب الغرب ومن يتبع له من دول الى فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا بسبب عمليتها العسكرية في أوكرانيا. واللافت في الأمر أن هذه العقوبات لم تأخذ فقط طابعًا اقتصاديًا أو سياسيًا، بل تعدّت ذلك بكثير لتصل الى الفن والرياضة ايضًا.

فرضت الدول الغربية حزمة متنوعة من العقوبات المالية والاقتصادية على موسكو، علمًا أن هذه الدول التي تتباكى اليوم على الحرية تعتبر سببًا رئيسًا للعملية العسكرية الروسية بفعل تدخلاتها في تحريض النظام الأوكراني ضد روسيا من أجل تحقيق مكاسب استراتيجية تخدم مصالحهم المتنوعة، وكذلك من أجل عزل روسيا وتهديد أمنها القومي.

الجدير بالذكر أن هذه الدول لم تحرك أي ساكن ضد أطراف أخرى في العالم قامت بمجازر وحروب ضد شعوب أخرى كما هو الحال في فلسطين واليمن والعراق وافغانستان ويوغسلافيا وغيرها، مما يؤكد للجميع أن من يتباكى اليوم على أوكرانيا يمتلك من ازدواجية المعايير ما يكفي لعدم تصديق انسانيتهم المزيفة بغض النظر عن الموقف الانساني الرافض للحروب واستهداف المدنيين في أي صراعات سياسية واقتصادية في العالم.

العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو

فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات متنوعة على الاقتصاد الروسي حيث طالت هذه العقوبات مختلف الشركات المالية والاقتصادية الروسية وكذلك تم فرض عقوبات على شخصيات روسية ذات طابع اقتصادي وسياسي. ونلخص أبرز هذه العقوبات بما يلي:

1- ابعاد روسيا من نظام “سويفت” المالي العالمي الذي يسمح بتحويل الأموال بشكل سهل وسلس بين الدول المختلفة مما سيحرم روسيا من الحصول على عائدات بيع النفط والغاز.

2- تجميد أصول عائدة ملكيتها الى البنك المركزي الروسي للحد من قدرة روسيا على استخدام مواردها المالية في الخارج.

3- تأسيس قوة تعمل للبحث عبر المحيط الاطلسي عن أصول روسية للعمل على تجميدها سواء كانت مملوكة لشركات عامة أو خاصة.

4- استهداف أكثر من 70 % من الأسواق المالية الروسية التابعة للقطاعين العام والخاص.

5- استهداف قطاعات الطاقة وذلك بمنع الصادرات التي تحتاجها روسيا لتطوير انتاج الطاقة لديها.

6- فرض الولايات المتحدة عدة عقوبات ضد مجموعة من البنوك الروسية وكذلك ضد شخصيات بارزة روسية.

7- تجميد أصول بنوك روسية وتوقيفها عن العمل في النظام المالي البريطاني.

8- اصدار قوانين تمنع الشركات الروسية من الحصول على أموال من الأسواق البريطانية.

9- وضع حد أقصى للمبالغ المالية التي يمكن للمواطنين الروس ايداعها في المصارف البريطانية.

10- فرض اليابان لعقوبات على مؤسسات وشخصيات روسية مع تعليقها لصادراتها الى روسيا في عدة مجالات.

هذه هي أبرز العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو علمًا أن القائمة تطول جدًا في عدة أطر وأوجه متشابهة الذكر فرضتها دول أخرى.

الاقتصاد الروسي قوي ومتين

كل هذه العقوبات الاقتصادية والمالية المتنوعة كانت متوقعة بالنسبة للحكومة الروسية التي كانت تعلم مسبقًا أن أي حرب تشنها على أوكرانيا سوف تتسبب لها بمثل هذه العقوبات، لذلك من الطبيعي أن تكون روسيا مستعدة لحماية اقتصادها ومواردها بشكل استباقي، وهنا أبرز مكامن القوة في الاقتصاد الروسي التي ستمكنه من الصمود طويلًا بوجه هذه العقوبات ونذكر منها:

1- تحتل روسيا المركز 11 عالميًا في قائمة أكبر اقتصاديات العالم بناتج محلي اجمالي يبلغ حوالي 1.57 ترليون دولار سنويًا.

2- يبلغ حجم الاحتياطات الأجنبية النقدية في البنك المركزي الروسي حوالي 623.2 مليار دولار.

3- تقدر حجم احتياطات الذهب في البنك المركزي الروسي بحوالي 630 مليار دولار وهو من الأعلى عالميًا في هذا المجال.

4- تحتوي روسيا على أكثر من 30 % من موارد العالم الطبيعية.

5- تقدر القيمة الاجمالية للموارد الطبيعية الروسية بحوالي 75 ترليون دولار وفقًا لتقديرات البنك الدولي.

6- تعتبر روسيا البلد الأول بالعالم من حيث امتلاك احتياطات الغاز الطبيعي بحوالي 49 ترليون متر مكعب.

7- تعتبر روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم بقيمة تقارب 18% من مجمل صادرات القمح العالمية.

8- تصدر روسيا سدس صادرات العالم من المواد المختلفة.

9- تمتلك روسيا القدرة الكبيرة على صناعة وتصدير الأسلحة المتطورة بما في ذلك الطائرات المقاتلة والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.

10- تعتبر روسيا في المرتبة الثانية عالميًا من حيث صادرات الأسلحة بعد الولايات المتحدة الأميركية.

خلاصة

لا شك أن العقوبات الاقتصادية على روسيا تعتبر قاسية ماليًا، والواضح مما تقدم أن روسيا تمتلك امكانيات اقتصادية وطبيعية هائلة تمكنها من الصمود بوجه هذه العقوبات لفترة زمنية طويلة، وهو ما يراهن عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مواجهته للغرب.

والملفت هنا أن معظم الدول الغربية تخشى من فرض أي عقوبات استراتيجية على قطاعي الغاز والنفط في روسيا لأنها تعلم مسبقًا أن ارتداد ذلك سيعود عليها بالدرجة الاولى، إن لجهة توفير الانتاج وايضًا لجهة عدم قدرتها على تحمل ارتفاع أسعار موارد الطاقة الذي سيتحول الى نار تضخمية تلهب القدرة الانتاجية، وكلفة الانتاج في كافة معاملها ومصانعها مما سيهدد الامن الاقتصادي والغذائي العالمي.

د. محمود جباعي