كاسترو: كونو أحراراً

كاسترو بعد ثورته المسلحة والإنقلاب علی باتيستا في 61، أخرج كوبا من نفوذ الأمريكان، وحارب العملاء ونفاهم خارج البلاد، ففقد الأمريكان السيطرة، فجن جنونهم، ولم يتقبلو الأمر، وحاولو الإطاحة به بكل الطرق، فدربو المعارضين وسلحوهم ودفعو بهم لقتاله في معركة سميت “معركة خليج الخنازير”، فكسبها كاسترو لصالحه.
بعد فشل المعارضين، قررت أمريكا غزو كوبا والتدخل بنفسها لإنها الحكم، وعند الإستطلاع ورصد الأهداف قبل الغزو، إلتقطت إحدی طائرات الإستطلاع صورا لقواعد صواريخ نووية موجهة الی أمريكا… صعقت أمريكا واهتزت عروشها وتزعزعت أركانها، وتراجعت عن غزوها فورا، فلم تكن تتخيل يوما أن تنصب في فناءها الخلفي صواريخ نووية.. فدخلت في مفاوضات مباشرة مع كاسترو، بعد أن كانت غير معترفة بثورته، ووقع الإتفاق علی سحب الصواريخ النووية مقابل التراجع عن الغزو وعدم التدخل مجددا ، وهو ما حدث فعلا.
بعدها في 62 فرضت أمريكا عقوبات وحصارا إقتصاديا مشددا علی كوبا التي كانت معتمدة علی أمريكا إقتصاديا.. كانت أضرار الحصار كارثية، ومرت كوبا بسنين عجاف وتراجعت العملة، وتم خفض مرتبات العاملين في الدولة، ولكنها لم تقدم أي تنازل، وظلت شامخة قوية، وجعلت شعارها الوطني: (( إما وطننا أو موتنا )).. واستطاعت أن تبني نفسها وأذهلت العالم في المجال الطبي، وجعلتهم يأتون اليها صاغرين طلبا للعلاج.
وبعد 60 عاما من الحصار والعقوبات، وبعد توالي 10 رؤساء أمريكيين، أتی أوباما الی كوبا، لإعادة العلاقات، ولم يستقبله رئيس كوبا في المطار، ولم يحفل به الكوبيون.
عالمنا كالغابة.. لا حياة فيه للضعفاء.. ولا مجال للحمقی.. لا يعترف إلا بالقوي.. ولا يحترم إلا الشجاع.. تسري عليه قاعدة داروين: البقاء للأصلح.
كوبا التي لديها من الكرامة ما يفوق حجمها، ضربت مثالا من الخيال في الصمود.. كوبا الصغيرة المتواضعة ذات ال11 مليون نسمة وقفت امام أمريكا الدولة العضمی ذات ال250 مليون نسمة، ودفعتها للتراجع والانكسار.
كوبا التي لم تعرف الإسلام تعطي درسا للمسلمين في المواجهة والعزة، وكاسترو لم يكن مسلما عندما قاوم الغزاة، ولم يقرأ التعليمات الإلهية بالتصدي للمعتدين، ولكن فطرته وبصيرته ووطنيته دفعته لذلك.
نحن الذين يفترض ان نضرب هذه النماذج ويتعلم منا العالم، لأننا وضع بين أيدينا دستورا سماويا يعلمنا بكل ما يقودنا الی التمكين، ويمكننا من القوة، ويوصلنا الی النصر.
حتما كان يوجد في زمن ثورة كاسترو من يطالب بالإستسلام امام الحصار.. حتما كان يوجد بين ال11 مليون كوبي مطالبون بالخضوع ناقمين علی الثوار لضعف الإقتصاد وتخفيض رواتب العاملين في الدولة.. حتما كان لديهم مثل أصحاب #موعدنا_الأحد وأصحاب #إلا_الراتب_فالراتب_حياة ، ولكن أين هم من كاسترو اليوم، أين هم من رمزيته ونظاله وكفاحه وإرتقاءه بشعبة في أحلك الظروف.. أين هم من مجده الذي إعترف به أعداءه الذين حاولو إغتياله أكثر من 600 محاولة،، ولم يمت الا علی سريره ليحقق إنتصارا آخر عليهم.. أين موقعهم في التاريخ منه؟..حتما إنهم في أسود صفحاته وهو في أبيضها.

بقلم سامي الأشول

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا