على رغم تصعيد تحالف العدوان السعودي – الإماراتي عمليّاته الجوّية أخيراً ضدّ ما يقول إنها ورش الصواريخ والمسيّرات ومخازنها، تتواصل الضربات اليمنية المُوجّهة إلى عُمق المملكة، فيما تتسارع وتيرة إسقاط طائرات التجسّس في الداخل اليمني. تطوّراتٌ تستبطن عدّة دلالات، لعلّ أبرزها أن العروض التي كانت تَقدّمت بها صنعاء لإرساء تهدئة جوّية متبادلة مع الرياض، قد لا تدوم على الطاولة إلى ما لا نهاية.
خلافاً لما كان عليه الحال في السنوات الماضية، باتت الدفاعات الجوّية التابعة لقوات صنعاء قادرةً على إسقاط طائرات التجسّس المتطوّرة التابعة للتحالف السعودي – الإماراتي، الأمريكية والصينية الصُنع، بوتيرة عالية. وهو ما يعزوه مراقبون إلى التطوّر اللافت الذي طرأ، تدريجياً، على تلك المنظومة منذ عام 2017، ودخول أسلحة دفاع جوّي جديدة في الخدمة، الأمر الذي أكده المتحدّث الرسمي باسم الجيش «واللجان الشعبية»، العميد يحيى سريع، خلال إعلانه إسقاط ثاني طائرة تجسّسية صينية، من طراز «CH4»، الأربعاء، بواسطة صاروخ أرض – جوّ، لم يتمّ الإعلان عن نوعيّته بعد.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من إيجاز صحافي آخر، تناوَل خبرَ إسقاط طائرة تجسّس أمريكية الصُنع من طراز «سكان إيغل» في أجواء محافظة مأرب، ما رفع عدد الطائرات التجسّسية التي أوقعتها قوات صنعاء خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى 19، بعضها باهظ الثمن، ما يدفع تحالف العدوان إلى استهداف حطامها بعدّة غارات، كما حدث الأسبوع الماضي عقب إسقاط الدفاعات الجوّية اليمنية طائرة مسيرّة هجومية متطوّرة في أجواء منطقة العمشية بين محافظتَي صعدة وعمران، بواسطة صاروخ أرض – جوّ، لم يتمّ الإعلان عن طرازه.
إزاء ذلك، أكّد المتحدّث باسم حركة «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام، في تغريدة على «تويتر»، أن «قدرات القوات المسلّحة اليمنية، ومنها الدفاعات الجوّية، في تطوّر مستمرّ»، معتبراً «ما يتحقّق ميدانياً من إنجازات آخرها إسقاط طائرتَين من نوع Scan Eagle الأميركية الصُنع، وCH4 الصينية الصُنع، دليلاً على هذا التطوّر »، محذراً من أن «على العدو أن يدرك ألّا خيار أمامه سوى المبادرة بإعلان وقف العدوان ورفع الحصار».
وقُرئت هذه التصريحات على أنها مؤشّر إلى نيّة صنعاء في تصعيد عمليّاتها في ذلك المجال، وهو ما سيغلق الباب أمام إمكانية إحياء معادلة «وقْف القصف مقابل وقْف الهجمات»، والتي كانت «أنصار الله» جدّدت طرحها عبر الوسيط العُماني أواخر حزيران ومطلع تموز الفائتَين. وفي هذا الإطار، تؤكّد مصادر مطّلعة في صنعاء أن الجيش و«اللجان»، يواصلان منذ ما بعد عملية السابع من كانون الأول، «هجماتهما ضدّ أهداف حسّاسة عسكرية واقتصادية في عمق المملكة من دون توقّف»، في ظلّ أنباء عن إدراجهما مدينة «نيوم» ومنشآت اقتصادية سعودية جديدة، ضمن بنك أهدافهما.
ويعتقد مستشار وفد صنعاء التفاوضي، جمال عامر، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الجيش واللجان تمكّنا من تحقيق توازن ردع جوّي، على الرغم من فارق التسليح والدعم العسكري التقني الأمريكي غير المسبوق» تحالف العدوان السعودي – الإماراتي، معتبراً أن «الانشغال بسجالات حول المواقع التي استهدفتها الصواريخ اليمنية في العمق السعودي ردّاً على تصاعد العدوان، لا معنى له قياساً بالأهداف التي يتمّ تحقيقها».
مضيفاً أن «حجم الاستنزاف الكبير لترسانة الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن، أوصل إلى فقر شديد في المخزون الاحتياطي، وهو ما دفع بالنظام السعودي إلى الاستنجاد بدول الخليج ومنها قطر، والولايات المتحدة، لمدّه عاجلاً بالصواريخ الاعتراضية من نوع باتريوت».
ويأتي هذا التصاعد في عمليات قوّات صنعاء على رغم تكرار تحالف العدوان، في الأيام الأخيرة، الحديث عن استهداف ورش الطائرات المسيّرة والصواريخ ومخازنها التابعة للجيش واللجان، ومنها ما قال إنها منظومة دفاع جوّي يتمّ تجريبها في مطار صنعاء، وهو ما نفته الأخيرة.
وفي خضمّ ذلك، يرتفع معدّل الغارات الخاطئة التي تستهدف قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في وقت يُواصل فيه المتحدّث باسم «التحالف»، تركي المالكي، الدفاع بأن الضربات «مركّزة وتُحقّق أهدافها بدقّة». إلّا أنه مساء الأربعاء، تعرّض رتل عسكري تابع لقوات المرتزقة للاستهداف بـ«نيران صديقة» من الطيران الحربي السعودي، ما أدّى إلى مصرع 26 مقاتلاً. وسبق ذلك، بأيّام، استهداف عشوائي لمواقع تلك القوات في وادي ذنة والروضة ومناطق أخرى في جنوب مأرب، تسبّب بمقتل العشرات أيضاً.
الاخبار اللبنانية