من السواحل السوريّة، ارادتها موسكو رسالة غير عادية الى واشنطن على متن مناوراتها ردّا على “السُّعار” وعمليات التجييش والتأليب غير المسبوقة ضدّ روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانيّة. تصدّر شويغو المشهد متابعا للتدريبات البحرية التي تضمنّت أكثر من 140 سفينة حربيّة، وأكثر من 60 طائرة و1000 وحدة عسكرية، ونحو 10 آلاف عسكري وأبرز فرقاطات وسفن روسية مضادة للغواصات.
ثمّة من رأى انّ تفاصيل زيارة شويغو الى سورية في هذا التوقيت “هامة جدا” بكلّ المقاييس. احدهم أدرجها في اطار “الإستعداد للحرب مع الولايات المتحدة”- وفق ترجيح الكاتب الروسي الكسندر نازاروف. حتى لقاء شويغو المفاجئ مع الأسد استوقف بعض المحللين السياسيين والعسكريين في تل ابيب. مراسلة الشؤون السياسية في قناة “كان” العبرية غيلي كوهين، رأت انّ شويغو قد يكون اودع الرئيس الأسد “كلمة سرّ” روسية لربما تتعلّق بإسرائيل، وكشفت انها حصلت على معلومات “دقيقة” من مصدرَين روسيَّين احدهما صحيفة Rusvesna، تشي ب “امر ما” ليس عاديّا تمّ التجهيز له في سورية ربطا بالتأزُّم والكباش الهائل الحاصل على ضفّة اوكرانيا!
الصحافي المتخصّص في الشأن العسكري لدى القناة إيتاي بلومنتال، الذي توقّف عند ما اسماه” الحنق الروسي غير المسبوق على اسرائيل” سيما بعد رفض موسكو الإستجابة للطلب الإسرائيلي بوقف التشويش في الأجواء “الإسرائيلية”، ذكر من يعنيهم الأمر في الدوائر “الإسرائيلية” انّ سورية منخرطة ايضا في المعركة بين الحروب التي تنتهجها “اسرائيل”، وتعلم الأخيرة جيدا حجم الضّربات التي سدّدتها سوريا في المرمى “الإسرائيلي” في اطار هذه المعركة بعيدا عن الضوضاء الإعلامي.
ففي حين يتوقّع محلّلون سياسيون وعسكريون روس ان تلجأ الولايات المتحدة الى عمليّات استفزاز ضدّ روسيا في اوكرانيا، تذهب مصادر روسية مواكبة الى ترجيح ان يتمّ تحريك جماعات متطرّفة في سورية بإيعاز اميركي لاستهداف الرّوس. وهو ما تلقّفته موسكو التي أعلنت على لسان نائب وزير خارجيتها اوليغ سيرومولوتوف يوم الأحد الماضي، “انّ قوات روسية في سورية تملك معلومات عن وجود خطط لدى الإستخبارات الأميركية لتعبئة متطرّفين نائمين لتنفيذ عمليات ضدّ قوات الأمن السورية، وعسكريّي روسيا وايران”!
في المقابل، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي الرّوسي الكسندر نازاروف، انّ الرّد الروسي يجب ان يتركز على الإحتلال الأميركي لجزء من الأراضي السورية “حيث يعمل الإرهابيون بحريّة هناك”، واعتبر انّ الردّ الأمثل الذي على الرئيس بوتين فعله، هو مبادرته الى “تمشيط” تلك المنطقة وطرد الأميركيين من سورية. “وإذا وقف الجنود الأميركيون الى جانب الإرهابيين، فيتعيّن تدميرهم ايضا”-بحسب قوله.. وإذ لم يستبعد ان يلجأ الأميركيون مرّة اخرى الى عمليات استفزاز “كيماوية” بمساعدة جماعة” الخوذ البيضاء” لاتهام الرئيس الأسد وروسيا، كما لا يستبعد ايضا ما اسماه” تنسيق الولايات المتحدة لأيّ نوع من التخريب” على الجبهة الأوكرانية، مثل افتعال انفجار في محطّة نووية اوكرانية، او تسميم الرئيس الأوكراني بسمّ”نوفيتشوك”، اعتبر نازاروف انّ بحوزة روسيا اوراقا هامة تردّ بها على واشنطن في سورية، “ومنها سوف تُطرد قريبا من الشرق الأوسط”- وفق ترجيحه.
وعليه، باتت الأمور مفتوحة على كل الإحتمالات ربطا بالحاجة الأميركية الماسّة الى حرب ضدّ روسيا لكن بالوكالة.. فالرئيس الأميركي الذي يُدرك خطورة انحدار الوضع الإقتصادي في الولايات المتحدة، وحيث وصل التضخّم الى 7 فاصل خمسة بالمئة اضافة الى انهيار شعبيّته على خلفية خروج القوات الأميركية المذل من افغانستان، لا يجد بدّا من الهروب الى الأمام.. وعدم توفير اي وسيلة لجرّ روسيا ودفعها الى ما لا يحمد عقباه.
يبقى السؤال ليس ازاء ماذا ستفعل روسيا من الآن وصاعدا حيال القواعد والقوات الأميركية في شمال شرق سورية، بل هل ستكون القواعد والقوات الأميركية في العراق ايضا بعيدة عن دائرة التهديد؟ وماذا عن ساحات اخرى في المنطقة؟.. هذا من دون اغفال ما رشح من معلومات صحافية روسية وُصفت ب “الدقيقة”، تحدّثت عن احداث مرتقبة “من العيار الثّقيل”، قد تكون باكورتها قريبا في احدى الدول الخليجية المطبّعة، “وعدم استبعاد اقتراب عمليّة امنيّة غير مسبوقة يُسجلها حزبُ الله في المرمى “الإسرائيلي” -وفق ما نقلت المعلومات عمّا اعتبرته” مصادر حليفة لروسيا في المنطقة”.
ــــــــــــــــــــــ
ماجدة الحاج