قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الحكومة السعودية تستخدم أول سباق للجائزة الكبرى فورمولا 1 في المملكة والحفلات الموسيقية والفعاليات المصاحبة لها بين 3 و5 ديسمبر/كانون الأول 2021 لصرف الانتباه عن انتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان.
وأكدت المنظمة في بيان لها أنه للوفاء بالتزاماتها الحقوقية وتجنب المساهمة في “غسل” سمعة الحكومة السعودية، على مجموعة فورمولا 1 والفنانين المشاركين استغلال هذه المناسبة لحثّ السلطات السعودية علنا على إطلاق سراح المعارضين السعوديين ونشطاء حقوق الإنسان المحتجزين ظلما.
بمن فيهم المحتجزات والمحتجزون أو أولئك الخاضعون لقيود بسبب الدعوة إلى الحق في القيادة، أو رفض المشاركة في فعاليات الفورمولا 1.
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى مجلس إدارة فورمولا 1 ستيفانو دومينيكالي، والرئيس التنفيذي تشيس كاري، ورئيس “الاتحاد الدولي للسيارات” جان تود لطلب اجتماع حول الأزمة الحقوقية في السعودية.
قال مايكل بَيْج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “تبذل الحكومة السعودية قصارى جهدها لدفن انتهاكاتها الحقوقية الشنيعة خلف العروض الفنية والأحداث الرياضية”.
وتابع “ما لم تعبر مجموعة فورمولا 1 والفنانين المشاركين عن مخاوفهم بشأن الانتهاكات السعودية الجسيمة، سيخاطرون بتعزيز جهود الحكومة السعودية الممولة جيدا لتلميع صورتها، رغم الزيادة الكبيرة في القمع على مدى السنوات القليلة الماضية”.
في ظل الحكومة التي يرأسها فعليا ولي العهد محمد بن سلمان، شهدت السعودية أسوأ فترة قمع في تاريخها الحديث بحسب المنظمة الدولية.
نظرا للانتقادات غير المسبوقة التي واجهتها في السنوات الأخيرة بسبب انتهاكاتها الحقوقية، أدركت الحكومة السعودية أن استضافة المشاهير العالميين والفعاليات الترفيهية والرياضية الكبرى هي وسيلة قوية لغسل سمعتها.
من بين المشاركين الرئيسيين في العروض التي ستقدم في سباق الجائزة الكبرى للسعودية 2021، جاستن بيبر، وجايسون ديرولو، وآيساب روكي، ودافيد غيتا. حثّت هيومن رايتس ووتش بيبر وآخرين على التحدث علنا عن القضايا الحقوقية أو الامتناع عن المشاركة.
منذ 2017، اعتقلت السلطات تعسفا عشرات المعارضين السياسيين، ونشطاء حقوق الإنسان، وناشطات حقوق المرأة وغيرهم. تُخضع السلطات بعض عائلات المعارضين لعقوبات جماعية واسعة.
في العام الماضي، أفرجت السلطات السعودية عن الناشطات الحقوقيات البارزات لجين الهذلول، ونسيمة السادة، وسمر بدوي، ونوف عبد العزيز، بعد اعتقالهن ظلما قرابة ثلاث سنوات بتهم تجرّم أنشطتهن الحقوقية.
النساء الأربع، إلى جانب نساء أخريات أطلق سراحهن أيضا، كن قد ناضلن طويلا من أجل حق المرأة في القيادة، وهو إصلاح أدخلته الحكومة السعودية بعد أسابيع فقط من شروعها في حملة قمع منسقة واسعة ضد حركة حقوق المرأة.
ما تزال الناشطات محكومات بالسجن مع وقف التنفيذ، وممنوعات من السفر، وممنوعات من متابعة عملهن الحقوقي أو التحدث علنا عن معاملتهن أثناء الاحتجاز.
كما تواصل الحكومة السعودية الاستهزاء بالمساءلة الدولية على جريمة القتل الوحشية التي ارتكبها عملاء الدولة بحق الصحفي جمال خاشقجي في 2018.
وعلى الرغم من بعض الإصلاحات الخاصة بالنساء والشباب، تظهر الانتهاكات المستمرة أن سيادة القانون في السعودية لا تزال ضعيفة ويمكن تقويضها عندما تشاء ذلك القيادة السياسية للبلاد.
كاستراتيجية متعمدة لتشتيت الانتباه عن كون السعودية دولة تنتهك الحقوق على نطاق واسع، وللتعويض عن تأثير التدقيق والتقارير من قبل منظمات حقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيين المحليين، تنفق السعودية مليارات الدولارات على استضافة الفعاليات الدولية الكبرى.
بينما يمكن استخدام هذه المبادرات لأغراض مفيدة، تستخدم السعودية هذه الفعاليات التي تمولها الحكومة مع المشاهير والفنانين والرياضيين لتلميع سجلها الحقوقي السيئ وتشتيت الجهود لمحاسبة قيادتها على هذه الانتهاكات.
منذ قتل خاشقجي، رفض العديد من المشاهير والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي المشاركة في الفعاليات في السعودية، مبررين ذلك بسجلها الحقوقي المروع.
من بينهم: نيكي ميناج، وإميلي راتايكوفسكي، ومارثا هانت، وجون سينا، ودانييل بريان. علق ريتشارد برانسون شراكته مع السعودية في مشروعه للسياحة الفضائية.
في مارس/آذار 2019، أعادت وكالة المواهب “إنديفر” استثمارا بقيمة 400 مليون دولار من “صندوق الثروة السيادية” السعودي.
تتعرض الشركات، بما فيها الهيئات الرياضية، والمشاهير لضغوط متزايدة من المعجبين والجهات الراعية لعدم إقامة الفعاليات الكبرى لدى مضيفين منتهكين للحقوق يسعون إلى غسل سمعتهم، بما في ذلك السعودية.
أقامت فورمولا 1 سباق الجائزة الكبرى في مواقع أخرى حيث يوجد خطر قوي بأن تستخدم الحكومة الحدث لغسل انتهاكاتها الحقوقية، منها أذربيجان والبحرين، بينما تدعي أنها “ملتزمة باحترام حقوق الإنسان المعترف بها دوليا في عملياتها على مستوى العالم”.
اعتقلت قوات الأمن البحرينية تعسفا العديد من المتظاهرين وشخصيات المعارضة البارزة على مر السنين في الفترة التي سبقت السباق السنوي في البحرين.
قُتل صلاح عباس حبيب برصاص قوات الأمن أثناء احتجاجه على سباق الجائزة الكبرى في 2012.
في يونيو/حزيران 2018، اعتُقلت الناشطة نجاح يوسف، وعُذبت، وحُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات بسبب نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي، بما يشمل منشورات معارضة للفورمولا 1، بسبب استخدام الحكومة السباق للتغطية على القمع.
يقول “إعلان حقوق الإنسان” للفورمولا 1 إنه “سيركز جهوده فيما يتعلق بالمجالات التي تقع ضمن نفوذه المباشر”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الدعوة إلى الإفراج غير المشروط عن النشطاء والمعارضين الذين ما زالوا محتجزين بسبب نشاطهم السلمي يقع ضمن دائرة التأثير المباشر للفورمولا 1.
تتطلب سياسة الفورمولا 1 أيضا أن تأخذ في الاعتبار تأثير أنشطتها على حقوق الإنسان وأن تبذل العناية الواجبة لمنع الانتهاكات.
تنص “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان” على أن المؤسسات التجارية، بما يشمل الفنانين والمشاهير ومقدمي العروض الدوليين، تتحمل مسؤولية تجنب التسبب في الآثار الضارة بحقوق الإنسان أو المساهمة فيها من خلال الأنشطة التي تضطلع بها، وأن تعالج هذه الآثار عند وقوعها وأن تسعى إلى منعها.
يُظهر إنشاء “مركز الرياضة وحقوق الإنسان” في جنيف مؤخرا واعتماد “الفيفا”، الهيئة الحاكمة للاتحاد الدولي لكرة القدم، سياسة داخلية لحقوق الإنسان تحولا ملحوظا في فهم العالم الرياضي أن قواعد حقوق الإنسان تنطبق عليه أيضا.
قال بَيْج: “نظرا إلى التغطية غير المسبوقة لسجل حقوق الإنسان السعودي المروع على مدى السنوات القليلة الماضية، لا يمكن لأي فنان أو هيئة رياضية دولية القول إنهم لم يكونوا يعرفون. السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت فورمولا 1 ستسمح للحكومة السعودية باستغلال عملياتها لتلميع صورتها”.