لن تتوقّف الهجمات اليمنية على الإمارات خلال الفترة المقبلة، إلّا بتوقّف الأخيرة عن «كافّة عملياتها العدائية» وانسحابها الكامل وغير المشروط من اليمن. هذا ما تُجمع عليه مصادر أصحاب القرار في صنعاء. أمّا في المقلب الآخر، فقد بدأ القلق يتصاعد لدى مسؤولي الإمارات وقاطنيها، حتى بات السؤال عن الاستقرار الأمني ومستقبل بيئة الأعمال في البلاد، شائعاً بعد عمليّتي «إعصار اليمن».
وبحسب أكثر من مصدر مسؤول في صنعاء، فإن «ما بعد العمليّتَين المذكورتَين لن يكون كما قبله»، إذ إن «تأديب الإمارات أصبح خياراً لا رجعة عنه». وتُحذّر المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، من أنه «من دون الانسحاب من كافّة أرجاء اليمن، على حُكّام الإمارات أن يستعدّوا لعمليات أوسع نطاقاً في عمْق هذه الدويلة، خلال الفترة المقبلة»، مشيرة إلى أن «صنعاء تمتلك الحجّة الكاملة والقدرة العالية لاستهداف مواقع حسّاسة إماراتية ستتجاوز إماراتَي أبو ظبي ودبي إلى الشارقة وعجمان ورأس الخيمة، وستطاول كافة موانئ الإمارات».
ووفق المعلومات، فإن وزارة الدفاع بصنعاء «أدرجت العشرات من الأهداف العسكرية والاقتصادية الإماراتية الجديدة ضمن بنك أهدافها»، فيما ستكون دبي خصوصاً مُعرّضة «لهجمات أكبر وأقسى» – ألمح إلى ذلك العميد يحيى سريع أمس بذكره معرض «إكسبو دبي» – (لم تُستهدَف إلى الآن بواسطة صواريخ مجنّحة؛ حرصاً من قيادة «أنصار الله» على إيذائها بشكل محدود باعتبارها ليست صاحبة القرار الرئيس في استمرار العدوان)، بعدما ارتفع سقف الجيش و«اللجان الشعبية» من دعوة الشركات الأجنبية إلى عدم الاستثمار في الإمارات كونها أصبحت «دولة غير آمنة»، إلى نُصح تلك الشركات بمغادرة هذا البلد حتى لا تتعرّض للخطر، علماً أن دبي تُعدّ واحدة من أكثر المدن العربية جذباً للاستثمارات الأجنبية.
والجدير ذكره، هنا، أن هذه الإمارة استُهدفت، أيضاً، في عملية «إعصار اليمن الثانية» بعدد من طائرات «صماد 3» طويلة المدى، والتي تتميّز بقدرات قتالية عالية، وهو ما لم يَذكره البيان الرسمي الإماراتي، كما غاب عن الإعلان الأميركي الذي تحدّث عن «اعتراض» صاروخَين يمنيَين أُطلقا على قاعدة الظفرة الجوّية في أبو ظبي، وجعلا القوات الأميركية تهرع إلى تحصيناتها، طبق ما اعترف به المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط.
للمرة الأولى يشعر بعض سكان أبو ظبي بالقلق حيال الوضع الأمني
إزاء ذلك، اعتبر مركز «ستراتفور» الأميركي للدراسات الأمنية والاستخباراتية، أن الهجمات على الإمارات قد تؤدي إلى سلسلة من الضربات التي ستقوّض سمعة البلاد كمركز تجاري آمن، لافتاً إلى أن الإماراتيين يخشون من إثارة مواجهة عسكرية قد تخيف السائحين والشركات والمستثمرين، وهي ركائز أساسية لاستراتيجية الدولة للتنمية الاقتصادية.
إلا أن القلق بدأ يتسلّل بالفعل إلى نفوس قاطني الإمارات، إذ قالت وكالة «رويترز» إنه «للمرة الأولى يشعر بعض سكان أبو ظبي بالقلق حيال الوضع الأمني بعد هجومين صاروخيين في غضون أسبوع على عاصمة دولة الإمارات التي تزخر بالأبراج الشاهقة والمتاحف العالمية بجانب حلبة لسباقات فورمولا 1».
ونقلت الوكالة العالمية عن محلل في بنك في دبي، طلب عدم نشر اسمه، أن «الأمر يبعث على القلق، لكنني بصراحة لا أرى الكثير من المناقشات على أرض الواقع حول هذه المسألة».
كما نقلت عن طالبة طب أميركية تدعى تاليا ريفيرا، تدرس في الإمارات، قولها: «انتقلت إلى هنا اعتقاداً مني بأن الوضع سيكون أقل فوضوية هنا.
بشكل عام أشعر بالأمان لكني لا أعرف كيف سيتصاعد الوضع». وكانت السفارة الأميركية في الإمارات، حثّت، في تحذير أمني نادر، مواطنيها في هذه الدولة الخليجية على «الحفاظ على مستوى عالٍ من الوعي الأمني».
فيما نقلت «رويترز» عن المديرة في برنامج الاقتصاد والطاقة في «ميدل إيست إنستيتيوت»، كارين يانج، اعتبارها أن «أمن مجلس التعاون الخليجي له الآن حسابات للمخاطر تقترب ممّا نعرفه في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط»، مشيرة إلى مخاطر محتملة على خطوط أنابيب الطاقة والمنشآت الإنتاجية والطيران المدني.
الاخبار اللبنانية