“ناصر وبحاح” بدلا عن “هادي ومحسن” .. خمسة جنوبيون يخوضون مارثون السباق على كرسي حكم اليمن .. “دغر وحبتور” يتصارعان على الحكومة والصراع على الرئاسة محصور بين “علي وخالد”
ما إن أزيح الستار مؤخرا عن خطة جون كيري واتفاق مسقط بناء على خارطة ولد الشيخ الأممية للحل الشامل للصراع في اليمن .. وتركيز بنودها على تنصيب رئيس جديد يتموضع بعد زمن وجيز بدلا عن الخائن عبدربه منصور وتعيين نائب للرئيس بدلا عن الجنرال الهارب علي محسن تسند اليه الصلاحيات الرئاسية ويباشر تكليف حكومة جديدة حدد تشكيلها مطلع 2017 من جميع الأطراف .. حتى تقافز الى واجهة المشهد عددا من الوجوه والأسماء والشخصيات على نحو لافت يعكس مدى طموح هؤلاء على التموضع على عرش حكم اليمن .
هادي يكاد الجزم بمغادرته مع نائبه محسن السلطة نهائيا كقناعة توصلت لضرورتها الدول الراعية الكبرى والاقليمية بما فيها ربما السعودية التي تقود تحالف العدوان على بلادنا تحت عنوان دعم شرعية هادي دونما نجاحها في ذلك عسكريا وتعقيدات الواقع اليمني المستعصية من كل الجوانب على بقاء هادي رئيسا بعد عامين من الحرب عززت الرغبة الداخلية في التوصل الى تسوية سياسية منصفة وقناعة الخارج بضرورة ايجاد المخارج التوافقية بأي وسيلة وايقاف ما يسمونه الاقتتال العسكري .. لكن هادي يسعى للبقاء لفترة اخرى ويتعمد من اجل ذلك المماطلة ورفض الموافقة على خارطة الامم المتحدة وخطة وزير الخارجية الأمريكي ورعاية سلطنة عمان لإتفاق الحل الشامل .
بالمقابل يعمل خالد بحاح لتقديم نفسه كبديل أنسب للتموضع على كرسي الرئيس المؤقت طامحا بجموح غير معلن في اختياره بموقع نائب الرئيس واسع الصلاحيات .. آملا بذلك العودة الى موقعه الأخير الذي أقاله منه كنائب رئيس هادي عقب إقالة أخرى سبقتها لبحاح من رئاسة الحكومة واستبداله بشخص بن دغر بذريعة عدم احتفاظ بحاح بمنصبي رئيس الحكومة ونائب الرئيس وهي الذريعة التي تمكن هادي عبرها في التخلص الكامل من خالد بحاح بإقالته وتعيين علي محسن نائبا بدله بطريقة درامية أثارت موجة خلافات بين الامارات والسعودية محوري التآمر على اليمن حين وجدت ابوظبي رجال الرياض عبدربه ومحسن يركلون رجلهم بحاح الى خارج الحلبة .. بالرغم من ان هذه اللعبة وغيرها عززت التصدعات بشكل أكبر بين أطراف العمالة الموالون للمملكة والمتواجدون داخل فنادقها .. مما أدى الى انفجار الخلاف بين جناحي المؤتمر والاصلاح هناك بصورة ألقت بظلالها على الجانب العسكري المتصل بقوى جيش المقدشي وهاشم الأحمر واليافعي وتصاعد المشاكل الأمنية والعسكرية بين فصائل الألوية المسلحة في الجنوب وتعز ومأرب ونجاح الإماراتيين عبر السلفيين والحراكيين على فرض معادلتهم هناك بإحكام القبضة على الإدارة العسكرية على تفاصيل الحياة في المحافظات الجنوبية وضرب الرياض تحت الحزام في كل من تعز ومأرب وعلى طاولة المفاوضات السياسية عبر أذرعتها المدعومة من عيال زايد .
خطة وخريطة واتفاقيات الحل السياسي الشامل تنطلق جميعها من نقاط إجماع ثلاث .. رئيس ونائب جديدان من خارج القوى المتصارعة وحكومة جديدة بمشاركة جميع المتصارعين .. وهو ما فاقم حالة التحفز المنقسم سلبا بالعرقلة للمستهدفين بالإزاحة .. وايجابا بالتواجد للطرف الثالث المشار اليه في خارطة ولد الشيخ بتولى مهام حيوية .
انحصر هذا التحفز فقط لدى القيادات اليمنية المتواجدة في الخارج بشقيها الموالي للعدوان والملتزم الحياد .. فيما القيادات الوطنية داخل اليمن في جبهة مواجهة العدوان فلم يبرز من جانبها أية اشارات متحفزة تجاه النقاط الثلاث .. اذ لا اعتراض ولا ملامح طموح من أي طرف لدى انصارالله وحزب الزعيم علي عبدالله صالح .. وانشغالهما بإدارة شئون البلاد والحرب من صنعاء عبر مجلسهما التحالفي الأعلى برئاسة صالح الصماد الذي كان في مقدمة المرحبين بالإتفاقات الأخيرة رغم ان خطة كيري واتفاق مسقط جاء ليقطع الطريق على تشكيل وشيك لحكومة الصماد برئاسة بن حبتور التي صار مصيرها مجهولا انتظارا لحكومة وطنية بعد شهرين على ضوء خارطة الحل الشامل .
حكومة 2017 المنتظرة لم تتضح معالمها حتى الآن .. والى من ستناط رئاستها في ظل تنازع شخصيتين حكومتى منفى تعمل من الرياض وثانية تراوح مكانها في صنعاء تقف بمنتصف الطريق مع رئيسها المكلف عبدالعزيز بن حبتور .. وبين الحكومتين ؛ حكومة وزراء قائمين بالأعمال كلفتها لجنة ابواحمد الحوثي الثورية العليا بتسير العمل الحكومي يرأسهم طلال عقلان واسند المجلس السياسي الأعلى اليهم مهام مواصلة تسيير الأعمال .. في حين يعجز احمد بن دغر وحكومته من ادارة أعمالهم من داخل الاراضي اليمنية وعجزوا مرات كثيرة من البقاء في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم .. وبن دغر الذي وصل قبل اسبوعين الى مأرب ومعه عدد من وزراءه عاد سريعا الى الرياض وقبلها كان قد اضطر للهروب من عدن وتعرض للطرد من حضرموت وفشل وزراء شماليون في حكومته من الإقامة في عدن التي لم يتمكن حتى علي محسن من زيارتها ومحافظي تعز والبيضاء والجوف وشبوة ومحافظات أخرى لم يتمكنوا من ممارسة وظائفهم او التواجد في تلك المناطق التي يفرضون سيطرتهم عليها او أجزاء منها .
خالد بحاح في الأسابيع الأخيرة استحوذ على الساحة نسبيا .. من خلال عدد من الجولات الخارجية الى ألمانيا والاردن وبريطانيا ومصر .. يبدو انها دفعت كل من هادي الى زيارة جيبوتي وعلي محسن الى زيارة السودان وبن دغر الى مأرب لإبراز حضور كل منهم وإظهار فاعلتيه في الساعات الأخيرة لرحلة الأفول المتوقع .
وينشط بالتوازي مع هذه التحركات فريق يؤطر نفسه تحت مسمى الكيان الثالث .. وكان التقاء العشرات منهم الاسبوع الماضي في حفل أقامه في القاهرة رجل الأعمال شاهر عبدالحق بمناسبة زفاف نجله .. مؤشرا على وجود نوع من الترتيبات وأفكار العمل لدى هذا الطرف المتعدد الانتماءات والارتباطات مع قوى سياسية محلية واقليمية وأجنبية ينفذون أجندة محددة وسيناريوهات تخدم مصالح الخارج وتضعها كأولوية .
أما علي ناصر محمد الرئيس الجنوبي الأسبق الماسك على العصى من المنتصف منذ خروجه منتصف الثمانينات من الحكم .. فهو الأكثر حذرا والأوفر حظا .. حذر من اتخاذ موقف واضح وقطعي مع أي طرف بما فيه الحراك الجنوبي .. ومحظوظ بقبول معظم الأطراف به كمرشح توافقي لرئاسة اليمن .. لكنه في كل مرة لا يتخذ قرارا نهائيا بهذا الشأن رفضا او موافقه .. ويفضل ترك الابواب مفتوحة دون إغلاق فيما يتعلق بموضوع وجوده في السلطة والعروض التي يلوح بها الأطراف نحوه من حين ﻵخر .
قبل أيام عاود ناصر الظهور في خضم التدافع السياسي المتحدم .. وكعادته دوما ؛ يتخذ من الصحافة والإعلام رافعة لإيصال رسائله ولفت الأنظار إليه بذكاء يجعل الجميع يعلمون عن وجود رجل يحب أن يقول : أنا هنا .
الجنوبيون الخمسة .. هادي وناصر وبحاح وحبتور وبن دغر .. ينفردون بالحلبة السياسية ويمضون بها الى حيث لا يدري أحد .. ممسكين بفانتازية مثيرة للقراءة بمربعات اللعبة .. رئاسيا وحكوميا .. بتبادل احترافي للأدوار داخل ملعب صراع صاخب ممتد من الرياض الى عدن دون قطع خط العودة او شعرة معاوية مع صنعاء التي انقطعت خطوطها وشعرة تواصلها بشكل شبه نهائي مع الجنوب الذي صار لا يتقبل أي شمالي بما فيهم المحسوبون على هادي والمناصرون والمؤيدون لشرعيته !!
المصدر: صحيفة الديار| صنعاء