لم يعد هناك ما يمكن أن تخفيه القوات المسلحة اليمنية أو تدخره للحيلولة دون توسيع نطاق الحرب وإطالة أمدها طالما استمر التحالف في حربه وجبروته، لقد وجدت صنعاء نفسها أمام خيار لطالما تجنبته أملا في أن يكون التحالف قد استوعب درس سبع سنوات من حرب عبثية شنها على بلاد تُعاني اقتصاديًا، تؤمن بالسلام رغم المعاناة، وتبدي فرص إنهاء الحرب شريطة إنهائها ورفع الحصار، لتقابل عروض صنعاء بالرفض والتعنت وتوسيع دائرة الحرب.
القوات المسلحة اليمنية ظلت تقاوم وتوجه الضربات الصاروخية للسعودية، ردًا على قصف الأخيرة للمدنيين واستهداف اليمن بعشوائية مفرطة، لإيجاد موطئ قدم في مساحة نصر عسكري ولو بسيط، يُمكنها من الخروج مع ولي عهدها محمد بن سلمان بكرامة بعد فشلها العسكري جوًا وبحرًا وبرًا.
مسار جديد لحرب لا تنتهي
التحول الأخير في مسار الاستهداف اليمني بالصواريخ والطيران المسير، نحو الإمارات، له دوافعه ومبرراته القوية، عقب النشاط العدائي لأبوظبي وتحريك قواتها برًا في محافظتي شبوة ومأرب شرقي اليمن وجوًا بمعاودة طيرانها استهداف العاصمة صنعاء والمحافظات.
لقد لجأت القوات المسلحة إلى الخيار الذي تأخر كثيرًا رغم اعتباره مطلبًا شعبيًا، وهو ضرورة ضرب أي دولة تشترك في الحرب على اليمن، وبالذات الإمارات الحليف القوى للسعودية في حربها، والتي أعلنت انسحابها من اليمن 2019م،
بينما كانت قد دربت 90 ألف مقاتل وزودتهم بالسلاح لتشكيل ميليشيا الحزم الأمني والدعم والإسناد والنخبتين الشبوانية والحضرمية، بالإضافة إلى تشكيل ما أسمتهم بقوات العمالقة، ما يعني أنها لم ترفع يدها بشكل رسمي عن اليمن، في سيناريو رسمته بعناية لتعود الآن بشكل صريح، في محاولة قد لا تكون الأخيرة، لإنقاذ حليفتها السعودية من الغرق تمامًا في مستنقع اليمن.
لم يعد أمام الإمارات وسط التصعيد الأخير من قبل اليمن، إلا خيار واحد وهو الانسحاب النهائي من الحرب، بعد استهداف أبو ظبي ودبي بضربات دقيقة استهدفت منشآت حيوية، كان لها وقع عالمي، البعض اعتبره إنجازاً مذهلا لصنعاء، خاصة وأن الإمارات بلد تبني عرشها على استثمارات الشركات العالمية والإقليمية، والتي بات ملاكها يخشون من استمرار الضربات وإعادة الإمارات إلى خط الصفر الذي بدأت منه.
بنك أهداف حيوية
لقد حددت القوات المسلحة اليمنية بنكًا من الأهداف الإماراتية الحساسة، وظهر الناطق باسم قواتها العميد سريع، محذرًا الإمارات من إمكانية ضرب أهم منشآتها مالم توقف عدوانها على اليمن، لقد كانت الإمارات في منأى عن صواريخ ومسيرات اليمن، وكانت في غنى عن تهديد اقتصادها بالقصف الباليستي.
اكسبو دبي أحد أهداف القوة الصاروخية لليمن
ومع كل تلك المعطيات، تواصل الإمارات تعزيز تعاونها مع الاحتلال الإسرائيلي، فتقدمت بطلب للحصول على أنظمة دفاعية ومنظومات إنذار مبكر، بل وفي خضم التنسيق العسكري مع الكيان الصهيوني، استضافت أبو ظبي رئيس الكيان يتسحاق هرتسوغ هذا الأسبوع، ولم تستقبله الحكومة الإماراتية، فحسب ، بل وكان لصواريخ صنعاء دور في ذلك الاستقبال، وهي الرسالة التي أرادت اليمن إيصالها إلى الإسرائيليين قبل الإمارات.
الغريب أن لجوء الإمارات إلى الاحتلال الإسرائيلي، قوبل بذعر في صفوف الكيان، حيث عبرت وسائل إعلام عبرية، عن حالة القلق الشديد التي تعيشها تل أبيب؛ جراء استهداف أبوظبي وبالذات قاعدة الظفرة التي تُعد مركزًا عسكريًا لقادة القوات الأمريكية.
كما وصفت وسائل الإعلام العالمية الوضع في الإمارات بالكارثي، عقب الاستهداف، وأن ما حصل له تأثير على السمعة باعتبار البلد الخليجي مستندًا على سمعته وملجأ آمن لجذب الشركات المتعددة الجنسيات وملايين العمال المغتربين الذين يشكلون العمود الفقري للاقتصاد الإماراتي، الذي لم يعد آمنًا وغير قادر على تحمل المزيد من الضربات.
هذه المرة لن تفلح الإمارات في اختلاق مبررات، تستعيد من خلالها أنفاسها كما حصل سابقًا، حين أعلنت الانسحاب، تدرك القوات اليمنية الآن، أن التحالف كلما أعلن عن خطوة يدعي فيها التهدئة سعيًا للسلام، فهو يواصل اللعب خلف الكواليس للبحث عن حلول تقيه ضربات الصورايخ الباليستية والطيران المسير،
فآخر ما حاولت أبوظبي الحصول عليه هو نظام (القبة الحديدية) ماركة إسرائيل التي فشلت في صد صواريخ المقاومة الفلسطينية، بينما لا تزال الإمارات غارقة في وهم التصدي لغضب بلد وشعب مظلوم يُقتل ابنائه وأطفاله، بينما تتحدث الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن عن طريقة لإيصال الدقيق والزيت إلى المطحونين بالصمت الدولي.
تحليل/ وكالة الصحافة اليمنية