بصورة مفاجئة، وبعد سنوات من التكهنات، بدأ حزب الإصلاح، جناح الإخوان المسلمين في اليمن، أخيرا البحث في صنعاء عن تحالف مع “الحوثيين” فهل هي مقدمة لنهاية الحرب أم أنها انعكاس طبيعي لإدراك الحزب مؤامرات التحالف تجاه اليمن، وما إمكانية تأثير التحالف الجديد على سير الحرب التي تقودها السعودية منذ 7 سنوات؟
القيادي في حركة أنصار الله، علي القحوم، نشر في وقت متأخر من مساء الأربعاء، صورة تجمعه بقيادات في حزب الإصلاح، على رأسها فتحي العزب رئيس الدائرة الإعلامية السابق للحزب، وهي المرة الأولى، منذ بدء الحرب على اليمن في مارس من العام 2015، وانحياز الحزب للتحالف، التي ينشر فيها صورة تجمع الطرفان، فما أبعادها؟
بغض النظر عما دار خلال اللقاء الذي يبدو أنه خصص لمناقشة ترتيبات مرحلة جديدة خلال الفترة المقبلة، يشير التئام الطرفين من حيث التوقيت إلى عدة رسائل، أبرزها أن الإصلاح الذي تعرض توا لصفعات كبيرة في شبوة ويتعرض لضغوط تحجيم في حضرموت قرر أخيرا حسم موضعه بالعودة إلى صنعاء وقد إدرك بأنه الهدف الرئيسي من الحرب التي استنزفت القوى اليمنية في إطار مخطط لإضعاف البلد وابقائه فريسة للقوى الدولية والإقليمية التي تتوق للاستحواذ والهيمنة على مقدراته.
هذه الصورة تشير إلى أن علاقة الإصلاح بالتحالف قد وصلت إلى مفترق طرق و لا مجال للعودة، فحتى وأن كانت قيادات الحزب مقيمة في صنعاء فتحركها ما كان ليتم لولا ضوء اخضر من قياداتها العليا خصوصا إذا ما اخذ في الاعتبار حالة الجمود في أنشطتها خلال السنوات الماضية، وقد تكون تتويجا لتطورات عسكرية ميدانية على الأرض في ضوء الاتهامات للإصلاح بتسليم المناطق الحدودية في الجوف عبر سحب قواته وضم أخرى إلى صنعاء، وقبلها الاتهامات له بالانسحاب من بيحان وعسيلان وعين في شبوة وقبلها الجوف ونهم ومناطق أخرى.
من الناحية العملية، هذه الصورة قد تشكل رد قوي على التحالف الذي حاول في مؤتمر متحدث قواته تركي المالكي إثارة المذهبية عبر استدعائها في محاولة لجر عناصر الحزب إلى مستنقع القتال من ناحية أما من ناحية أخرى، فقد تشكل الصورة بداية لمتغيرات عسكرية على أرض الواقع قد لا تقتصر على مدينة مأرب، أبرز معقل الحزب، والتي تقترب قوات صنعاء منها بل أيضا على سير المعركة في جنوب وشرق اليمن حيث يسابق التحالف الوقت لترتيب وضع فصائله هناك لإنشاء حزام يحول دون سقوط تلك المناطق التي تعد آخر معاقله في اليمن وابرز الأوراق التي يناور بها حاليا لتمرير أجندة في اليمن او تهديد وحدته.
على مدى السنوات الماضية من عمر الحرب، كان الإصلاح راس حربة التحالف، وهو الوحيد الذي ظل يدفع بكل ثقله لتحقيق مكاسب على الأرض باعتباره من القوى الكبرى في اليمن، لكن اليوم وقد أصبح الإصلاح مستنزفا يحاول البحث له عن مستقبل في صنعاء في ظل مساعي التحالف إقصائه من المشهد تماما، لكن وبغض النظر أيضا عن دور الحزب خلال الفترة المستقبلية قد يشكل أي تقارب مع “الحوثيين” مقاربة لالتئام القوى اليمنية وردم الهوة التي يحاول التحالف العبور من خلالها لتنفيذ اجندته في هذا البلد.