ليت الربيعُ لم يَمُر من هنا !
في وطني إذا أردت أن تصيب شخصاً في مقتل، فيكفي أن تنقل عنه زوراً و بهتاناً في منشورٍ قصيرٍ جداً على أيٍّ من صفحات التواصل الإجتماعي مالم يقله أو حتى يفكر او له أصلاً رغبةٌ فيه كأن تقول عنه انه مثلاً توعَّد منطقةً ما أو هدد بإبادة او إستئصال فريقٍ ما او أي شئٍ من هذا القبيل، لتنهال على هذا المسكين بعد ذلك اللعنات و الشتائم بأقدح أنواعها بالمئات و الآلاف من كل حدبٍ وصوب و بلا هوادة ! عندها تكتشف للأسف الشديد حقيقة كم هناك في وطني من أغبياء !
بهكذا طريقة جيئ (بالربيع) إلى أوطاننا و بذاتها تسارعت أحداثه و تشعبت في شكل متوالية هندسيةٍ ضخمةٍ لم يتوقف تمددها إلى اليوم حتى غدا الكل يطعن و يقدح في الكل ليذهب مارك و إخوته بالشاة و البعير و نذهب نحن بالكراهية و الضغائن و الاحقاد لتكون المحصلة الأولية حتى الآن – رغم أننا لم نزل بعد في منتصف الطريق –
كما ترون هذا الضياع و الإنهيار الحاصل للأوطان و التهتك المستمر في النسيج الإجتماعي و السياسي للشعوب .
و لا ندري بصراحة كيف ستكون المحصلة النهائية في آخر المطاف ! إلا أنها لاشك ستكون كارثية علينا بكل المقاييس و هكذا هي الفوضى الخلّاقة كما أرادها لنا المستعمرون و الطامعون الجدد و ربما أننا قد جسدناها واقعاً أكثر بكثير مما كانوا يتوقعونه لنا !
المهم أننا إبتلعنا الطعم و وقعنا في الفخ الذي نُصب لنا بسبب حالة الوعي المتدني السائد لدي الناس و عدم الإكتراث بالنتائج و مئالات الأمور و كذلك الإستعداد الكامن و العجيب لإستعداء الآخر لأتفه و أبسط الأسباب ! و اليوم ها نحن ندفع ثمن حماقاتنا الباهض من أمننا و وحدتنا حتى أنه قد صار يُخَيَّل للمرء منا أنه لن نتعافى أو نقوم بعد هذا و لسان حاله يقول : ليت الربيع لم يمر من هنا !
بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي