تشير تقارير ميدانية من مدينة مأرب إلى أن المجاهدين باتوا أقرب من أي وقت مضى للسيطرة على مرتفعات “الملا” الاستراتيجية. وبحسب المصادر، تجري حاليا اشتباكات عنيفة على هذه الجبهة، حيث حققت قوات المقاومة اليمنية تقدما ملموسا نحو المرتفعات حتى الآن، كما وأفادت بعض وسائل الإعلام اليمنية الى أن العد التنازلي لتحرير المدينة الاستراتيجية قد بدأ بالفعل.
ووسط انهيار دفاعات تحالف العدوان في مديرية الجوبة ومنطقة العمود، تمكّنت قوات صنعاء من نقل المعركة من المدخل الجنوبي لمدينة مأرب إلى بوّابتها الجنوبية. إذ سقطت مساحات صحراوية وقرىً ما بين المدخل والبوابة بأيدي الجيش واللجان الشعبية، بعد معارك عنيفة مع قوات هادي التي دفعت بكلّ ثقلها لإعاقة التقدّم هذا. وبالرغم من هذا التقدم، تأمل أن حركة أنصار الله بشخص زعيمها عبد الملك الحوثي بدخول المدينة دون اقتتال. وفي هذا السياق قالت عدد من الوسائل إعلامية أن القبائل المآربة تنسق مع حركة أنصار الله حول وضع خيار اقتحام مدينة مأرب عسكرياً ليكون الخيار الأخير حقناً للدماء.
انشقاق قبائل
وفي هذا الصدد، انشق 1500 مقاتل عن تحالف العدوان في مأرب وتوجهوا الى صنعاء. وكتب نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني، حسين العزي، على تويتر، “عاد قرابة 1500 جندي من أبناء مأرب الأحباء إلى صنعاء، نكرم وصول هؤلاء الأحباء ونقول لهم إنكم مرحب بكم في عاصمتكم وعائلتكم ومنطقتكم”. من جهة أخرى، انشق العقيد “يحيى محسن دردخ” مسؤول أمني من مأرب مع عدد من رجاله عن قوات هادي معرباً عن انضمامه الى قوات صنعاء.
وفي الوقت نفسه، التقى وفد من قبائل العبدية ومأرب وشبوة، مع قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي. وأمر السيد القائد خلال الاجتماع بالإفراج عن الأسرى في العبدية، كما دعا المسؤولين المحليين في محافظتي مأرب وشبوة إلى الاهتمام بالمواطنين في المناطق المحررة. كما دعا سكان العبودية وجميع المناطق المحررة إلى قبول السلام العام والعمل مع الحكومة المركزية لإرساء الأمن والاستقرار في البلاد.
وفي آخر التطورات الآتية من شرق صنعاء، فان قوات الجيش واللجان الشعبية تمكنت من اختراق اخر خطوط دفاع قوات المرتزقة في الجبهة الصحراوية الواسعة، لتقترب من الخط الدولي الرابط بين محافظتَي مأرب وحضرموت. كما أكدت المصادر أن “قوات الجيش واللجان حققت اختراقاً عسكرياً مهماً سيمكّنها من قطع آخر خطوط الإمداد الوحيد لقوات هادي شمال مأرب”.
أهمية تحرير مأرب
مع تحرير مأرب، تصبح العين على شبوة، التي ستتحرر بسهولة كبيرة. محافظة شبوة المطلة على بحر العرب والغنية بموارد النفط والغاز. لديها بنية تحتية لنقل وتصدير النفط والغاز وهي أكبر مصدر لصادرات الغاز الطبيعي المسال في اليمن. إن تحرير شبوة سيمكن حكومة صنعاء من السيطرة الاستراتيجية على بحر العرب والمحيط الهندي، وهو مكان للملاحة التجارية والعسكرية الدولية ما سيضع النفط السعودي وناقلات النفط السعودي امام خطر الاستهداف المباشر من قبل المقاومة اليمنية.
كما ان تحرير مأرب سيضع الجماعات الانفصالية في عدن في منعطف حرج، خاصة بعد وضع الجيش واللجان الشعبية اليد على مديرية شبوة، مما يسمح لها التحكم بموارد المحافظة من النفط والغاز. وهو ما سيحرم الجماعات الحاكمة في عدن من النفط والغاز الامر الذي سيكون بمثابة ضربة كبيرة لهم ولمشروعهم الانفصالي. كما ان تحرير مأرب سيسهل تحرير شرق اليمن وسيتم تقليص المنطقة الجغرافية الخاضعة لسيطرة حكومة عبد ربه منصور هادي.
خيارات أمريكية لورطة بن سلمان
في مواجهة هذا التقدم، قد تلجأ الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى خيارات، بما في ذلك التدخل المباشر بالسلاح الجوي الأمريكي لمنع الجيش اليمني واللجان الشعبية من التقدم إلى مأرب وساحة سفير. وتجدر الإشارة، إلى أن هذه الخطوة ستعرض القواعد العسكرية الأمريكية في السعودية لخطر الصواريخ اليمنية.
على أيّ حال، من غير المعلوم حتى الآن مدى استعداد بن سلمان ومن خلفه أمريكا للاعتراف بالهزيمة. إذ طوال فترة الحرب، لم يستطع بن سلمان مغادرة الشروط الإلغائية ومنطق الغلبة والفوز. وعلى رغم من فقدانها الكثير من الأوراق، إن لم يكن معظمها، على مرّ سنوات الحرب، سواءً لناحية الخريطة الميدانية أو المزاج العالمي، إلّا أن الرياض بقيت أسيرة المربّع الأوّل. فهل يتغير ذلك بعد تحرير مأرب؟
ـــــــــــــــــــــــــ
فيصل التويجري