دراسة: الفقر يقصّر العمر
كشفت دراسة جديدة أجريت في المناطق الفقيرة والثرية في إنكلترا، عن تكاليف اللامساواة الاجتماعية الحقيقية: حياة أكثر مرضاً وأقصر بـ 10 أعوام.
قام مركز دراسة أبحاث The King’s Fund بتحليل البيانات المرتبطة باللامساواة الاجتماعية في منطقتي وستمنستر الثريّة وبلاكبول الفقيرة، فتبيّن بأنّ متوسط العمر المتوقع لدى الذكور في وستمنستر قد ازداد بين عامي 2001 و2003، و2018 و2020، بمعدل 7.4 أعوام، لينتقل من 77.3 إلى 84.7 عام.
بينما في بلاكبول، وهي حيث توجد الأحياء الثمانية من أصل أفقر 10 أحياء في كامل إنكلترا، فلم يزد متوسط العمر المتوقع في الفترة ذاتها إلّا 2.1 عام من 72 إلى 74.1 عام. يعني هذا أنّ فجوة العمر المتوقع بين المكانين قد ارتفعت ممّا يزيد قليلاً عن خمسة أعوام، إلى 10.7 أعوام في أقلّ من عقدين.
أمّا بالنسبة للنساء، فكانت الفجوة بين المكانين في الفترة ذاتها قد ارتفعت من 3.9 إلى 8.1 عام.
أشارت مجموعة كبيرة من الدراسات الأكاديمية المرتبطة بمتوسط العمر، إلى أنّ التقشف الذي قررته الحكومة وأدّى لتخفيض الخدمات الصحية والأساسية، هو السبب الرئيسي لعدم المساواة الداخلية.
غالباً ما تبدو التأثيرات الاجتماعية للفقر والحرمان مجردة، ولا سيما بسبب حجمها. فمن الصعب أن تلتف حول زيادات من خمسة أرقام في الوفيات وارتفاع معدلاتها.
المحددات الاجتماعية للتفاوت في الصحة موجودة في كل مكان في المنطقتين: معدل الوفيات المبكرة مرتبطة بالعيش في منازل غير مدفأة أو غير معزولة جيداً. العيش في أماكن مكتظة يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي والاكتئاب والقلق.
في المناطق الأكثر حرماناً من العاصمة، يرتفع تركيز ثاني أكسيد النتروجين، وهو أحد ملوثات الهواء التي تقضي على حياة 28 إلى 36 ألف إنسان سنوياً، مع زيادة بنسبة 24% في المناطق الأكثر حرماناً عن المناطق الأقل حرماناً، حيث يؤدي عدم الوصول إلى المساحات الخضراء جزئياً إلى تلك النتيجة. والقائمة تطول.
في 2019، تمّ اعتبار 140 ألف حالة وفاة – ما يقرب من ربع جميع الوفيات – كان بالإمكان تجنبها من خلال الرعاية الصحية الفعالة. كان لدى بلاكبول أعلى معدلات الوفيات للذكور من هذه الفئة للسنة الخامسة على التوالي، مع 349.7 حالة وفاة لكلّ 100 ألف ذكر. بينما سجلت منطقة هارت الغنية 246.5 حالة وفاة في كل 100 ألف حالة.
جميع المقاييس تشير إلى أنّ الأكثر ثراء هو بصحة فضل.
تنسحب اللامساواة إلى المرافق الخدمية. كمثال: مستشفى الملكة إليزابيث حصل على تصنيف غير ملائم، حيث إنهم غير قادرين على تحمل تكاليف إصلاح السقف، والذي يستند على 200 دعامة لمنعه من الانهيار. تضاعف عدد المرضى في مستشفى الملكة إليزابيث بأكثر من الضعف في السنوات التي تلت 2010. لا تقدم هذه المستشفيات الخدمات ذاتها التي تقدمها المستشفيات الموجودة في مناطق الأثرياء، ومنها كمثال تقديم علاج لمرضى السرطان.
ليست هذه مشكلات غير قابلة للحل، وحقيقة أن التفاوت قد ازداد في السنوات العشر الأخيرة هو خير دليل على ذلك، وليس علينا إلا اتخاذ الإجراءات السياسية والاجتماعية التي تعكس اتجاه اللامساواة.