لليوم الرابع على التوالي، تستمر الحرب الروسية الأوكرانية بتقدم القوات الروسية بالسيطرة على مدينة جديدة في مقاطعة زابوروجي جنوب البلاد وسط مخاوف دولية كبيرة وجلسات طارئة متكررة لمجلس الأمن وجهود دولية حثيثة للوصول الى مفاوضات بين روسيا وأكرانيا.
وسيطرت القوات الروسية، يوم أمس الأحد، على مدينة بيرديانسك في مقاطعة زابوروجي، حيث أكد مستشار مكتب الرئيس الأوكراني، أليكسي أريستوفيتش، أن القوات الروسية استولت على مدينة بيرديانسك في مقاطعة زابوروجي غربي البلاد. وقال في إفادة صحفية إن “العدو احتل بيرديانسك، ولم تكن هناك قوات أوكرانية في المدينة التي تم الاستيلاء عليها”.
وأعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف أنه “خلال اليوم الماضي، أحكمت القوات الروسية سيطرتها على مدينتي خيرسون وبيرديانسك، وبلدة جينيشيسك ومطار تشيرنوبيفكا قرب خيرسون”. وأضاف أن “القوات الروسية لا تشن ضربات على المدن والبلدات، بل تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لإنقاذ أرواح المدنيين”.
وأفادت وكالة “نوفوستي” بأن جنود الجيش الأوكراني انسحبوا من مواقعهم مخلفين وراءهم أسلحتهم وعتادهم على خط التماس بعد هجوم شنته قوات دونيستك مدعومة بتغطية نارية من الجيش الروسي.
وأشارت الوكالة إلى أنه في ظل هجوم قوات جمهورية دونيتسك، ألقى عناصر الجيش الأوكراني على خط التماس مع قوات كييف أسلحتهم، وانسحبوا من مواقعهم تاركين وراءهم عتادهم. وأضافت أن المواقع التي أخلاها الجيش الأوكراني جنوب دونيتسك تم العثور فيها على قواذف مضادة للدبابات وقنابل يدوية وقذائف، ومخزون كبير من المؤن والمعدات.
على ذات السياق، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزارة الدفاع بإعلان حالة التأهب القصوى لقوات الردع الاستراتيجي النووية. جاءت توجيهات بوتين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف.
وشدد على أن هذه الخطوة تأتي ردا على مسؤولي الغرب الذين “لم يكتفوا باتخاذ خطوات عدائية اقتصادية وحسب، بل يدلي مسؤولوهم في حلف الناتو بتصريحات عدوانية ضد روسيا”.
عمدة كييف: نحن محاصرون
وأعلن عمدة كييف فيتالي كليتشكو إطباق القوات الروسية حصارها على محاور المدينة، لافتا إلى استحالة إجلاء السكان عن كييف حيث جميع الطرق مغلقة.
وقال في مقابلة مع “أ ب” الأحد ردا على سؤال عما إذا كانت هناك خطط لإجلاء المدنيين إذا تمكنت القوات الروسية من السيطرة على العاصمة الأوكرانية: “لا يمكننا فعل ذلك لأن كل الطرق مسدودة.. الآن نحن محاصرون”. وأفادت الوكالة بتسجيل توتر عام في المدينة حيث شرعت متاجر البقالة في الإغلاق، وتوقف مترو الأنفاق في المدينة عن العمل بعدما حولته السلطات إلى ملاجئ.
وبدأ حظر التجول الذي أمر به كليتشكو عند الغروب يوم السبت ومن المقرر أن يستمر حتى الساعة 8 صباحا على الأقل من يوم الاثنين، حيث أكد أن كل من ينتهك الحظر سيعتبر مخربا. وقال: “تحدثت للتو مع الرئيس فلاديمير زيلنسكي.. الجميع ليسوا على ما يرام”.
عقد جلسة طارئة
ووافق مجلس الأمن الدولي على عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول أوكرانيا اليوم الاثنين، حيث صوتت 11 دولة لصالح القرار وامتنعت 3 عن التصويت، فيما رفضت روسيا عقد الجلسة.
وقدمت الولايات المتحدة وألبانيا في وقت سابق مقترحا إلى مجلس الأمن لعقد اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في الوضع في أوكرانيا.
يشار إلى أن عددا من الدول الأوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة وغانا والغابون أيدت القرار، فيما رفضته روسيا، وامتنعت الإمارات والصين والهند عن التصويت. والتصويت على عقد جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة أمر إجرائي، ولا يؤثر فيه حق النقض “الفيتو”.
وكانت آخر مرة انعقدت فيها جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1997 بشأن الوضع في الأراضي الفلسطينية. ومنذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة، عقدت 10 جلسات من هذا القبيل حيث كل جلسة تنص على إمكانية عقد عدد غير محدود من الاجتماعات على مدى عدة سنوات.
سكان كييف تحولوا إلى مقاتلين بالإقتراب من مشارف العاصمة
وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” (The Financial Times) البريطانية إن سكان العاصمة الأوكرانية (كييف) تحولوا إلى مقاتلين بعد أن أصبحت القوات الروسية على أبواب المدينة ولم يعد هناك فرق واضح بين المتطوعين المدنيين وجنود الجيش الأوكراني المقاتلين.
وأورد مراسل الصحيفة جون ريد -في تقرير له من كييف- أن الطابق العلوي لإحدى العمارات المخصصة للمكاتب في العاصمة تحوّل إلى مستودع إمدادات عسكرية في حين حمل الأوكرانيون العاديون السلاح للدفاع عن مدينتهم في مواجهة الغزاة.
وأضاف أنه بعد 3 أيام من بدء العدوان الروسي على أوكرانيا شرع مسلحون يرتدون الزي العسكري، وقد لفوا أكمام قمصانهم بشريط أصفر لتمييز أنفسهم، في تنظيم دوريات وتقديم مساعدات للجنود المدافعين عن كييف بعد أن ضيّق جنود العدو الخناق على العاصمة. ويسود اعتقاد بوجود عملاء روس بالفعل في وسط المدينة.
وفي داخل إحدى غرف المكاتب التي هجرها ساكنوها بعد الهجوم الروسي، لم يكن هناك إلا المتطوعون وأسلحة آلية أُسندت إلى الجدران، في حين تناثرت على البلاط صناديق كانت تحتوي على طائرات مسيّرة معدّة لإرسالها إلى الجنود في جبهات القتال.
ووفقا للتقرير، فقد تجمع الشبان الأوكرانيون في الحانات والمطاعم والمواقع الأخرى في المدينة من أجل صنع قنابل مولوتوف، في حين شوهدت مركبات روسية ثقيلة متمركزة في ضواحي كييف. ويُعدّ بعض المدنيين المتطوعين من قدامى المحاربين الذين اكتسبوا خبرات قتالية إبان غزو روسيا لإقليم دونباس (شرقي البلاد) عام 2014.