ليست وليدة لحظتها تلك المواقف اليمنية التي خلدها التأريخ وما زال في أنصع صفحاته المجيدة، جهاد وعبادة، استقامة وتضحية، والسابقون السابقون، كل تلك الصفات تجلى فضلها في الأنصار الصادقين، فكانت ”جمعة رجب“ كرامة من الله لهم إذ دخلوا في دين الله أفواجا طوعا لا كرها، ملسمون حنيفيون، مجاهدون في سبيل الله على مر العصور والأزمنة.
بدأ مشوارهم الإيماني في ركاب وصي رسول الله ـ صلوات الله عليه واله ـ الإمام علي ـ عليه السلام ـ، “ولو كنت بوّابا على باب الجنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام”، وذلك هو الفضل العظيم، ومن ذاك الباب قد دخل اليمانيون عبق الدين وسطروا ملاحم بطولية ما زال أثرها قائما حتى اليوم، إذ يتجلى في المواقف العظيمة لليمنيين ومواجهتهم لعتاولة الظلم والهوان، وإقامة القسط والكفر بمشروع اليهود المعتدين.
فما جاء به الإمام علي ـ عليه السلام ـ من دعوة بتوجيه رسالة النبوة تحوّل إلى ثقافة انغرست في أفئدة اليمنيين، لذلك، فـ الوعي والحكمة القرآنية اقترنا ببعظهما ليكونا طريقا واضحا للعبور من أزمات الفكر والثقافات الباطلة والمغلوطة للوصول إلى بر النجاة والالتحاق بسفينة النجاة والمتمثلة بآل البيت ـ عليهم السلام.
هاهم اليمانيون وبعد عصور مضت يقفون ذات المواقف، فـ الواقع اليوم يتحدث عن أن في اليمن أمة عظيمة عصية متجلدة مسلمة مرتبطة بالقرآن الكريم ومتأصلة بهوية إيمانية يمانية إسلامية، عجزت أمة الكفر ودول الطاغوت عن الوقوف بوجه مشروع هدايتهم والذي تفرع إلى دول أخرى والمتمثل من وعي وبصيرة وتضحية وجهاد وتمسك بدين الله ومبادئ القرآن الكريم والتي جاء بها جميع من أرسلهم الله من رسله في رسالة واضحة للعالمين.
فهذه المناسبة العظيمة تعتبر محطة للذكرى وللعبرة والعظة والوقوف مع مشروع الله في الأرض، حيث قدر لعباده الحرية والعيش بكرامة، مخلصين له الدين، كما أنها توضح المغالطات الغربية لحروبهم الناعمة والتي فصلت الدين عن الدولة وخلقت سياسات هي النفاق والرياء والسمعة بحد ذاتها، مستهدفة المسلمون في توجهاتهم وأخلاقياتهم وانتمائهم الذي كان من المفترض به أن يكون باتجاه قبلة الله الواحد الاحد، لذلك نجد الأمة اصبحت أمم والقضية تعددت وتفرعت إلى قضايا والدولة إلى دويلات والعدو إلى صديق حميم، والولاء الذي حذر الله منه اصبح مشروع اسموه “التطبيع” وهكذا..، وكانها حرب المفردات التي استخدمها العدو أولا واخيرا.
ـ ختاما:
لنا كـ أمة مسلمة في هذه المناسبة الكثير من الدروس والعبر والتي يجب أن تركز عليها الأمة الإسلامية بشكل عام، لتكون محطة تربوية للعودة إلى الله والارتباط بمشروعه العظيم والكريم في الحياة، والسير ضمن أفق مشرق بالهداية القرآنية والتي جاء بها الإمام علي ـ عليه السلام ـ إلى اليمن ـ لتكون هناك البشرى العظيمة، وليتكرر التاريخ كرامة وعودة إلى الله للعالمين وليذهب المشروع الصهيوني من حيث أتى، إلى دهاليز الماسونية الشيطانية وإلى مزبلة التاريخ، والعاقبة للمتقين.
إكرام المحاقري