لَم تَكَد هزائم بَني سعود وعيال زايد وانتكاساتهم المُخزيَة تُنتَسىَ في اليمن، حتى جاؤوا ليكرروا الخطأ نفسه مرَّة أُخرَىَ، ففي محاولة جديدة، لتثبيت أنفسهم وإثبات ذاتهم، بعد كل الهزائم التي تلقوها خلال سبع سنوات على يَد أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، حاولَ هَؤلاء فرض واقع عسكري جديد على الأرض.
في سياق المحاولة الجديدة استداروا نحو شبوة ومديرية حَرض ومناطق أخرى، بقوات عسكرية كبيرة مدعومة من سلاح الجو، هادفين تشتيت قوات أنصار الله ومحاولة الضغط عليهم، لتخفيف الضغط عن مدينة مأرب المحاصرة، والتي بدأت تعاني من الداخل مصاعب أمنية واقتصادية وعسكرية جَمَّة في ظل تململٍ قبائليٍّ وسكانيٍّ كبير، أصبحت أكبر من قدرة القاطنين من سكانها الأصليين والنازحين على الِاستمرار بالعيش والصمود أكثر، من دون الدخول بالكثير من التفاصيل الأخرىَ المهمة للغاية، كالِاغتصاب والقتل والخطف وفرض الخُوَّة وما إلى هنالك.
الِانتكاسة السعودية الإماراتية على جبهَتَي شبوَة وحَرض، أكّدت المؤكّدَ لديهم أنهم وصلوا إلى درجة الشلل التام، وأصبحوا عاجزين عن القدرة على تحقيق أي إنجاز عسكري، أو فرض واقع عسكري جديد، أو تسجيل ولو نصراً صغيراً قد يؤثر في رفع معنويات جنودهم ومرتزقتهم المنهارة.
اِستمرار الحرب في اليمن أصبح إستنزافاً لقدرات المملكة والدويلَة، وأمريكا تفرضُ اِستمرارها، اِنتقاماً من الحفاة الأبطال الذين أذاقوها طيلة سبع سنوات مُرَّ الطِّعان، وذلك بعد أن عجَزَت عن إقناع إيران بالضغط على حركة أنصار الله، وسُدَّت كل منافذ الأمل لديها.
وأمريكا هذه تفرض اِستمرار إشعال الجبهات، كونها لا تدفع أيَّ فِلسٍ من جيبها، ولأنها ليست الخاسر ميدانياً واقتصاديا، بل الرياضُ وأبو ظبي هما مَن تتكبدان تلك الخسائر، بالمليارات من الدولارات وبالأرواح، فيما مصانع أمريكا تعمل ليلَ نهارَ، لتبيع كامل إنتاجها من السلاح لأولئِكَ الفاشلين: ابنِ زايد وابنِ سلمان.
على المقلب الآخر، حكومة صنعاء استطاعت إدارة دَفَة الحُكم، وفرض الأمن وتيسير أمور الناس، رغم الحصار الخانق، قدر الإمكان، واتِّخاذَ القرارات الاستراتيجية التي تخص مستقبل اليمن، في ظل الاِنفجارات و دَويِّ المدافع التي تستهدف المدنيين، في أجواء شعبية حاضنة، تلتفُّ حولها وتؤيِّدُها بقوة.
ماذا فَرَضَت اليَمن من معادلات خلال هذه الحرب؟
ما حصل يؤكد أن لا محرمات بعد اليوم، ولا تستطيع السعودية أو أي دولة أخرى الِاعتداء على اليمن وتبقى بمنأى عن الرَدِّ القاسي، وأن لا أحد فوق رأسه خيمة، وأن الِاقتصاد بالِاقتصاد والأمن بالأمن، مهما كلفَ الأمر؛ كما فرَض اليمنيون واقع عسكري جديد على باب المندب، تمثَل بقدرتهم على المناورة والسيطرة بسرعه وقوة على المياه، التي تشكل معبراً للسفن التجارية والصهيونية منها.
وعلى صعيدٍ آخر، أضافت اليمن نقطة قوة كبيرة، لهلال المقاومة الممتد من طهران حتى بيروت، وثَبَّتَت نفسها كنجمة ساطعة في وسطهِ، لها وزنها الإقليمي.
جغرافيا اليمن الممتدة، من حفاف باب المندب حتى بحر عُمان، ومن سواحل عَدَن حتى الشريط الحدودي بينها وبين السعودية، هيَ اليوم حديث العالم، وأصبحت نقطة الِارتكاز العربي المقاوم “وكرباج” منطقة الخليج، ودورها القادم لن يقتصر على حماية البحار والممرات المائية، إنما هوَ دورٌ حيوي، سياسيٌّ واقتصاديٌّ وأمني، يربط البحر الأحمر بالمتوسط، والقارة الأفريقية بمنطقة الخليج، وستعتمد عليه دُوَل العالم أجمع، خصوصاً و أنّ اليمن الّذي سيخرج، بإذن الله من هذه الحرب، منتصراً عزيزاً قوياً مقتدراً، لا يشاركه أرضَه ولا ثرواتِه أحدٌ، ولا يُملي عليه أمراً سياسياً أي أحد، وسيطوِّر قوته الصاروخية والبحرية والجوية، ليصبحُ القوة الضاربة في منطقة الخليج (اليمني) بإذن الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. إسماعيل النجار